بازگشت

باب المعاد


عن جابر الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام قال: «اذا أراد الله قبض روح الكافر قال: يا ملك الموت انطلق أنت و أعوانك الي عدوي، فاني قد ابتليته فأحسنت البلاء، و دعوته الي دار السلام فأبي الا أن يشتمني، و كفر بي و بنعمتي، و شتمني علي عرشي فاقبض روحه حتي تكبه في النار، قال: فيجيئه ملك الموت بوجه كريه كالح، عيناه كالبرق الخاطف، و صوته كالرعد القاصف، لونه كقطع الليل المظلم، نفسه كلهب النار رأسه في السماء الدنيا و رجل في المشرق و رجل في المغرب، و قدماه في الهواء معه سفود [1] كثير الشعب، معه خمسمائة ملك معهم سياط من قلب جهنم، تلتهب تلك السياط و هي من لهب جهنم؛ و معهم مسح أسود و جمرة من حجر جهنم، ثم يدخل عليه ملك من خزان جهنم يقال له «سحقطائيل» فيسقيه شربة من النار، لا يزال منها عطشانا حتي يدخل النار، فاذا نظر الي ملك الموت شخص بصره و طار عقله، قال: يا ملك الموت أرجعون، قال: فيقول ملك الموت: «كلا أنها كلمة هو قائلها» قال: فيقول: يا ملك الموت فالي من أدع مالي و أهلي و ولدي و عشيرتي و ما كنت فيه من



[ صفحه 124]



الدنيا فيقول: دعهم لغيرك و اخرج الي النار، و قال: فيضربه بالسفود ضربة فلا يبقي منه شعبة الا أنشبها [2] في كل عرق و مفصل، ثم يجذبه جذبة فيسل روحه من قدميه بسطا فاذا بلغت الركبتين أمر أعوانه فأكبوا عليه بالسياط ضربا، ثم يرفعه عنه فيذيقه سكراته و غمراته قبل خروجها؛ كأنما ضرب بألف سيف، فلو كان له قوة الجن و الانس لا شتكي كل عرق منه علي حياله، بمنزلة سفود كثير الشعب ألقي علي صوف مبتل، ثم يطوقه فلم يأت علي شي ء الا انتزعه، كذلك خروج نفس الكافر من عرق و عضو و مفصل و شعرة، فاذا بلغت الحلقوم ضربت الملائكة وجهه و دبره و قيل: «أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون علي الله غير الحق و كنتم عن آياته تستكبرون» و ذلك قوله «يوم يرون الملائكة لا بشري يومئذ للمجرمين و يقولون حجرا محجورا» [3] فيقولون: «حراما عليكم الجنة محرما، و قال: تخرج روحه فيضعها ملك الموت بين مطرقة و سندان فيفضخ أطراف أنامله و آخر ما يشدخ [4] منه العينان، فيسطع لها ريح منتن يتأذي منه أهل السماء كلهم أجمعون فيقولون لعنة الله عليها من روح كافرة منتنة خرجت من الدنيا، فيلعنه الله و يلعنه اللاعنون، فاذا أتي بروحه الي السماء الدنيا أغلقت عنه أبواب السماء و ذلك قوله: «لا تفتح لهم أبواب السماء و لا يدخلون الجنة حتي يلج الجمل في سم الخياط و كذلك نجزي المجرمين» يقول الله: «ردوها عليه فمنها خلقتهم و فيها أعيدهم و منها أخرجهم تارة أخري)، فاذا حمل سريره حملت نعشه الشياطين فاذا انتهوا به الي قبره قالت كل بقعة منها: اللهم لا تجعله في بطني حتي يوضع في



[ صفحه 125]



