بازگشت

اختلافهم في عدد إخوته


كذلك اختلفوا في عدد إخوته عليه السلام علي أقوال نذكر بعضها بالأرقام فقد ذكر صاحب المجدي للإمام زين العابدين من الأولاد عشرين ولدا [1] .

وذكر البيهقي في لباب الأنساب ستة عشر ولدا [2] .

وذكر المفيد خمسة عشر ولدا [3] .

والطبرسي تسعة [4] .

وابن أبي الثلج ثمانية [5] .

ونكتفي بهذا القدر من الأقوال فهي كافية في إثبات ادعاء وجود الاختلاف. - وبعد أن انتهينا من عرض هذا القدر المتيسر من التضارب في الآراء والاختلاف في مسائل هامة تتعلق بشخص الإمام الباقر (ع) ذلك العلم الذي كان مورد عناية ذوي العلوم العالية منذ عصره. ومع الأخذ بالاعتبار الجهود المظنية والسهر الدائب والعناية الشديدة لأولئك الأعلام الذين ارتبطت علومهم بمعرفة دقائق أموره، والجوانب المتعددة



[ صفحه 86]



لحياته، كرواة الأخبار والرجاليين والفقهاء وغيرهم ممن لا يستغنون عن معرفة حقائق الأمور بسبب خطر علومهم وعرفنا مع ذلك كم غيب عنهم طول الأيام وصعوبة الظروف وقائع وحقائق هم في حاجة إليها. فلو أدركنا ذلك وعرفنا العذر فيه بالنسبة للعلوم الخطيرة لهان علينا الأمر فيما نحن فيه ولما كان من المبالغة القول بأن ما غيبته الأيام عن النسابين فيما يتعلق بأولاد الأئمة عليهم السلام وبتفاصيل أعقابهم هو أكثر مما وصل إليهم منها، ولما عد القدح في البعض - ممن لم يتثبت عند الحكم ويطلق عنان القلم ليخط بيمينه ما شاء من غث الكلام و سمينه ثم يدعي الإجماع أو يرمي بالكذب من هو ليس بكاذب - طعنا محرما. ولعلمنا أيضا أن كتب الأنساب علي أهميتها ليست بالوحي المنزل الذي لا رطب ولا يابس إلا فيه وإنما هي جهود متواضعة بذلت لا لشئ أوجبها في بداية أمرها بل لسنة كانت جارية شفاها بين الناس ثم أدركها فن التصنيف ورغبة ذوي الأقلام في تسطير ما سمعوه في أسفارهم ولم تكن فائدة علم النسب في بداياته تتجاوز الانتساب إلي القبيلة للافتخار أو تمييز أهل الفخر من غيرهم لذا نري النسابين قبل فكرة تدوين نسب الطالبيين لا يتحدثون إلا عن الانتماءات القبلية لكونها الميزان في تقييم الأفراد. نعم أصبح النسب مورد الحاجة بعد الأمر الإلهي بمودة قربي الرسول (ص) ولما كانت الظروف التي حكمت المسلمين منذ وفات الرسول (ص) إلي زمن تشكيل النقابات في العصر العباسي هي ظروف مخالفة لأهل البيت بحيث أباح الحكام سفك دمائهم ودماء شيعتهم ومحبيهم ولم يكن أحد ليتجرأ في التظاهر بالولاء ولا حتي أهل البيت



[ صفحه 87]



بتعريف أنفسهم لذلك فقد علم النسب مصداقيته كعلم ضروري طيلة القرون الثلاثة الأولي ولما آن للعباسيين الأوان في احتواء العلويين بخطة شيطانية جديدة، أمروا بتشكيل النقابات وفتحوا بذلك نافذة لأهل القلم بتدوين أسماء الطالبيين. أن التاريخ يخبرنا عن امتناع الكثير من العلويين إبراز أنفسهم حتي في عصر الدواوين لما أدركوه من أسرار السياسة والساسة ثم إن هذا العلم لم يكن بأهمية العلوم الأخري لينفر من كل فرقة طائفة تتعب نفسها في تعليم مسائلها وإنما كانت مقتصرة عفويا علي أناس في الفترات والأصقاع كما هو الشأن اليوم إذ نجد في كل قبيلة فردا يعدد قدر علمه أسماء المنتمين وآبائهم وأبنائهم وربما خفي عليه الكثير لأسباب متعددة وقد يأخذ الابن بعض ما عند الأب أو يأخذه غيره من أفراد العشيرة لكن تطاول الزمان بين النساب وبين الماضين يوقع الخلط ويسدل ستار النسيان أحيانا وهو أمر عادي بالنسبة لمن يعتمد علي الحفظ دون الكتابة ولا يختلف الأمر في هذا بين حفاظ النسب في زمان ما قبل التدوين واليوم. ولو لاحظنا الفترة الزمنية الفاصلة بين أيام الإمام الباقر (ع) وزمن التدوين لعلمنا بأن هذه الفترة كافية لضياع الكثير منها، مهما بلغ شيوخ الحفظ ضبطا ونباهة مع اليقين بقلة المتصدين لمثل هذا الموضوع في حق العلويين علي أقل تقدير، وفي تلك الفترة العصيبة التي لم يسلم فيها المتهم بحبهم فضلا عن المتقرب إليهم المتتبع لإخبارهم. إن ملاحقة السلطات لشيبهم وشبابهم دعت الكثير منهم إلي التغرب عن الديار حيث لا رجعة، والاختفاء في مخابئ بعيدة لا



[ صفحه 88]



تنالها يد مخبر. وهذه القفار والجبال والغابات في أقصي بقعة حالفهم الحظ في الوصول إليها تشهد لهم بما تضمنت من أجسادهم الطاهرة. وهي مسألة ألفوها وعرفها القاصي والداني منذ عهد معاوية وحتي عصر التأليف وما بعده فلماذا نستثني أولاد الإمام الباقر (ع) من هذه القاعدة وهم أحوج إلي ركوبها من غيرهم بما أحاط بهم من خطر الأعداء والأقرباء أيضا. وهذه مشاهدهم باقية رغم ظلم التاريخ واعتذار المؤرخين وطول الفترة تدل علي اختيارهم الابتعاد والانزواء عن المدنية المسوسة من داء السياسة علي اقتحام الشبهات بالتقرب من سلطان، فذاك مشهد علي بن الباقر (ع) في أردهال كاشان وذاك ابنه أحمد في أصفهان وتلك قبة إبراهيم بين طيات جبل بشتكوه الوعر وحوله هنا وهناك قبور بعض أولاده وربما كشفت لنا الأيام مضاجع الآخرين الذين سكت عنهم التاريخ أو ذكرهم ولكن ضاعوا مع ما ضاع منه عبر القرون.



[ صفحه 89]




پاورقي

[1] المجدي ص 93.

[2] لباب الأنساب ج 2 ص 479 - 480.

[3] الإرشاد ج 2 ص 155.

[4] تاج المواليد ضمن المجموعة النفيسة ص 114.

[5] تاريخ الأئمة ضمن المجموعة النفيسة ص 19.