بازگشت

القول في بقاء أولاده


أما بالنسبة إلي من بقي من أولاده (ع) ومن مات صغيرا أو درج فإن آراءهم غير متفقة أيضا. فقد ذكرنا أن منهم من ادعي موت أولاد الباقر (ع) - عدا الصادق - إما صغارا في حياة أبيهم أو درجوا بدون عقب بعده ولبيان جانب من هذا الموضوع نقول: 1 - لا شك في موت بعضهم في حياة الإمام عليه السلام وأقل ما يدل علي ذلك الرواية التالية: عن سفيان بن عيينة: إن ابنا لأبي جعفر محمد بن علي مرض قال فخشينا عليه فلما توفي خرج فصار مع الناس فقال له قائل خشينا عليك، فقال: إنا ندعوا الله فيما نحب، فإذا وقع ما نكره لم نخالف الله



[ صفحه 91]



فيما أحب [1] .

2 - ولا شك أيضا في بقاء أولاده بعد وفاته (عليه السلام) ويمكن استظهار ذلك من كلماتهم التي منها: أ - قولهم " كان الإمام الصادق جعفر بن محمد بن علي بن الحسين عليه السلام من بين إخوته خليفة أبيه ووصيه والقائم بالإمامة من بعده وبرز علي جماعتهم بالفضل وكان أنبههم ذكرا وأعظمهم قدرا وأجلهم في الخاصة والعامة " [2] ولا معني لهذه العبارات إذا لم يكن للإمام الصادق إخوة موجودون عند انتقال الإمامة إليه بعد وفات أبيه عليه السلام. ب - قول الإمام الباقر (ع) " جعفر هذا سيد أولادي وأبو الأئمة صادق في قوله وفعله " [3] .

ج - ما دل علي أن عبد الله [4] ، وعلي [5] ، ابني الإمام الباقر أعقبا د - ما في أمالي المرتضي من " أن دعاة خراسان صاروا إلي أبي عبد الله الصادق (ع) فقالوا: أردنا ولد محمد بن علي فقال أولئك بالسراة ولست بصاحبكم فقالوا لو أراد الله بنا خيرا لكنت صاحبنا.. فقال المنصور بعد ذلك لأبي عبد الله أردت الخروج علينا... الخبر [6] .

ونقل عنه صاحب أعيان الشيعة الرواية نفسها باختلاف يسير في كلمة (أردنا) حيث رواه في الأعيان (أرونا) ولد محمد بن علي [7] .



[ صفحه 92]



ولا نظن أن يكون أنصار محمد بن علي بن عبد الله بن العباس - دعاة خراسان - يسألون عن أبناء إمامهم من الإمام الصادق (ع) ويبدو أنهم جاؤوا لكسب أولاد الإمام الباقر (ع) بمن فيهم الإمام الصادق (ع). ولو كان الأمر كما نظن فالرواية صريحة في أن أبناء الإمام الباقر عليهم السلام كانوا قد خرجوا من المدينة في ذلك الوقت. ولوامعنا فيما نقله اليعقوبي في تاريخه لوجدنا أن ما ذهبنا إليه هو الأقرب للواقع. قال: " قيل إن أبا سلمة إنما أخفي أبا العباس وأهل بيته بها ودبران يصير الأمر إلي بني علي بن أبي طالب (ع) وكتب إلي جعفر بن محمد كتابا مع رسول له. فأرسل إليه: " لست بصاحبكم. فإن صاحبكم بأرض السراة " فأرسل إلي عبد الله بن الحسن يدعوه إلي ذلك [8] إذا كان المقصود ولد علي بن أبي طالب. وأن الوفد المذكور هو الذي حمل معه رسالتين إحداهما إلي الإمام الصادق (ع) والأخري إلي عبد الله بن الحسن المثني ومع تصحيح رواية السيد المرتضي لا يبقي مجال للترديد في أن المراد بقولهم (ارونا) أو (أردنا) ولد محمد بن علي هم أولاد الإمام الباقر (ع). ولو أضفنا إلي ما ذكرنا ما قاله بن خلدون: " ومن مشاهير بني هاشم الذين خرجوا مع محمد النفس الزكية حمزة بن عبد الله بن محمد بن علي بن الحسين " [9] .

وكذا عد الرجاليين علي بن محمد الباقر (ع) [10] وإسماعيل [11] بن عبد الله بن الإمام الباقر (ع) من رواة الإمام الصادق (ع)



[ صفحه 93]



لساعد ذلك أيضا علي زعزعة الاعتقاد بأن أولاد الإمام محمد بن علي الباقر (ع) قد أبادهم الدهر ولم يبق منهم إلا الصادق (ع).


پاورقي

[1] تاريخ دمشق ص.

[2] الإرشاد ج 2 ص 179 وسبائك الذهب ص 74.

[3] إثبات الهداة ج 5 ص 362.

[4] أنساب الأشراف ج 3 ص 147.

[5] نسب قريش ص 64.

[6] أمالي المرتضي ج 1 ص 204.

[7] أعيان الشيعة ج 1 ص 665.

[8] تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 351.

[9] تاريخ ابن خلدون مجلد 3 ص 416.

[10] جامع الرواة ص 600.

[11] جامع الرواة ص 99، تراجم الرجال للبرقعي ج 2 ص 254.