الحفرة التي قضاها الله فاذا وضع في لحده قالت له الأرض: لا مرحبا بك يا عدو الله أما و الله لقد كنت أبغضك و أنت علي متني و أنا لك اليوم أشد بغضا و أنت في بطني، أما و عزة ربي لأسيئن جوارك و لأضيقن مدخلك و لأوحشن مضجعك و لأبدلن مطعمك؛ انما أنا روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران، ثم ينزل عليه منكر و نكير و هما ملكان أسودان أزرقان يبحثان القبر بأنيابهما و يطئان في شعورهما، حدقتاهما مثل قدر النحاس و كلامهما مثل الرعد القاصف و أبصارهما مثل البرق اللامع فينتهرانه و يصيحان به فيتقلص نفسه حتي يبلغ حنجرته فيقولان له: من ربك و ما دينك و من نبيك و من امامك؟ فيقول: لا أدري قال: فيقولان: شاك في الدنيا و شاك اليوم، لا دريت و لا هديت، قال: فيضربانه ضربة فلا يبقي في المشرق و لا في المغرب شي ء الا سمع صيحته الا الجن و الانس، قال: فمن شدة صيحته يلوذ الحيتان بالطين و ينفر الوحش في الخياس [5] ولكنكم لا تعلمون.

قال: ثم يسلط عليه حيتين سوداوتين زرقاوتين تعذبانه بالنهار خمس ساعات و بالليل ست ساعات لأنه كان يستخفي من الناس و لا يستخفي من الله فبعد لقوم لا يؤمنون، قال: ثم يسلط الله عليه ملكين أصمين أعميين معهما مطرقتان من حديد من نار، يضربانه فلا يخطئانه، و يصيح فلا يسمعانه الي يوم القيامة، فاذا كانت صيحة القيامة اشتعل قبره نارا فيقول: لي الويل اذا اشتعل قبري نارا، فينادي مناد: ألا الويل قد دنا منك و الهوان، قم من نيران القبر الي نيران لا تطفي ء، فيخرج من قبره مسودا وجهه مزرقة عيناه، قد طال خرطومه و كسف باله، منكسا رأسه يسارق



[ صفحه 126]



النظر فيأتيه عمله الخبيث فيقول: و الله ما علمتك الا كنت عن طاعة الله مبطئا و الي معصيته مسرعا قد كنت تركبني في الدنيا فأنا أريد أركبك اليوم كما كنت تركبني و أقودك الي النار قال: ثم يستوي علي منكبيه فيركل قفاه حتي ينتهي الي عجزة جهنم، فاذا نظر الي الملائكة قد استعدوا له بالسلاسل و الأغلال قد عضوا علي شفاههم من الغيظ و الغضب، فيقول: «يا ليتني لم أوت كتابيه» و يناد الجليل جيئوا به الي النار، فصارت الأرض تحته نارا و الشمس فوقه نارا، و جاءت نار فأحدقت بعنقه، فنادي و بكي طويلا يقول: و اعقباه، قال: فتكلمه النار فتقول: أبعد الله عقبيك عقبا مما أعقبت في طاعة الله، ثم تجي ء صحيفة تطير من خلف ظهره و تقع في شماله، ثم يأتيه ملك فيثقب صدره الي ظهره، ثم يفتل شماله الي خلف ظهره، ثم يقال له: اقرأ كتابك، قال: فيقول: أيها الملك كيف أقرأ و جهنم أمامي؟ قال: فيقول الله دق عنقه و اكسر صلبه وشد ناصيته الي قدميه، ثم يقول: خذوه فغلوه قال: فيبتدره لتعظيم قول الله سبعون ألف ملك غلاظ شداد، فمنهم من ينتف لحيته و منهم من يحطم عظامه قال: فيقول: أما ترحموني؟ قال: فيقولون: يا شقي كيف نرحمك و لا يرحمك أرحم الراحمين، أفيؤذيك هذا؟ قال: فيقول: أشد الأذي، قال: فيقولون: يا شقي و كيف لو قد طرحناك في النار؟ قال: فيدفعه الملك في صدره دفعة فيهوي سبعين ألف عام قال: فيقولون: «يا ليتنا أطعنا الله و أطعنا الرسول» قال: فيقرن معه حجر عن يمينه و شيطان عن يساره، حجر كبريت من نار، يشتعل في وجهه و يخلق الله له سبعين جلدا كل جلد غلظته أربعون ذراعا بذراع الملك الذي يعذبه، و بين الجلد الي الجلد أربعون ذراعا و بين الجلد الي الجلد حيات و عقارب من نار و ديدان من نار رأسه مثل الجبل العظيم، و فخذاه مثل جبل ورقان - و هو جبل بالمدينة - مشفره أطول من مشفر



