بازگشت

موعظة للشيعة


حضره ذات يوم جماعة من الشيعة فوعظهم و حذرهم و هم ساهون لاهون، فأغاظه ذلك، فأطرق مليا، ثم رفع رأسه اليهم فقال: «ان كلامي لو وقع طرف منه في قلب أحدكم لصار ميتا.

ألا يا أشباحا بلا أرواح و ذبابا بلا مصباح كأنكم خشب مسندة و أصنام مريدة.

ألا تأخذون الذهب من الحجر، ألا تقتبسون الضياء من النور الأزهر، ألا تأخذون اللؤلؤ من البحر.

خذوا الكلمة الطيبة ممن قالها و ان لم يعمل بها، فان الله يقول: «الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله» [1] ويحك يا مغرور ألا تحمد من تعطيه فانيا و يعطيك باقيا، درهم يفني بعشرة تبقي الي سبعمائة ضعف مضاعفة من جواد كريم، آتاك الله عند مكافأة [2] هو



[ صفحه 297]



مطعمك و ساقيك و كاسيك و معافيك و كافيك و ساترك ممن يراعيك من حفظك في ليلك و نهارك و أجابك عند اضطرارك و عزم لك علي الرشد في اختبارك، كأنك قد نسيت ليالي أوجاعك و خوفك، دعوته فاستجاب لك، فاستوجب بجميل صنيعه الشكر، فنسيته فيمن ذكر، و خالفته فيما أمر، ويلك انما أنت لص من لصوص الذنوب، كلما عرضت لك شهوة أو ارتكاب ذنب سارعت اليه و أقدمت بجهلك عليه، فارتكبته كأنك لست بعين الله، أو كأن الله ليس لك بالمرصاد.

يا طالب الجنة ما أطول نومك و أكل مطيتك و أوهي [3] همتك فلله أنت من طالب و مطلوب، و يا هاربا من النار ما أحث مطيتك اليها و ما أكسبك لما يوقعك فيها.

أنظروا الي هذه القبور سطورا بأفناء [4] الدور، تدانوا في خططهم [5] و قربوا في مزارهم و بعدوا في لقائهم عمروا فخربوا. و آنسوا فأوحشوا. و سكنوا فأزعجوا. و قطنوا فرحلوا فمن سمع بدان بعيد و شاحط [6] قريب و عامر مخروب و آنس موحش و ساكن مزعج. و قاطن مرحل غير أهل القبور.

يا ابن الآيام الثلاث: يومك الذي ولدت فيه و يومك الذي تنزل فيه قبرك و يومك الذي تخرج فيه الي ربك، فيا له من يوم عظيم يا ذوي الهيئة المعجبة و الهيم المعطنة [7] ما لي أري أجسامكم عامرة و قلوبكم دامرة أما



[ صفحه 298]



و الله لو عاينتم ما أنتم ملاقوه و ما أنتم اليه صائرون لقلتم: «يا ليتنا نرد و لا نكذب بآيات ربنا و نكون من المؤمنين» [8] قال جل من قائل: «بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل و لو ردوا لعادوا لما نهوا عنه و انهم لكاذبون»» [9] [10] .


پاورقي

[1] سورة الزمر آية 18.

[2] اشارة الي قوله تعالي في سورة البقرة آية 261.

[3] أوهي فلانا: أضعفه.

[4] الأفناء: الساحات.

[5] الخطط: جمع خطة ما يختطه الانسان من الأرض ليعلم أنه قد حازها ليتعرف بها.

[6] الشاحط: البعيد.

[7] الهيم: الابل العطاش. المعطنة: المعطن مبرك الابل حول الماء و أعطنت الابل حبسها عند الماء فبركت بعد الورود.

[8] سورة الأنعام آية 27.

[9] سورة الأنعام آية 28.

[10] تحف العقول ص 292 / 291.