بازگشت

الانقطاع عن الناس


ومن العلل الواقعية وراء ضياعهم وعدم ظهورهم في الوسط الاجتماعي وبالتالي إهمال الأقلام لهم بالمرة في الذكر. انقطاعهم عن المجتمع. فلقد عاشوا في أماكن بعيدة عن المدن ومراكز الثقافة ابتعادا عن أعين الوشاة والمتقربين إلي السلطان بالأخبار عن تواجد العلويين طمعا في كسب شئ من الحطام. ولم يعرف أكثرهم في أماكن تواجدهم أنفسهم للذين جاوروهم من أهل القري فعاشوا بينهم غرباء وماتوا غرباء. وإذا علمنا بأن أبناءهم وأبناء أبنائهم وهكذا إلي آخر بطن قضي في تستر، عاشوا حياة ريف بسيطة لا خبر فيها عن القلم ولا عن العلم، لعلمنا أن الأمية هي الأخري لعبت دورا كبيرا في ضياع آثارهم ثم إن وعورة الأماكن تلك وبعدها عن المدن والطرق العامة حالت دون وصول ذوي الأقلام من الذين كانوا يبذلون الوسع في الإحصاء. فكانت تنقلاتهم تنحصر غالبا علي المدن الكبيرة وما حولها من المناطق التي يمكن الوصول إليها. أما منطقة كمنطقة الجبل مثلا مكان إقامة السيد إبراهيم ابن الإمام الباقر (ع) والتي تسمي اليوم ب‍ (زرين آباد) التي لا يمكن الوصول إليها إلا بشق الأنفس حتي في عصرنا الحاضر. لا يمكن أن يكون في بال مؤرخ أو كاتب سير أو أنساب أن يصل إليها. هذا إضافة إلي ذراري السادة هم أنفسهم كانوا يتحاشون التقرب من



[ صفحه 185]



مناطق الخطر التي تشمل المدن وما حولها مما لها طرق كثيرة المارة والنظارة. لعدم ثقتهم بوعود السلاطين أو لرفضهم الاستسلام أو لعلمهم بما ينتظرهم فيما لو خرجوا إلي الوسط الاجتماعي فآثروا الحياة في ستر. لذا نجد أهل كل منطقة يعرفون خلفا عن سلف السادة الذين نشأوا بين ظهرانيهم وما منع اتفاق النسابين أحيانا علي الإنكار من شهرة سيادة السيد في الوسط الذي عاش فيه.