[ صفحه 127]



الفيل، فيسحبه سحبا و أذناه عضوضان [6] بينهما سرادق من نار تشتعل، قد أطلعت النار من دبره علي فؤاده، فلا يبلغ درين [7] سامهما حتي يبدل له سبعون سلسلة، للسلسلة سبعون ذراعا، ما بين الذراع الي الذراع حلق عدد القطر و المطر، لو وضعت حلقة منها علي جبال الأرض لأذابتها، قال: و عليه سبعون سربالا من قطران من نار، و تغشي وجوههم النار، و عليه قلنسوة من نار، و ليس في جسده موضع فتر الا و فيه حلقة من نار، و في رجليه قيود من نار، علي رأسه تاج ستون ذراعا من نار، قد نقب رأسه ثلاثمائة و ستين نقبا، يخرج من ذلك النقب الدخان من كل جانب و قد غلي منها دماغه حتي يجري علي كتفيه يسيل منهما ثلاثمائة نهر و ستون نهرا من صديد، يضيق عليه منزله كما يضيق الرمح في الزج، فمن ضيق منازلهم عليهم و من ريحها و شدة سوادها و زفيرها و شهيقها و تغيظها و نتنها، اسودت وجوههم، و عظمت ديدانهم فينبت لها أظفار كأظفار السنور و العقبان تأكل لحمه، و تقرض عظامه، و تشرب دمه، ليس لهن مأكل و لا مشرب غيره.

ثم يدفع في صدره دفعة فيهوي علي رأسه سبعين ألف عام حتي يواقع الحطمة فاذا واقعها دقت عليه و علي شيطانه و جاذبه الشيطان بالسلسلة كلما وقع رأسه نظر الي قبح وجهه، كلح في وجهه، قال: فيقول: «يا ليت بيني و بينك بعد المشرقين فبئس القرين» ويحك بما أغويتني أحمل عني من عذاب الله من شي ء فيقول: يا شقي كيف أحمل عنك من عذاب الله من شي ء و أنا و أنت اليوم في العذاب مشتركون.

ثم يضرب علي رأسه ضربة فيهوي سبعين ألف عام حتي ينتهي الي عين يقال لها: آنية يقول الله تعالي «تسقي من عين آنية» و هي عين ينتهي



[ صفحه 128]



حرها و طبخها و أوقد عليها منذ خلق الله جهنم، كل أودية النار تنام و تلك العين لا تنام من حرها و تقول الملائكة: يا معشر الأشقياء ادنوا فاشربوا منها، فاذا أعرضوا عنها ضربتهم الملائكة بالمقامع، و قيل لهم: «ذوقوا عذاب الحريق - ذلك بما قدمت أيديكم و أن الله ليس بظلام للعبيد».

قال: ثم يؤتون بكأس من حديد فيه شربة من عين آنية، فاذا أدني منهم تقلصت شفاههم و انتثرت لحوم وجوههم فاذا شربوا منها و صار في أجوافهم يصهر به ما في بطونهم و الجلود، يضرب علي رأسه ضربة فيهوي سبعين ألف عام حتي يواقع السعير، فاذا واقعها سعرت في وجوههم، فعند ذلك غشيت أبصارهم من نفحها، ثم يضرب علي رأسه ضربة فيهوي سبعين ألف عام حتي ينتهي الي شجرة الزقوم «انها شجرة تخرج في أصل الجحيم - طلعها كأنه رؤوس الشياطين» عليها سبعون ألف غصن من نار في كل غصن سبعون ألف ثمرة من نار، كل ثمرة كأنها رأس الشيطان قبحا و نتنا تنشب علي صخرة مملسة سوخاء [8] كأنها مرآة زلقة، بين أصل الصخرة الي الصخرة [9] سبعون ألف عام؛ أغصانها تشرب من نار؛ ثمارها نار، و فروعها نار؛ فيقال له: يا شقي اصعد؛ فكلما صعد زلق؛ و كلما زلق صعد؛ فلا يزال كذلك سبعين ألف عام في العذاب؛ و اذا أكل منها ثمرة يجدها أمر من الصبر؛ و أنتن من الجيف، و أشد من الحديد؛ فاذا واقعت بطنه غلت في بطنه كغلي الحميم، فيذكرون ما كانوا يأكلون في دار الدنيا من طيب الطعام، فبينا هم كذلك اذ تجذبهم الملائكة فيهوون دهرا في ظلم متراكبة، فاذا استقروا في النار سمع لهم صوت كصيح السمك علي المقلي أو كقضيب القصب، ثم يرمي بنفسه من الشجرة في أودية مذابة من صفر



