بازگشت

رسالة الي محمد بن الفرج


عن محمد بن الفرج قال: كتب الي أبوجعفر عليه السلام: اذا غضب الله تبارك و تعالي علي خلقه نحانا عن جوارهم [1] .

كتب أبوجعفر عليه السلام الي سعد الخير: بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد، فاني أوصيك بتقوي الله فان فيها السلامة من التلف و الغنيمة في المنقلب ان الله عزوجل يقي بالتقوي عن العبد ما عزب [2] عنه عقله، ويجلي بالتقوي عنه عماه و جهله، و بالتقوي نجا نوح و من معه في السفينة و صالح و من معه من الصاعقة، و بالتقوي فاز الصابرون و نجت تلك العصب [3] من المهالك و لهم اخوان علي تلك الطريقة يلتمسون تلك الفضيلة، نبذوا طغيانهم من الايراد بالشهوات لما بلغهم في الكتاب من المثلات، حمدوا ربهم علي ما رزقهم و هو أهل الحمد و ذموا أنفسهم علي ما فرطوا و هم أهل



[ صفحه 279]



الذم و علموا أن الله تبارك و تعالي الحليم العليم انما غضبه علي من لم يقبل منه رضاه و انما يمنع من لم يقبل منه عطاه و انما يضل من لم يقبل منه هداه، ثم أمكن أهل السيئات من التوبة بتبديل الحسنات، دعا عباده في الكتاب الي ذلك بصوت رفيع لم ينقطع و لم يمنع دعاء عباده فلعن الله الذين يكتمون ما أنزل الله و كتب علي نفسه الرحمة فسبقت قبل الغضب فتمت صدقا و عدلا؛ فليس يبتدي ء العباد بالغضب قبل أن يغضبوه و ذلك من علم اليقين و علم التقوي و كل أمة قدر رفع الله عنهم علم الكتاب حين نبذوه و ولاهم عدوهم حين تولوه، و كان من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه و حرفوا حدوده فهم يروونه و لا يرعونه و الجهال يعجبهم حفظهم للرواية و العلماء يحزنهم تركهم للرعاية و كان من نبذهم الكتاب أن ولوه الذين لا يعلمون فأوردوهم الهوي و أصدورهم الي الردي و غيروا عري الدين، ثم ورثوه في السفه و الصبا، فالأمة يصدرون عن أمر الناس بعد أمر الله تبارك و تعالي و عليه يردون؛ فبئس للظالمين بدلا ولاية الناس بعد ولاية الله و ثواب الناس بعد ولاية الله و رضا الناس بعد رضا الله فأصبحت الأمة كذلك و فيهم المجتهدون في العبادة علي تلك الضلالة، معجبون مفتونون، فعبادتهم فتنة لهم و لمن اقتدي بهم و قد كان الرسل ذكري للعابدين ان نبيا من الأنبياء كان يستكمل الطاعة، ثم يعصي الله تبارك و تعالي في الباب الواحد فخرج به من الجنة، و ينبذ به في بطن الحوت، ثم لا ينجيه الا الاعتراف و التوبة، فاعرف أشباه الأخبار و الرهبان الذين ساروا بكتمان الكتاب و تحريفه فما ربحت تجارتهم و ما كانوا مهتدين، ثم أعرف أشباههم من هذه الأمة الذين آقاموا حروف الكتاب و حرفوا حدوده فهم مع السادة و الكبرة [4] فاذا تفرقت قادة الأهواء كانوا مع أكثرهم دنيا و ذلك



[ صفحه 280]



مبلغهم من العلم، لا يزالون كذلك في طبع و طمع، لا يزال يسمع صوت ابليس علي ألسنتهم بباطل كثير، يصبر منهم العلماء علي الأذي و التعنيف و يعيبون علي العلماء بالتكليف، و العلماء في أنفسهم خانة ان كتموا النصيحة ان رأوا تائها ضالا لا يهدونه أو ميتا لا يحيونه، فبئس ما يصنعون لأن الله تبارك و تعالي أخذ عليهم الميثاق في الكتاب أن يأمروا بالمعروف و بما أمروا به و أن ينهوا عما نهوا عنه، و أن يتعاونوا علي البر و التقوي و لا يتعاونوا علي الاثم و العدوان، فالعلماء من الجهال في جهد و جهاد ان و عظت قالوا طغت؛ و ان علموا الحق [5] الذي تركوا قالوا: خالفت؛ و ان اعتزلوهم قالوا: فارقت و ان قالوا: هاتوا برهانكم علي ما تحدثون قالوا: نافقت و ان أطاعوهم قالوا: عصيت الله عزوجل، فهلك جهال فيما لا يعلمون، أميون فيما يتلون يصدقون بالكتاب عند التعريف [6] ؛ و يكذبون به عند التحريف؛ فلا ينكرون، أولئك أشباه الأحبار و الرهبان قادة في الهوي؛ سادة في الردي، و آخرون منهم جلوس بين الضلالة و الهدي لا يعرفون احدي الطائفتين من الأخري، يقولون ما كان الناس يعرفون هذا و لا يدرون ما هو و صدقوا تركهم رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم علي البيضاء [7] ليلها من نهارها، لم يظهر فيهم بدعة و لم يبدل فيهم سنة لا خلاف عندهم و لا اختلاف فلما غشي الناس ظلمة خطاياهم، صاروا امامين داع الي تبارك و تعالي وداع الي النار، فعند ذلك نطق الشيطان فعلا صوته علي لسان أولياءه و كثر خيله و رجله و شارك في المال و الولد من أشركه فعمل بالبدعة و ترك الكتاب و السنة و نطق أولياء الله بالحجة و أخذوا بالكتاب و الحكمة فتفرق من ذلك



[ صفحه 281]



اليوم أهل الحق و أهل الباطل و تخاذل و تهادن أهل الهدي و تعاون أهل الضلالة حتي كانت الجماعة مع فلان و أشباهه فاعرف هذا الصنف و صنف آخر، فأبصرهم رأي العين نجباء و ألزمهم حتي ترد أهلك؛ فان الخاسرين الذين خسروا أنفسهم و أهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين.

«الي هنا رواية الحسين و في رواية محمد بن يحيي زيادة».

لهم علم بالطريق فان كان دونهم بلاء فلا تنظر اليهم فان كان دونهم عسف [8] من أهل العسف خسف و دونهم بلايا تنقضي، ثم تصير الي رخاء، ثم اعلم ان اخوان الثقة ذخائر بعضهم لبعض؛ و لو لا أن تذهب بك الظنون عني لجليت لك عن أشياء من الحق غطيتها و لنشرت لك أشياء من الحق كتمتها ولكني أتقيك و أستبقيك و ليس الحليم الذي لا يتقي أحدا في مكان التقوي و الحلم لباس العالم فلا تعرين منه و السلام [9] .


پاورقي

[1] أصول الكافي ج 1 ص 343.

[2] عزب: تأتي بمعني بعد و غاب.

[3] العصب: جمع عصبة و هي ما بين العشرة الي الأربعين في الخيل و الرجال.

[4] في بعض النسخ «الكثرة».

[5] في بعض النسخ «عملوا الحق».

[6] في بعض النسخ «عند التحريف».

[7] البيضاء: يعني الشريعة الواضح معلومها من مجهولها و عالمها من جاهلها.

[8] العسف: الجور و الظلم.

[9] روضة الكافي للكليني ص 55 - 52.