بازگشت

اختلاف الآراء في جوانب من حياة الإمام


أشرنا في أول الكتاب إلي أن أهل السير والمؤرخين اختلفوا اختلافا كبيرا في جوانب هامة من حياة الإمام الباقر (ع). وقد ذكرنا هذا الكلام في معرض ردنا علي من ادعي الإجماع علي أن أولاد الإمام الباقر (ع) لم يخلفوا نسلا عدا الصادق (ع). وواعدنا هناك بأننا سوف نتعرض لهذه الاختلافات لنثبت أن الإجماع المذكور غير وارد أصلا وأن الذي يعجز عن تحصيل الإجماع في العناوين، لجدير بأن يكون عن تحصيله في الفروع أكثر عجزا. وها نفي بالوعد هنا فنقول: ليس من الغريب اختلاف المعنيين بإثبات تواريخ المواليد والوفيات، أو غيرها من التواريخ، لشخصيات في عمق التاريخ، ما دام الطريق إليهم وعر المسلك في مقاطع تموجه، دامس في مسير لياليه، فربما يبلغ قوم مناهم وقد يضل من تفرق به السبل. كما أن الهمم والمناهج تتفاوت بتفاوت الأهداف والأشخاص في مراتب الاحتياج الإنساني إذ منها ما هو ضروري جدا. ومنها ما دون ذلك وعلي هذا الأساس يتشكل هرم الرجال في التاريخ ويوضع كل نجم منها في أفقه الواقعي. وعليه ينبغي ترتيب الأولويات في البحث بحسب أهمية الطلب والمطلوب والطالب وبناء علي هذا نقول: إن نجم الإمام الباقر عليه السلام في سماء علوم الدين والأحكام التي لا غني لأحد عنها من السطوع ما لا نحتاج معه إلي بيان والحاجة إليه أعظم من أن توصف بلسان، فأي فقيه لا يعنيه الإمام الباقر (ع)،



[ صفحه 75]



وهو الأمين الحافظ لأحكام الله، وأي رجالي يستغني عن معرفة تاريخ ولادته ووفاته (ع). وهو يفني عمره في سبيل الله من أجل معرفة المعاصرين له من الرواة، وأي مفسر للقرآن يبتغي الوصول إلي آياته وقد ورده كلام منه عليه السلام في ذلك علي السنة الرواة لا يسعي في معرفة صحة نسبة الكلام إليه، وأي كلامي منطيق يطلق عنان لسانه في إثبات إمامته والنص عليه وهو يجهل من هو ومتي كان.. وأي مؤرخ يسرد للناس سيرته وظروفه ومن عاصره من الملوك وكيفية وفاته وهو لا يحتاج إلي معرفة تاريخ ولادته ووفاته... فالكل في أمس الحاجة إلي تاريخه وإذا اعترفنا بأن الأيام حالت بيننا وبين مسائل من الأهم فبالأولي القول بأنها حالت دون فروع من المهم. إن الإشارة إلي موارد الاختلاف في جوانب من حياة الإمام الباقر (ع) الناشي من صعوبة ظروف الأيام التي عاشها عليه السلام وقساوة أعدائه معه ومع شيعته ونقلة آثاره وطول فترة البلاء وسعي الأعداء في طمس آثارهم وضياع أخبارهم يوضح بجلاء ضياع الكثير من أخبار أولاده وأولاد أولاده عند النسابين الذين يعترفون بتأخر تدوين كتب النسب، ولا يخفي تأثير بعد الفترة تلك وقلة أهمية موضوع النسب آنذاك وإبعاد أبناء الأئمة أنفسهم عن الأنظار بسبب ما كان ينتظرهم من بطش الظالمين وأسباب أخري، في تلبد الأجواء مسببة الغموض و التحديد في الرؤية لجذور المسألة. وفيما يلي بعض تلك الموارد التي أشرنا إليها: 1 - اختلافهم في تاريخ ولادة الإمام الباقر (ع). 2 - اختلافهم في تاريخ وفاة الإمام الباقر (ع).



[ صفحه 76]



3 - اختلافهم في الخليفة الذي توفي الإمام (ع) في أيام حكمه. 4 - اختلافهم في عدد أولاده (ع). 5 - اختلافهم في المعقب من ولده (ع) وغير المعقب. 6 - اختلافهم في عدد إخوته (ع).