[ صفحه 129]



من نار و أشد حرا من النار تغلي بهم الأودية و ترمي بهم في سواحلها، و لها سواحل كسواحل بحركم هذا، فأبعدهم منها باع و الثاني ذراع و الثالث فتر، فتحمل عليهم هوام النار، الحيات، و العقارب كأمثال البغال الدلم [10] لكل عقرب ستون فقارا، في كل فقار قلة من سم، و حيات سود زرق، مثال البخاتي، فيتعلق بالرجل سبعون ألف حية، و سبعون ألف عقرب، ثم كب في النار سبعين ألف عام، لا تحرقه قد اكتفي بسمها، ثم تعلق علي كل غصن من الزقوم سبعون ألف رجل، ما ينحني و لا ينكسر، فتدخل النار أدبارهم فتطلع علي الأفئدة؛ تقلص الشفاه و تطير الجنان، تنضج الجلود و تذوب الشحوم، و يغضب الحي القيوم فيقول: يا مالك قل لهم: «فذوقوا فلن نزديكم الا عذابا»، يا مالك سعر سعر قد اشتد غضبي علي من شتمني علي عرشي و استخف بحقي و أنا الملك الجبار، فينادي مالك: يا أهل الضلال و الاستكبار و النعمة في دار الدنيا كيف تجدون مس سقر؟ قال: فيقولون: قد أنضجت قلوبنا، و أكلت لحومنا، و حطمت عظامنا، فليس لنا مستغيث، و لا لنا معين، قال: فيقول مالك: و عزة ربي لا أزيدكم الا عذابا، فيقولون: ان عذبنا ربنا لم يظلمنا شيئا، قال: فيقول مالك: «فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير» يعني بعدا لأصحاب السعير. ثم يغضب الجبار فيقول: يا مالك سعر سعر، فيغضب مالك فيبعث عليهم سحابة سوداء تظل أهل النار كلهم، ثم يناديهم فيسمعها أولهم و آخرهم و أفضلهم و أدناهم، فيقول: ماذا تريدون أن أمطركم؟ فيقولون: الماء البارد و اعطشاه! وا طول هواناه؟ فيمطرهم حجارة و كلاليبا [11] ، و خطاطيفا،



[ صفحه 130]



و غسلينا، و ديدانا من نار، فينضج وجوههم و جباههم و يعمي أبصارهم، و يحطم عظامهم، فعند ذلك ينادون و أثبوراه! فاذا بقيت العظام عواري من اللحوم اشتد غضب الله فيقول: يا مالك اسجرها عليهم كالحطب في النار، ثم يضرب أمواجها أرواحهم سبعين خريفا في النار، ثم يطبق عليهم أبوابها، من الباب الي الباب مسيرة خمسمائة عام، و غلظ الباب مسيرة خمسمائة عام، ثم يجعل كل رجل منهم في ثلاث توابيت من حديد من النار بعضها في بعض، فلا يسمع لهم كلاما أبدا الا أن لهم فيها شهيق كشهيق البغال، وزفير مثل نهيق الحمير، و عواء كعواء الكلاب، صم بكم عمي، فليس لهم فيها كلام الا أنين، فيطبق عليهم أبوابها و يسد عليهم عمدها فلا يدخل عليهم روح أبدا، و لا يخرج منها الغم أبدا، و هي عليهم مؤصدة - يعني مطبقة - ليس لهم الملائكة شافعون و لا من أهل الجنة صديق حميم، و ينساهم الرب و يمحو ذكرهم من قلوب العباد فلا يذكرون أبدا» [12] .

