بازگشت

موقف الدستور الأموي من أهل البيت


من أجل التعرف علي موقف النظام الأموي من أهل البيت (عليهم السلام) وشيعتهم نذكر بعض الأمور والأوامر التي صدرت من مؤسس هذا النظام معاوية بن أبي سفيان منذ الأيام الأولي من حكومته، فبعد الهدنة مع الحسن بن علي (ع) سار " حتي دخل الكوفة فأقام بها أياما فلما استتمت البيعة له من أهلها صعد المنبر فخطب الناس و ذكر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) فنال منه ونال من الحسن (ع). وكان الحسن والحسين صلوات الله عليهما حاضرين، فقام الحسين (ع) ليرد عليه فأخذ بيده الحسن (ع) فأجلسه ثم قام فقال: أيها الذاكر عليا أنا الحسن وأبي علي وأنت معاوية وأبوك صخر وأمي فاطمة وأمك هند وجدي رسول الله (ص) وجدك حرب وجدتي خديجة وجدتك قتيله، فلعن الله أخملنا ذكرا وألأمنا حسبا وشرنا قدما وأقدمنا كفرا ونفاقا، فقال طوائف من أهل المسجد آمين آمين. " [1] .

هذه كانت البدعة الأولي التي سنها معاوية وهي سب علي (ع) علنا ومن علي منبر الإسلام. وبقيت هذه السنة السيئة جارية بين ولاة بني أمية وأتباعهم حتي عهد عمر بن عبد العزيز حيث أمر برفع السب رسما. لم تكن مسألة السب هي الوحيدة التي أضيفت إلي فروع الدين الأموي بل رافقتها أحكام جائرة أخري، منها إباحة قتل من كان علي رأي علي (ع) فقد كتب زياد بن أبيه في حق الحضرميين أنهم علي دين



[ صفحه 23]



علي وعلي رأيه فكتب إليه معاوية: أقتل من كان علي دين علي وعلي رأيه فقتلهم ومثل بهم. وإذا أردنا أن نقف علي شطر أكبر من الموقف الرسمي لحكومة أمية من أهل البيت عليهم السلام والعقوبات التي فرضت عليهم وعلي أتباعهم فلا بد من عرض كتب معاوية الرسمية بهذا الشأن ومتابعة آثار تلك الرسائل الدالة بوضوح علي عمق العداء وحدود الاستعداد في التنكيل. وإليك تلك الرسائل نقلا عن شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: روي أبو الحسن علي بن محمد ابن أبي السيف المدائني في كتاب الأحداث: قال 1 - كتب معاوية نسخة واحدة إلي عماله بعد عام الجماعة: أن برئت الذمة ممن روي شيئا من فضل أبي تراب وأهل بيته... فقامت الخطباء في كل كورة وعلي كل منبر يلعنون عليا ويبرأون منه ويقعون فيه وفي أهل بيته. وكان أشد الناس بلاء حينئذ أهل الكوفة لكثرة من بها من شيعة علي عليه السلام. فاستعمل عليهم معاوية زياد بن سمية وضم إليه البصرة، فكان يتبع الشيعة وهو بهم عارف لأنه كان منهم أيام علي عليه السلام فقتلهم تحت كل حجر ومدر وأخافهم وقطع الأيدي والأرجل وسمل العيون وصلبهم علي جذوع النخل وطردهم وشردهم عن العراق فلم يبق بها معروف منهم.



[ صفحه 24]



2 - كتب معاوية إلي عماله في جميع الآفاق أن لا يجيزوا لأحد من شيعة علي وأهل بيته شهادة. 3 - وكتب إليهم أن انظروا من قبلكم من شيعة عثمان ومحبيه وأهل ولايته والذين يروون فضائله ومناقبه فأدنوا مجالسهم وقربوهم و أكرموهم واكتبوا لي بكل ما يروي كل رجل منهم واسمه واسم أبيه و عشيرته. ففعلوا ذلك حتي أكثروا في فضائل عثمان ومناقبه لما كان يبعثه إليهم معاوية من الصلات والكساء والحباء والقطائع ويفيضه في العرب منهم والموالي. فكثر ذلك في كل مصر وتنافسوا في المنازل والدنيا، فليس يجي أحد مردود من الناس عاملا من عمال معاوية فيروي في عثمان فضيلة أو منقبة إلا كتب اسمه وقربه وشفعه فلبثوا بذلك حينا. 4 - ثم كتب إلي عماله أن الحديث في عثمان قد كثر وفشي في كل مصر وفي كل وجه وناحية فإذا جاءكم كتابي هذا فادعوا الناس إلي الرواية في فضائل الصحابة والخلفاء الأولين. ولا تتركوا خبرا يرويه أحد من المسلمين في أبي تراب إلا وتأتوني بمناقض في الصحابة فإن هذا أحب إلي وأقر لعيني لحجة أبي تراب وشيعته وأشد عليهم من مناقب عثمان وفضله. فقرأت كتبه علي الناس، فرويت أخبار كثيرة في مناقب الصحابة مفتعلة لا حقيقة لها، وجد الناس في رواية ما يجري هذا المجري حتي أشادوا بذكر ذلك علي المنابر وألقي إلي معلمي الكتاتيب فعلموا صبيانهم وغلمانهم من ذلك الكثير الواسع حتي رووه وتعلموه كما يتعلمون القرآن وحتي علموه بناتهم ونسائهم وخدمهم وحشمهم فلبثوا بذلك ما شاء الله.



