بازگشت

عبد الملك بن مروان


" هو حفيد طريد رسول الله، الحكم، وابن طريده مروان " " قاتل طلحة بنشاب في حرب الجمل " [1] .

" ابن أول من أخذ الخلافة بالسيف " [2] " وهو الذي أفضي إليه الأمر والمصحف في حجره فيطبقه ويقول هذا آخر العهد بك " [3] " وأول من نهي عن الأمر بالمعروف " [4] " الذي قالت له أم الدرداء مرة: بلغني يا أمير المؤمنين إنك ضربت الطلاء بعد النسك والعبادة فيقول!! أي والله والدماء شربتها " [5] " وهو الذي يخطب في المدينة المنورة عام 75 ه‍ فيقول: ألا وإني لا أداوي أدواء هذه الأمة إلا بالسيف حتي تستقيم لي قناتكم.. إلي أن يقول: ألا وإن الجامعة التي جعلتها في عنق عمر بن سعيد عندي - وقد قتله بالأمس القريب - والله لا يفعل أحد فعله إلا جعلتها في عنقه. والله لا يأمرني أحد بتقوي الله بعد مقامي هذا إلا وضربت عنقه " [6] .

" وهو الذي يقول فيه الحسن البصري: ما أقول في رجل الحجاج سيئة من سيئاته " [7] .



[ صفحه 31]



وهو الذي يكتب إلي هشام بن إسماعيل واليه في المدينة أن يدعو الناس إلي البيعة لابنيه الوليد وسليمان. فيأبي الصحابي الجليل سعيد بن المسيب أن يبايع فيضربوه بالسياط. فلما يبلغ الخبر إلي عبد الملك يقول قبح الله هشاما مثل سعيد - بن المسيب يضرب بالسياط. إنما كان ينبغي له أن يدعوه إلي البيعة فإن أبي يضرب عنقه " [8] .

وهو الذي يقول في وصيته لابنه الوليد " إذا أنا مت فضعني في قبري ولا تعصر علي عينيك عصر الأمة ولكن شمر وائتزر والبس للناس جلد النمر فمن قال برأسه كذا فقل بسيفك كذا... " [9] .

وفي رواية: " ضع سيفك علي عاتقك فمن أبدي ذات نفسه لك فاضرب عنقه ومن سكت مات بدائه " [10] .

فماذا نقول بعد هذا الذي ذكره عنه المقرون له بالخلافة علي المسلمين وماذا نتوقع أن يكون نصيب آل البيت عليهم السلام منه. والكل يعلم رفض أهل البيت مد يد البيعة إلي أمثال هؤلاء. تري هل يسلمون من بطش عبد الملك الذي كان شعاره من لم يوال فمصيره القتل. وقد ملأ البلاد بالجلادين من أمثال الحجاج الذي يأتي مدينة رسول الله (ص) يستخف بأصحاب رسول الله (ص) يختم في أعناقهم ليذلهم بذلك [11] .

الحجاج الذي قتل أكثر من مئة وعشرين ألفا صبرا [12] غير الذي قتل في حروبه. وهو الذي رمي بمنجنيقه الكعبة بكيزان النار حتي



[ صفحه 32]



احترقت الستارات كلها فصارت رمادا وهو واقف ينظر في ذلك كيف تحترق الستارات ويرتجز:



" أما تراها ساطعا غبارها

والله فيما يزعمون جارها " [13] .