قال الباقر عليه السلام: «ان أهل النار يتعاوون كما يتعاوي الكلاب و الذئاب مما يلقون أليم العذاب ما ظنك يا عمر بقوم لا يقضي عليهم فيموتوا و لا يخفف عنهم من عذابها عطاشي فيها جياع كليلة أبصارهم صم، بكم، عمي، مسودة وجوههم خاسئين فيها نادمين مغضوب عليهم فلا يرحمون و من العذاب لا يخفف عنهم، و في النار يسجرون و من الحميم يشربون، و من الزقوم يأكلون، و بكلاليب النار يحطمون، و بالمقامع يضربون و الملائكة الغلاظ الشداد لا يرحمون فهم في النار يسحبون علي وجوههم و مع الشياطين يقرنون و في الأنكال و الأغلال



[ صفحه 131]



يصفدون، ان دعوا لم يستجب لهم، و ان سألوا حاجة لم تقض لهم هذه حال من دخل النار» [13] .

قال الباقر عليه السلام: «ان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أسري به لم يمر بخلق من خلق الله الا رأي ما يحب من البشر و اللطف و السرور حتي مر بخلق من خلق الله فلم يلتفت اليه و لم يقل شيئا فوجده قاطبا عابسا، فقال يا جبرائيل ما مررت بخلق من خلق الله الا رأيت البشر و اللطف و السرور منه الا هذا فمن هذا؟ قال: هذا مالك خازن النار، و هكذا خلقه ربه قال: فاني أحب أن تطلب اليه أن يريني النار، فقال له جبرائيل: ان هذا محمد رسول الله و قد سألني أن أطلب اليك أن تريه النار قال: فأخرج له عنقا منها فرآها فما افتر ضاحكا حتي قبضه الله عزوجل» [14] .

قال عليه السلام: «ان في جهنم جبلا يقال له صعود، و ان في صعود لواديا يقال له سعر و ان في قعر سعر لجبا يقال له هبهب كلما كشف غطاء ذلك الجب ضج أهل النار من حره و ذلك منازل الجبارين» [15] .

قال أبوجعفر عليه السلام: «لما نزلت هذه الآية «وجي ء يومئذ بجهنم يومئذ يتذكر الانسان و أني له الذكري» سئل عن ذلك رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فقال: أخبرني الروح الأمين ان الله لا اله غيره اذا جمع الأولين و الآخرين، أتي بجهنم يقاد بألف زمام أخذ بكل زمام مائة ألف ملك من الغلاظ الشداد اذ لها هدة و تغيظ و زفير و انها لتزفر الزفرة فلو لا أن الله أخرهم الي الحساب لأهلكت الجميع ثم يخرج منها غسق محيط بالخلائق البر منهم و الفاجر» [16] .



[ صفحه 132]



قال عليه السلام: «ان أهل الجنة جرد مرد، مكحلين، مكللين، مطوقين، مسورين، مختمين، ناعمين، محبورين، مكرمين، يعطي أحدهم قوة مائة رجل في الطعام و الشراب و الشهوة و الجماع؛ قوة غذائه قوة مائة رجل في الطعام و الشراب و يجد لذة غدائه مقدار أربعين سنة؛ و لذة عشائه مقدار أربعين سنة، قد ألبس الله وجوههم النور و أجسادهم الحرير، بيض الألوان، صفر الحلي، خضر الثياب» [17] .

قال عليه السلام: «ان أهل الجنة يحيون فلا يموتون أبدا، و يستيقظون فلا ينامون أبدا، و يستغنون فلا يفتقرون أبدا؛ و يفرحون فلا يحزنون أبدا و يضحكون فلا يبكون أبدا، و يكرمون فلا يهانون أبدا؛ و يفكهون و لا يقطبون أبدا، و يحبرون و يسرون أبدا؛ و يأكلون فلا يجوعون أبدا، و يروون فلا يظمأون أبدا، و يكسون فلا يعرون أبدا، و يركبون و يتزاورون أبدا، يسلم عليهم الولدان المخلدون أبدا، بأيديهم أباريق الفضة و آنية الذهب أبدا، متكئين علي سرر أبدا، علي الأرائك ينظرون أبدا، تأتيهم التحية و التسليم من الله أبدا» [18] .

