بازگشت

عيسي بن زيد


ممن تواري من الطالبيين ومات متواريا عيسي بن زيد بن علي بن الحسين - ابن عم أبناء الإمام الباقر (ع) - وكادت أخباره أن تخفي علي التاريخ لولا دلالة أخيه الحسين بن زيد عليه وإليك القصة كما نقلها أبو الفرج الإصفهاني. قال: قال يحيي بن الحسين بن زيد: قلت لأبي: يا أبي إني أشتهي أن أري عمي عيسي بن زيد فإنه يقبح بمثلي أن لا يلقي مثله من أشياخه، فدافعني عن ذلك مدة وقال: إن هذا أمر يثقل عليه، وأخشي أن ينتقل عن منزله كراهية للقائك إياه فتزعجه، فلم أزل أداريه والطف به حتي طابت نفسه لي بذلك، فجهزني إلي الكوفة وقال لي: إذا صرت إليه فاسأل عن دور بني حي، فإذا دللت عليها فاقصدها في السكة الفلانية، وستري في وسط السكة دارا لها باب صفته كذا وكذا فاعرفه واجلس بعيدا منها في أول السكة، فإنه سيقبل عليك أول المغرب كهل طويل مسنون الوجه، قد أثر السجود في جبهته، عليه جبة صوف، يستقي الماء علي جمل، (وقد انصرف يسوق الجمل) لا يضع قدما ولا يرفعها إلا ذكر الله - عز وجل - ودموعه تنحدر، فقم وسلم عليه وعانقه، فإنه سيذعر منك كما يذعر الوحش، فعرفه نفسك وانتسب له فإنه يسكن إليك ويحدثك طويلا، ويسألك عنا جميعا ويخبرك بشأنه ولا يضجر بجلوسك معه، ولا تطل عليه وودعه، فإنه سوف يستعفيك من العودة إليه، فافعل ما يأمرك به من ذلك، فإنك إن عدت إليه



[ صفحه 193]



تواري عنك، واستوحش منك وانتقل عن موضعه، وعليه في ذلك مشقة. فقلت: أفعل كما أمرتني. ثم جهزني إلي الكوفة وودعته وخرجت، فلما وردت الكوفة قصدت سكة بني حي بعد العصر، فجلست خارجها بعد أن تعرفت الباب الذي نعته لي، فلما غربت الشمس إذا أنا به قد أقبل يسوق الجمل، وهو كما وصف لي أبي، لا يرفع قدما ولا بضعها إلا حرك شفتيه بذكر الله، ودموعه ترقرق في عينيه وتذرف أحيانا، فقمت فعانقته فذعر مني كما يذعر الوحش من الإنس، فقلت يا عم أنا يحيي بن الحسين بن زيد بن أخيك، فضمني إليه وبكي حتي قلت قد جاءت نفسه، ثم أناخ جمله، وجلس معي فجعل يسألني عن أهله رجلا رجلا، وامرأة امرأة، وصبيا صبيا، وأنا اشرح له أخباره وهو يبكي، ثم قال: يا بني، أنا أستقي علي هذا الجمل الماء، فأصرف ما أكتسب، يعني من أجرة الجمل. إلي صاحبه، وأتقوت باقيه، وربما عاقني عائق عن استقاء الماء فأخرج إلي البرية، يعني ظهر الكوفة، فألتقط ما يرمي الناس من البقول فأتقوته. وقد تزوجت إلي هذا الرجل ابنته، وهو لا يعلم من أنا إلي وقتي هذا، فولدت مني بنتا فنشأت وبلغت، وهي أيضا لا تعرفني، ولا تدري من أنا، فقالت لي أمها: زوج ابنتك بابن فلان السقاء - لرجل من جيراننا يسقي الماء - فإنه أيسر منا وقد خطبها، والحت علي فلم أقدر علي أخبارها بأن ذلك غير جائز، ولا هو بكفء لها فيشيع خبري، فجعلت تلح علي فلم أزل أستكفي الله أمرها حتي ماتت بعد أيام، فما أجدني آسي علي شئ من الدنيا أساي علي أنها ماتت ولم تعلم بموضعي من رسول الله (ص). قال: ثم أقسم علي أن أنصرف



[ صفحه 194]



ولا أعود إليه وودعني. فلما كان بعد ذلك صرت إلي الموضع الذي انتظرته فيه لأراه فلم أره. وكان آخر عهدي به [1] .


پاورقي

[1] مقاتل الطالبيين ص 346 - 347.