ثم لننظر إلي الهمج الرعاع من الموالين لعبد الملك لنري كيف يظهرون حقدهم لآل أبي طالب. ذلك الحقد الذي أنبته معاوية في قلوبهم إنباتا. فإنه لما - خبر ظفر الحجاج وحصاره ابن الزبير. وبلغ الناس الخبر قالوا لا نرضي حتي يحمله إلينا مكبلا علي رأسه برنس علي جمل يمر بنا في الأسواق هذا الترابي الملعون...؟؟ [14] ، إذا تري كم ذهب الحقد بهؤلاء علي أبي تراب حتي ظنوا في ابن الزبير أنه ترابي في حين كان ابن الزبير أشد كرها لآل أبي طالب من اتباع عبد الملك. فهو الذي تحامل علي بني هاشم تحاملا شديدا و أظهر لهم العداوة والبغضاء حتي بلغ ذلك منه أيام تسلطه علي المدينة أن ترك الصلاة علي محمد (ص) في خطبته فقيل له لم تركت الصلاة علي النبي (ص) فقال: إن له أهل سوء يشرأبون لذكره ويرفعون رؤسهم إذا سمعوا به... وأخذ بن الزبير محمد بن الحنفية وعبد الله بن عباس وأربعة وعشرين رجلا من بني هاشم ليبايعوا له فامتنعوا فحبسهم في حجرة زمزم وحلف بالله الذي لا إله إلا هو ليبايعن أو ليحرقن بالنار [15] .

وكان ينال من علي بن أبي طالب [16] .



[ صفحه 33]



وصل هذا هو عبد الملك وهذا هو عامله الحجاج الذي قال الخليفة عمر بن عبد العزيز في حقه " لو جاءت كل أمة بمنافقيها وجئنا بالحجاج لفضلناهم " [17] .

وفي البحار عن أبي حمزة الثمالي: أن رجلا سمع عبد الملك يخطب بمكة، فلما صار إلي موضع العظة من خطبته قام إليه وقال: (مهلا، إنكم تأمرون ولا تأتمرون وتنهون ولا تنتهون و.. فتزحزحوا عنها وأطلقوا أقفالها وخلوا سبيلها ينتدب لها التي شردتموهم في البلاد ونقلتموهم عن مستقرهم إلي كل واد) [18] تري من كان أولئك المشردون الذين عناهم هذا الرجل؟ ومن ولاة عبد الملك في المدينة - موطن أهل البيت - هشام بن إسماعيل - المخزومي الذي تولي المدينة من سنة 82 - 86 ه‍. ق فلنستمع إلي أحد الهاشميين وهو يصف موقف هشام منهم قال " كان هشام بن إسماعيل يسيئ جوارنا ويؤذينا. ولقي منه علي بن الحسين (ع) أذي شديدا " [19] .

كان ظالما مبغضا لآل محمد (ص) أظهر لهم العداوة [20] يخطب علي المنبر وينال من علي بن أبي طالب (ع). وهكذا كانت سيرته حتي عزله الوليد بن عبد الملك سنة 87 ه‍. ق.



[ صفحه 34]



وينتهي دور عبد الملك بن مروان وما وجدنا فيما تفحصنا من زوايا حكومته شيئا اسمه الأمن سيما بالنسبة لآل علي (ع). لقد وجدنا السيوف والسياط وسمعنا ضجيج السجون وأنين المكبلين في العراق ومصر والحجاز وليس أكثر ملاحقة وتشريدا من الهاشمي ومن تولاهم وأظهر لهم الحب والولاء


پاورقي

[1] تاريخ أبي الفداء ج 1 ص 205.

[2] البدء والتاريخ ج 6 ص 19.

[3] تاريخ الخلفاء ص 217، تاريخ أبي الفداء ج 1 ص 205.

[4] نفس المصدر ص 218.

[5] تاريخ الخلفاء 215.

[6] تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 216.

[7] تاريخ ابن الوردي ص 196.

[8] العقد الفريد مجلد 2 ص 257.

[9] نفس المصدر.

[10] تاريخ الخلفاء ص 220 ومروج الذهب ج 3 ص 181.

[11] الطبري حوادث سنة 74.

[12] تاريخ ابن الوردي ص 196.

[13] فتوح أعثم ج 6 ص 276.

[14] مروج الذهب ج 3 ص 128.

[15] تاريخ اليعقوبي ج 3 ص 8، والجوهرة في نسب الإمام علي (ع) ص 58.

[16] تاريخ اليعقوبي ج 3 ص 8.

[17] تاريخ ابن الوردي ص 180.

[18] البحار ج 11 ص 97.

[19] الطبري ج 5 ص 97.

[20] اليعقوبي ج 2 ص 280.