قال عليه السلام: «ان الرب تبارك و تعالي يقول: أدخلوا الجنة برحمتي، و انجوا من النار بعفوي، و تقسموا الجنة بأعمالكم فوعزتي لأنزلنكم دار الخلود و دار الكرامة، فاذا دخلوها صاروا علي طول آدم ستين ذراعا، و علي ملد [19] عيسي ثلاثا و ثلاثين سنة، و علي لسان محمد العربية و علي صورة يوسف في الحسن، ثم يعلو وجوههم النور، و علي قلب أيوب في



[ صفحه 133]



السلامة من الغل» [20] [21] .

قال عليه السلام: «ان الجنان أربع و ذلك قول الله «و لمن خاف مقام ربه جنتان» و هو أن الرجل يهجم علي شهوة من شهوات الدنيا و هي معصية فيذكر مقام ربه فيدعها من مخافته فهذه الآية فيه، فهاتان جنتان للمؤمنين و السابقين، و أما قوله: «و من دونهما جنتان» يقول: من دونهما في الفضل و ليس من دونهما في القرب، و هما لأصحاب اليمين و هي جنة النعيم و جنة المأوي، و في هذه الجنان الأربع، فواكه في الكثرة كورق و النجوم، و علي هذه الجنان الأربع حائط محيط بها طوله مسيرة خمسمائة عام، لبنة من فضة، و لبنة من ذهب، و لبنة در، و لبنة ياقوت، و ملاطه المسك و الزعفران، و شرفه نور يتلألأ، يري الرجل وجهه في الحائط، و في الحائط ثمانية أبواب، علي كل باب مصراعان عرضهما كحضر [22] الفرس الجواد سنة» [23] .

قال عليه السلام: «أرض الجنة رخامها فضة، و ترابها الورس و الزعفران، و كنسها المسك، و رضراضها [24] الدر و الياقوت» [25] .

قال عليه السلام: «ان أسرتها من در و ياقوت و ذلك قول الله: «علي سرر موضونة» يعني الوصم يغاسل أوساط السرر من قضبان الدر و الياقوت مضروبة عليها الحجال، و الحجال من در و ياقوت، أخف من الريش،



[ صفحه 134]



و ألين من الحرير، و علي السرر من الفرش علي قدر ستين غرفة من غرف الدنيا بعضها فوق بعض و ذلك قول الله «و فرش مرفوعة»، و قوله: «علي الأرائك ينظرون» يعني بالأرائك السرر الموضونة عليها الحجال» [26] .

«و من رواية طويلة عن الجنان و النوق ذكر في ذيلها عن الامام الباقر صلوات الله عليه هذا القول».

قال أبوجعفر عليه السلام: «أما الجنان المذكورة في الكتاب فانهن جنة عدن و جنة الفردوس و جنة نعيم و جنة المأوي، قال: و ان لله عزوجل جنانا محفوفة بهذه الجنان و ان المؤمن ليكون له من الجنان ما أحب و اشتهي، يتنعم فيهن كيف [ي] شاء؛ و اذا أراد المؤمن شيئا او اشتهي انما دعواه فيها اذا أراد أن يقول: «سبحانك اللهم» فاذا قالها، تبادرت اليه الخدم بما اشتهي من غير أن يكون طلبه منهم أو أمر به، و ذلك قول الله عزوجل «دعواهم فيها سبحانك اللهم و تحيتهم فيها سلام» [27] يعني الخدام قال «و آخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين» [28] يعني بذلك عندما يقضون من لذاتهم من الجماع و الطعام و الشراب، يحمدون الله عزوجل عند فراغتهم؛ و أما قوله: «أولئك لهم رزق معلوم» [29] قال: يعلمه الخدام فيأتون به أولياء الله قبل أن يسألوهم اياه؛ و أما قوله عزوجل: «فواكه و هم مكرمون» [30] قال: فانهم لا يشتهون شيئا في الجنة الا أكرموا به» [31] .