[ صفحه 25]



5 - ثم كتب معاوية إلي عماله نسخة واحدة إلي جميع البلدان: أنظروا من قامت عليه البينة أنه يحب عليا وأهل بيته فامحوه من الديوان وأسقطوا عطائه ورزقه 6 - وشفع ذلك بنسخة أخري: (من اتهمتموه بمولاة هؤلاء القوم فنكلوا به واهدموا داره) [2] .

هذا جانب من الموقف الرسمي المعلن لخلفاء وحكام بني أمية. وبقي هذا الموقف علي حاله حتي آخر العهد الأموي. وفيما يلي شواهد أخري علي تطبيق هذه السنن: روي ابن المغازلي في مناقبه بإسناده عن نصر بن منصور قال: لما ورد علي الأمراء ما أمروا به من لعن علي عليه السلام علي المنابر أحضر كثير بن عبد الرحمن يتكلم فيمن تكلم بمكة فأصعد منبرا (كي يلعن عليا عليه السلام) فتعلق بأستار الكعبة وقال:



- طبت بيتا وطاب أهلك

أهلا أهل بيت النبي والإسلام



يأمن الظبي والحمام ولا

يأمن آل النبي عند المقام



لعن الله من يسب عليا

وبنيه من سوقة وإمام



أيسب المطهرون جدودا

والكرام الأخوال والأعمام



رحمة الله والسلام عليهم

كلما قام قائم بسلام



فأثخنوه ضربا بالأيدي والنعال [3] .





[ صفحه 26]



وجاء أيضا: لما ولي الحجاج " تقرب إليه أهل النسك والصلاح والدين ببغض علي ومولاة أعدائه وموالاة من يدعي من الناس أنهم أيضا أعداؤه فأكثروا الرواية في فضلهم وسوابقهم ومناقبهم، وأكثروا من الغض من علي عليه السلام وعيبه والطعن فيه والشنآن له حتي أن انسانا وقف للحجاج - ويقال إنه جد الأصمعي عبد الملك بن قريب - فصاح به: أيها الأمير إن أهلي عقوني فسموني عليا وإني فقير بائس وأنا إلي صلة الأمير محتاج فتضاحك له الحجاج (وقال) للطف ما توسلت به فقد وليتك موضع كذا [4] .

ويروي ابن عرفة المعروف بنفطويه - وهو من أكابر المحدثين وأعلامهم - إن أكثر الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة افتعلت في أيام بني أمية تقربا إليهم بما يظنون أنهم يرغمون به أنوف بني هاشم [5] .

وذكر ابن عبد ربه في الكتاب ال‍ (15) من العقد الفريد عن المنصور العباسي أنه كتب إلي النفس الزكية محمد بن عبد الله بن الحسن: " فكانت بنو أمية تلعن عليا كما يلعن أهل الكفر في الصلاة المكتوبة " [6] .

وينقل الطبري جانبا آخر من رسالة المنصور إلي النفس الزكية ويقول: ثم - خرجتم علي بني أمية فقتلوكم وصلبوكم علي جذوع النخل وأحرقوكم بالنيران ونفوكم من البلدان حتي قتل يحيي بن زيد بخراسان



[ صفحه 27]



وقتلوا رجالكم وأسروا الصبية والنساء وحملوهم بلا وطاء في المحامل كالسبي [7] .

هذه المقررات هي بعض الحقائق التاريخية وهي ليست من مخترعات الشيعة كما يظن بعض أعداء أهل البيت (ع) ومنها يظهر بوضوح المسلك الأموي في تعاملهم مع العلويين. وإذا علمنا أن هذه السنة الظالمة بقيت نافذة المفعول حتي نهاية عهدهم أدركنا الخطر المحدق بكل علوي عاش تلك الفترة وبالتالي اعذرنا من هرب منهم إلي حيث لا يعلم خوفا من البطش وطمعا في النجاة. فاختفي وأخذ معه ذكره وخبره.



[ صفحه 28]




پاورقي

[1] إرشاد المفيد ج 2 ص 15.

[2] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 11 ص 143.

[3] مناقب ابن المغازلي ط 1 ص 385 ح 436.

[4] شرح نهج البلاغة ج 11 ص 43.

[5] شرح النهج ج 11 ص 46.

[6] العقد الفريد ج 3 ص 374 ط 2 مصر.

[7] تاريخ الطبري حوادث سنة 145 ج 6 ص 198.