التوحيد
عن أبي حمزة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام قول الله تعالي: «كل شي ء هالك الا وجهه»، قال: فيهلك كل شي ء و يبقي الوجه، ثم قال: ان الله أعظم من أن يوصف ولكن معناها كل شي ء هالك الا دينه و الوجه الذي يؤتي منه [1] .
عن محمد بن مسلم قال: سألت أباجعفر عليه السلام فقلت: قوله عزوجل: «يا ابليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي» [2] ، فقال: اليد
[ صفحه 198]
في كلام العرب القوة و النعمة، قال: «و اذكر عبدنا داود ذا الأيد» [3] ، و قال: «و السماء بنيناها بأيد» [4] ، أي بقوة، و قال: «و أيدهم بروح منه» [5] ، أي قواهم، و يقال: «لفلان عندي بيضاء»، أي نعمة [6] .
عنه عليه السلام في قول الله تبارك و تعالي: «قل هو الله أحد»، قال: «قل»، أي أظهر ما أوحينا اليك و نبأناك به بتأليف الحروف التي قرأناها لك ليهتدي بها من ألقي السمع و هو الشهيد، و هو اسم مكني مشار الي غائب، فالهاء تنبيه علي معني ثابت، و الواو اشارة الي الغائب عن الحواس، كما أن قولك «هذا» اشارة الي الشاهد عند الحواس و ذلك أن الكفار نبهوا عن آلهتهم بحرف اشارة الشاهد المدرك فقالوا: هذه آلهتنا المحسوسة المدركة بالأبصار، فأشر أنت يا محمد الي الهك الذي تدعو اليه حتي نراه و ندركه و لا نأله فيه، فأنزل الله تبارك و تعالي «قل هو الله أحد»، فالهاء تثبيت للثابت و الواو اشارة الي الغائب عن درك الأبصار و لمس الحواس و أنه تعالي عن ذلك، بل هو مدرك الأبصار و مبدع الحواس [7] .
عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عزوجل: «و نفخت فيه من روحي» قال: من قدرتي [8] .
عن حمران، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن قول الله عزوجل:
[ صفحه 199]
«قضي أجلا و أجل مسمي عنده» قال: هما اجلان: أجل محتوم و أجل موقوف [9] .
عن سدير قال سمعت حمران بن أعين يسأل أباجعفر عليه السلام عن قول الله تعالي: «بديع السموات و الأرض» [10] ، قال أبوجعفر عليه السلام: ان الله ابتدع الأشياء كلها علي غير مثال كان قبله و ابتدع السموات و الأرض و لم يكن قبلهن سموات و الأرضون أما تسمع لقوله تعالي: «و كان عرشه علي الماء» [11] ، فقال له حمران بن أعين: أرأيت قوله: «عالم الغيب فلا يظهر علي غيبه أحدا» [12] ، فقال له أبوجعفر عليه السلام «الا من ارتضي من رسول فانه يسلك بين يديه و من خلفه رصدا و كان و الله محمد ممن ارتضي و أما قوله «عالم الغيب» فان الله تبارك و تعالي عالم بما غاب عن خلقه فما يقدر من شي ء و يقضيه في علمه قبل أن يخلقه و قبل أن يقبضه الي الملائكة فذلك يا حمران علم موقوف عنده اليه فيه المشيئة فيقضيه اذا أراد و يبدو له فيه فلا يمضيه فأما العلم الذي يقدره الله و يمضيه فهو العلم الذي انتهي الي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ثم الينا» [13] .
عن بعض أصحابنا قال: كنت في مجلس أبي جعفر عليه السلام اذ دخل عليه عمرو بن عبيد فقال له: جعلت فداك قول الله تبارك و تعالي: «و من يحلل عليه غضبي فقد هوي» ما ذلك الغضب؟ فقال أبوجعفر عليه السلام: هو العقاب [14] يا عمرو انه من زعم أن الله قد زال من شي ء الي شي ء فقد وصفه
[ صفحه 200]
صفة مخلوق و ان الله تعالي لا يستفزه شي ء فيغيره [15] .
قال عليه السلام: في قول الله عزوجل: «و من كان في هذه أعمي فهو في الآخرة أعمي و أضل سبيلا». قال: «من لم يدله خلق السماوات و الأرض و اختلاف الليل و النهار و دوران الفلك و الشمس و القمر و الآيات العجيبات علي أن وراء ذلك أمرا أعظم منه فهو في الآخرة أعمي و أضل سبيلا، قال: فهو عما لم يعاين أعمي و أضل» [16] .
عن جابر قال سألت أباجعفر عليه السلام عن قوله عزوجل: «أفعيينا بالخلق الأول بل هم في لبس من خلق جديد» [17] .
قال: «يا جابر تأويل ذلك أن الله عزوجل اذا أفني هذا الخلق و هذا العالم و سكن أهل الجنة الجنة، و أهل النار النار جدد الله عالما غير هذا العالم و جدد خلقا من غير فحولة و لا اناث فيعبدونه و يوحدونه، و خلق لهم أرضا غير هذه الأرض تحملهم، و سماء غير هذه السماء تظلهم، لعلك تري أن الله انما خلق هذ العالم الواحد، و تري أن الله لم يخلق بشرا غيركم، بلي و الله لقد خلق الله ألف ألف عالم، و ألف ألف آدم أنت في آخر تلك العوالم و أولئك الآدميين» [18] .
پاورقي
[1] المحاسن ج 1 ص 219 / 218.
[2] سورة ص آية 75.
[3] سورة ص آية 17.
[4] سورة الذاريات آية 47.
[5] سورة المجادلة آية 22.
[6] معاني الأخبار للشيخ الصدوق ص 16.
[7] التوحيد للصدوق ص 89 / 88.
[8] التوحيد للصدوق ص 173.
[9] أصول الكافي ج 1 ص 147.
[10] سورة البقرة، آية: 117.
[11] سورة هود آية 7.
[12] سورة الجن آية 26.
[13] بصائر الدرجات ص 113.
[14] العقاب: يعني أن غضبه تعالي يأتي بصورة العقاب علي المستحق.
[15] أصول الكافي ج 1 ص 110.
[16] التوحيد للصدوق ص 455.
[17] سورة ق: آية 15.
[18] التوحيد للصدوق ص 277.