[ صفحه 135]



قال عليه السلام: «اذا كان يوم القيامة نادت الجنة ربها فقالت: يا رب أنت العدل قد ملأت النار من أهلها كما وعدتها و لم تملأني كما وعدتني قال: فيخلق الله خلقا لم يروا الدنيا فيملأ بهم الجنة طوبي لهم» [32] .

عنه عليه السلام قال: «يا جابر اذا كان يوم القيامة جمع الله عزوجل الأولين و الآخرين لفصل الخطاب دعي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم؛ و دعي أميرالمؤمنين عليه السلام؛ فيكسا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم حلة خضراء تضي ء ما بين المشرق و المغرب، و يكسا علي عليه السلام مثلها و يكسا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم حلة وردية يضي ء لها ما بين المشرق و المغرب و يكسا علي عليه السلام مثلها، ثم يصعدان عندها ثم يدعي بنا فيدفع الينا حساب الناس فنحن و الله ندخل أهل الجنة الجنة و أهل النار النار، ثم يدعي بالنبيين عليهم السلام فيقامون صفين عند عرش الله عزوجل حتي نفرغ من حساب الناس، فاذا دخل أهل الجنة الجنة و أهل النار النار؛ بعث رب العزة عليا عليه السلام فأنزلهم منازلهم من الجنة و زوجهم فعلي و الله يزوج أهل الجنة في الجنة و ما ذاك الي أحد غيره كرامة من الله عز ذكره و فضلا فضله الله به و من به عليه و هو و الله يدخل أهل النار النار؛ و هو الذي يغلق علي أهل الجنة اذ دخلوا فيها أبوابها، لأن أبواب الجنة اليه؛ و أبواب النار اليه» [33] .

قال عليه السلام: «اذا كان يوم القيامة جمع الله الناس في صعيد واحد من الأولين و الآخرين عراة حفاة، فيوقفون علي طريق المحشر حتي يعرقوا عرقا شديدا و يشتد أنفاسهم، فيمكثون بذلك ما شاء الله، و ذلك قوله تعالي: «فلا تسمع الا همسا» قال: ثم ينادي مناد من تلقاء العرش: أين



[ صفحه 136]



النبي الأمي؟ قال: فيقول الناس: قد أسمعت [كلا]، فسم باسمه، قال: فينادي: أين نبي الرحمة محمد بن عبدالله؟ قال: فيقوم رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فيقف أمام الناس كلهم حتي ينتهي الي حوض طوله ما بين أيلة و صنعاء، فيقف عليه، ثم ينادي بصاحبكم، فيقوم أمام الناس، فيقف معه، ثم يؤذن للناس فيمرون».

قال أبوجعفر عليه السلام: «فبين وارد يومئذ و بين مصروف، فاذا رأي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم من يصرف عنه من محبينا أهل البيت بكي و قال: يا رب شيعة علي، يا رب شيعة علي. قال: فيبعث الله اليه ملكا فيقول [له]: ما يبكيك يا محمد؟ قال: و كيف لا أبكي لأناس من شيعة أخي علي بن أبي طالب، أراهم قد صرفوا تلقاء أصاحب النار، و منعوا من ورود حوضي؟ قال: فيقول الله عزوجل: يا محمد اني قد وهبتهم لك، وصفحت لك عن دنوبهم، و ألحقتهم بك و بمن كانوا يتولون من ذريتك، و جعلتهم في زمرتك، و أوردتهم حوضك، و قبلت شفاعتك فيهم، و أكرمتك بذلك، ثم قال أبوجعفر عليه السلام: فكم من باك يومئذ و باكية ينادون يا محمداه اذ رأوا ذلك، فلا يبقي أحد يومئذ كان يتولانا و يحبنا الا كان في حزبنا و معنا وورد حوضنا» [34] .

عن أبي جعفر عليه السلام قال: «ان الله عز ذكره اذا أراد فناء دولة قوم أمر الفلك فأسرع السير فكانت علي مقدار ما يريد» [35] .

