بازگشت

من وصية له لجابر الجعفي


قال جابر دخلت علي أبي جعفر عليه السلام فقلت أوصنا يابن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فقال عليه السلام: ليعن قويكم ضعيفكم، و ليعطف غنيكم علي فقيركم، و لينصح الرجل أخاه كنصيحته لنفسه، و اكتموا أسراركم و لا تحملوا الناس علي رقابنا و انظروا أمركم و ما جاءكم عنا، فان وجدتموه موافقا للقرآن فهو من قولنا و ما لم يكن للقرآن موافقا قفوا عنده، و ردوه الينا حتي نشرح لكم ما شرح لنا [1] .

قال عليه السلام: «يا جابر أنزل الدنيا منك منزل نزلته ثم أردت التحرك منه من يومك ذلك أو كمال اكتسبته في منامك و استيقظت فليس في يدك منه شي ء و اذا كنت في جنازة فكن كأنك أنت المحمول و كأنك سألت ربك الرجعة الي الدنيا لتعمل عمل من عاش فان الدنيا عند العلماء مثل الظل» [2] .



[ صفحه 288]



قال عليه السلام: «يا جابر اغتنم من أهل زمانك خمسا: ان حضرت لم تعرف. و ان غبت لم تفقد. و ان شهد لم تشاور. و ان قلت لم يقبل قولك. و ان خطبت لم تزوج. و أوصيك بخمس: ان ظلمت فلا تظلم، و ان خانوك فلا تخن. و ان كذبت فلا تغضب. و ان مدحت فلا تفرح. و ان ذممت فلا تجزع. و فكر فيما قيل فيك، فان عرفت من نفسك ما قيل فيك فسقوطك من عين الله جل و عز عند غضبك من الحق أعظم عليك مصيبة مما خفت من سقوطك من أعين الناس. و ان كنت علي خلاف ما قيل فيك، فثواب اكتسبته من غير أن يتعب بدنك و أعلم بأنك لا تكون لنا وليا حتي لو اجتمع عليك أهل عصرك و قالوا: انك رجل سوء لم يحزنك ذلك، و لو قالوا: انك رجل صالح لم يسرك ذلك ولكن اعرض نفسك علي كتاب الله، فان كنت سالكا سبيله زاهدا في تزهيده راغبا في ترغيبه خائفا من تخويفه فاثبت و أبشر، فانه لا يضرك ما قيل فيك. و ان كنت مبائنا للقرآن فماذا الذي يغرك من نفسك. ان المؤمن معني بمجاهدة نفسه ليغلبها علي هواها فمرة يقيم أودها و يخالف هواها في محبة الله و مرة تصرعه نفسه فيتبع هواها فينعشه الله فينتعش و يقيل الله عثرته فيتذكر و يفزع الي التوبة و المخافة فيزداد بصيرة و معرفة لما زيد فيه من الخوف و ذلك بأن الله يقول: «ان الذين اتقوا اذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فاذا هم مبصرون». يا جابر استكثر لنفسك من الله قليل الرزق تخلصا الي الشكر. و استقلل من نفسك كثير الطاعة لله ازراء علي النفس و تعرضا للعفو. و ادفع عن نفسك حاضر الشر بحاضر العلم. و استعمل حاضر العلم بخالص العمل. و تحرز في خالص العمل من عظيم الغفلة بشدة التيقظ و استجلب شدة التيقظ بصدق الخوف. و احذر خفي التزين بحاضر الحياة و توق مجازفة الهوي بدلالة العقل. وقف عند غلبة الهوي باسترشاد العلم. و استبق خالص



[ صفحه 289]



الأعمال ليوم الجزاء. و انزل ساحة القناعة باتقاء الحرص. و ادفع عظيم الحرص بايثار القناعة. و استجلب حلاوة الزهادة بقصر الأمل. و اقطع أسباب الطمع ببرد اليأس. وسد سبيل العجب بمعرفة النفس و تخلص الي راحة النفس بصحة التفويض. و اطلب راحة البدن باجمام القلب. و تخلص الي اجمام القلب بقلة الخطأ. و تعرض لرقة القلب بكثرة الذكر في الخلوات. و استجلب نور القلب بدوام الحزن. و تحرز من ابليس بالخوف الصادق. و تزين لله عزوجل بالصدق في الأعمال و تحبب اليه بتعجيل الانتقال و اياك و التسويف فانه بحر يغرق فيه الهلكي و اياك و الغفلة [ف] فيها تكون قساوة القلب. و اياك و التواني فيما لا عذر لك فيه، فاليه يلجأ النادمون. و استرجع سالف الذنوب بشدة الندم، و كثرة الاستغفار. و تعرض للرحمة و عفو الله بحسن المراجعة و استعن علي حسن المراجعة بخالص الدعاء و المناجاة في الظلم و تخلص الي عظيم الشكر باستكثار قليل الرزق و استقلال كثير الطاعة. و استجلب زيادة النعم بعظيم الشكر و التوسل الي عظيم الشكر بخوف زوال النعم. و اطلب بقاء العز باماتة الطمع. و ادفع ذل الطمع بعز ألياس و استجلب عز اليأس ببعد الهمة. و تزود من الدنيا بقصر الأمل. و بادر بانتهاز البغية عند امكان الفرصة و لا امكان كالأيام الخالية مع صحة الأبدان. و اياك و الثقة بغير المأمون فان للشر ضراوة كضراوة الغذاء. و اعلم أنه لا علم كطلب السلامة. و لا سلامة كسلامة القلب. و لا عقل كمخالفة الهوي. و لا خوف كخوف حاجز. و لا رجاء كرجاء معين و لا فقر كفقر القلب. و لا غني كغني النفس. و لا قوة كغلبة الهوي. و لا نور كنور اليقين. و لا يقين كاستصغارك الدنيا. و لا معرفة كمعرفتك بنفسك. و لا نعمة كالعافية. و لا عافية كمساعدة التوفيق. و لا شرف كبعد الهمة و لا زهد كقصر الأمل. و لا حرص كالمنافسة في الدرجات. و لا عدل كالانصاف



[ صفحه 290]



و لا تعدي كالجور. و لا جور كموافقة الهوي. و لا طاعة كاداء الفرائض. و لا خوف كالحزن. و لا مصيبة كعدم العقل. و لا عدم عقل كقلة اليقين. و لا قلة يقين كفقد الخوف. و لا فقد خوف كقلة الحزن علي فقد الخوف. و لا مصيبة كاستهانتك بالذنب و لا رضاك بالحالة التي أنت عليها. و لا فضيلة كالجهاد. و لا جهاد كمجاهدة الهوي. و لا قوة كرد الغضب. و لا معصية كحب البقاء. و لا ذل كذل الطمع. و اياك و التفريط عند امكان الفرصة، فانه ميدان يجري لأهله بالخسران» [3] .


پاورقي

[1] نزهة الناظر للحلواني ص 102.

[2] الزهد للأهوازي ص 50.

[3] تحف العقول لابن شعبة الحراني ص 284 و ما بعدها.