قال أبوجعفر عليه السلام: «ان قوما يحرقون في (با) النار حتي اذا صاروا (حميما) حمما أدركتهم الشفاعة قال: فينطلق بهم الي نهر يخرج من رشح



[ صفحه 137]



أهل الجنة فيغتسلون فيه فتنبت لحومهم و دمائهم و تذهب عنهم قشف النار و يدخلون الجنة فيسمون الجهنميون (الجهنميين خ) فينادون بأجمعهم: اللهم أذهب عنا هذا الاسم قال: فيذهب عنهم ثم قال: يا أبابصير ان أعداء علي هم خالدون في النار لا تدركهم الشفاعة».

عنه عليه السلام قال: «اذا كان يوم القيامة احتج الله عزوجل علي سبعة: علي الطفل، و الذي مات بين النبيين، و الشيخ الكبير الذي أدرك النبي و هو لا يعقل، و الأبله، و المجنون الذي لا يعقل، و الأصم، و الأبكم، فكل واحد منهم يحتج علي الله عزوجل قال: فيبعث الله عزوجل اليهم رسولا فيؤجج لهم نارا و يقول: ان ربكم يأمركم أن تثبوا فيها، فمن وثب فيها كانت عليه بردا و سلاما و من عصي سيق الي النار» [36] .

دخل مولي لامرأة علي بن الحسين صلوات الله عليهما علي أبي جعفر عليه السلام يقال له أبو أيمن، فقال: «يغرون الناس فيقولون: شفاعة محمد صلي الله عليه و آله و سلم قال: فغضب أبوجعفر عليه السلام حتي تربد [37] وجهه ثم قال: ويحك (أو ويلك) يا أبا أيمن، أغرك أن عف بطنك و فرجك؟ أما و الله لو قد رأيت أفزاع يوم القيامة لقد احتجت الي شفاعة محمد صلي الله عليه و آله و سلم ويلك و هل يشفع الا لمن قد وجبت له النار» [38] .



[ صفحه 141]




پاورقي

[1] السفود: بالفتح و تشديد الفاء: حديدة يشوي بها اللحم.

[2] أنشب في كذا أي علقه و أعلقه و منه أنشب البازي مخاليبه.

[3] سورة الفرقان آية 22.

[4] الشدخ و الفضخ: الكسر.

[5] الخياس: غابة الأسد.

[6] العضوض: البئر البعيدة العقر.

[7] كذا في نسخة [دوين سائهما] و في تفسير البرهان «دوين بنيانهما».

[8] السوخاء: الأرض التي تسيخ فيها الرجل.

[9] في بعض الشخ «الشجرة».

[10] الدلم: بالضم جمع أدلم و هو الشديد السواد.

[11] الكلاليب: جمع كلاب - بالضم و الشد معرب «قلاب» و هي حديدة معطوفة الرأس يجر بها الجمر أو يعلق عليها اللحم، و كذلك الخطاف.

[12] الاختصاص للشيخ المفيد ص 365 - 359.

[13] روضة الواعظين للفتال النيسابوري ج 2 ص 508.

[14] روضة الواعظين للفتال النيسابوري ج 2 ص 508.

[15] روضة الواعظين للفتال النيسابوري ج 2 ص 382.

[16] روضة الواعظين للفتال النيسابوري ج 2 ص 508.

[17] الاختصاص للشيخ المفيد ص 358.

[18] الاختصاص للشيخ المفيد ص 358.

[19] الملد: محركة الشباب و النعمة و الاهتزاز.

[20] الغل: الحقد.

[21] الاختصاص للشيخ المفيد ص 356.

[22] الحضر: عدو الفرس.

[23] الاختصاص للشيخ المفيد ص 357 / 356.

[24] الرضراض: الحص أو صغار الحصي.

[25] الاختصاص للشيخ المفيد ص 357.

[26] الاختصاص للشيخ المفيد ص 357.

[27] سورة يونس آية 10.

[28] سورة يونس آية 10.

[29] سورة الصافات آية 41.

[30] سورة الصافات آية 42.

[31] روضة الكافي ص 100.

[32] الزهد للأهوازي ص 99.

[33] روضة الكافي ص 159.

[34] أمالي الشيخ المفيد ص 291 / 290.

[35] روضة الكافي ص 159.

[36] التوحيد للشيخ الصدوق ص 393 / 392.

[37] تربد: تغير لونه.

[38] المحاسن ج 1 ص 184.