بازگشت

في ذكر ولادة و علم مولانا باقرالعلوم


ولد بالمدينة يوم الاثنين الثالث من صفر سنة سبع و خمسين من الهجرة [1] ، و قيل: غرة رجب [2] .

امه عليه السلام ام عبدالله فاطمة بنت الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، و هو هاشمي من هاشميين، و علوي من علويين [3] .

روي عن أبي جعفر عليه السلام، قال: كانت امي قاعدة عند جدار، فتصدع الجدار، و سمعنا هدة شديدة، فقالت بيدها: لا و حق المصطفي صلوات الله عليه و آله ما أذن الله لك في السقوط، فبقي معلقا [في الجو] [4] حتي جازته، فتصدق عنها أبي بمائة دينار.

و ذكرها الصادق عليه السلام يوما، فقال: كانت صديقة، لم تدرك في آل الحسن [امرأة] [5] مثلها [6] .

سمي أبوجعفر عليه السلام باقرا لأنه بقر العلم بقرا؛ أي شقه شقا و أظهره اظهارا [7] .



[ صفحه 134]



و قال السبط ابن الجوزي: سمي الباقر من كثرة سجوده، بقر السجود جبهته؛ أي فتحها و وسعها، و قيل: لغزارة علمه [8] .

قال الجوهري في الصحاح: التبقر التوسع في العلم [9]

و كان يتختم عليه السلام بخاتم جده الحسين عليه السلام، و نقشه: ان الله بالغ أمره [10] .

و روي في وصف علمه عليه السلام عن عبدالله بن عطاء المكي، قال: ما رأيت العلماء عند أحد قط أصغر منهم عند أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام، و لقد رأيت الحكم بن عتيبة مع جلالته في القوم بين يديه كأنه صبي بين يدي معلمه. و كان جابر بن يزيد الجعفي اذا روي عن محمد بن علي عليهم السلام شيئا يقول: حدثني وصي الأوصياء و وارث علوم الأنبياء محمد بن علي بن الحسين صلوات الله عليهم [11] .

و عن محمد بن مسلم، قال: ما شجر في رأيي شي ء قط الا سألت عنه أباجعفر عليه السلام، حتي سألته عن ثلاثين ألف حديث، و سألت أباعبدالله عليه السلام، عن ستة عشر ألف حديث [12] .

و روي في حديث عن النبي صلي الله عليه وآله و سلم، قال: اذا مضي الحسين عليه السلام قام بالأمر بعده علي ابنه عليه السلام، و هو الحجة و الامام، و يخرج الله من صلب علي ولدا سمي و أشبه الناس بي، علمه علمي، و حكمه حكمي، و هو الامام و الحجة بعد أبيه [13] .

و روي عن الباقر عليه السلام، قال: لو وجدت لعلمي [الذي آتاني الله عزوجل حمله] [14] لنشرت التوحيد، و الاسلام [و الايمان] [15] ، و الدين، و الشرائع من



[ صفحه 135]



الصمد، و كيف لي و لم يجد جدي أميرالمؤمنين عليه السلام حملة لعلمه [16] .

و بالجملة أظهر عليه السلام من مجنيات [17] كنوز المعارف، و حقائق الأحكام، و الحكم و اللطائف ما لا يخفي الا علي منطمس البصيرة، و فاسد الطوية و السريرة، و من ثم قيل: هو باقر العلوم و شاهرها [18] .

و كانت الشيعة قبل أن يكون أبوجعفر عليه السلام، و هم لا يعرفون مناسك حجهم و حلالهم و حرامهم حتي كان أبوجعفر عليه السلام، ففتح لهم و بين لهم مناسك حجهم و حلالهم و حرامهم، حتي صار الناس يحتاجون اليهم من بعد ما كانوا يحتاجون الي الناس [19] .

قال الشيخ المفيد: و لم يظهر عن أحد من ولد الحسن و الحسين عليهماالسلام من علم الدين و الآثار و السنة، و علم القرآن و السيرة، و فنون الأدب ما ظهر عن أبي جعفر عليه السلام، و روي عنه معالم الدين بقايا الصحابة و وجوه التابعين و رؤساء فقهاء المسلمين، و صار بالفضل علما لأهله تضرب به الأمثال، و تصير [20] بوصفه الآثار و الأشعار، و فيه يقول القرطبي:



يا باقر العلم لأهل التقي

و خير من لبي علي الاجبل [21] .



و روي عن ميمون القداح عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهم السلام، قال: دخلت علي جابر بن عبدالله الانصاري رحمه الله، فسلمت عليه فرد علي السلام، ثم قال لي: من أنت؟ و ذلك بعد ما كف بصره، فقلت: محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام، فقال: يا بني ادن مني، فدنوت منه، فقبل يدي، ثم أهوي الي رجلي يقبلهما، فتنحيت



[ صفحه 136]



عنه، ثم قال لي: ان رسول الله صلي الله عليه وآله و سلم يقرئك السلام، فقلت: و علي رسول الله السلام و رحمةالله و بركاته، و كيف ذلك يا جابر، فقال: كنت معه ذات يوم، فقال لي: يا جابر لعلك تبقي حتي تلقي رجلا من ولدي يقال له: محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام يهب الله له النور و الحكمة فأقرأه مني السلام [22] .

و روي الشيخ الكليني في كتاب الأطعمة من الكافي عن أبي حمزة الثمالي، قال: كنت جالسا في مسجد الرسول صلي الله عليه وآله و سلم اذ أقبل رجل فسلم، فقال: من أنت يا عبدالله؟ قلت: رجل من أهل الكوفة، فقلت: ما حاجتك، فقال لي: أتعرف أباجعفر محمد بن علي عليهماالسلام؟ فقلت: نعم، فما حاجتك اليه، قال: هيأت له أربعين مسألة أسأله عنها، فما كان من حق أخذته، و ما كان من باطل تركته، قال أبوحمزة: فقلت له: هل تعرف ما بين الحق و الباطل؟ قال: نعم فقلت له: فما حاجتك اليه اذا كنت تعرف ما بين الحق و الباطل، فقال لي: يا أهل الكوفة أنتم قوم ما تطاقون اذا رأيت أباجعفر فاخبرني.

فما انقطع كلامي معه حتي أقبل أبوجعفر عليه السلام و حوله أهل خراسان و غيرهم يسألونه عن مناسك الحج، فمضي حتي جلس مجلسه و جلس الرجل قريبا منه، قال أبوحمزة: فجلست حيث أسمع الكلام و حوله عالم من الناس، فلما قضي حوائجهم و انصرفوا التفت الي الرجل، فقال له: من أنت؟ قال: أنا قتادة بن دعامة البصري، فقال له أبوجعفر عليه السلام: أنت فقيه أهل البصرة؟ قال: نعم، فقال أبوجعفر عليه السلام: ويحك يا قتادة ان الله جل و عز خلق خلقا من خلقه، فجعلهم حججا علي خلقه، فهم أوتاد في أرضه، قوام بأمره، نجباء في علمه، اصطفاهم قبل خلقه أظلة عن يمين عرشه، قال: فسكت قتادة طويلا، ثم قال: أصلحك الله و الله لقد جلست بين يدي الفقهاء و فدام ابن عباس، فما اضطرب قلبي قدام واحد منهم ما اضطرب قدامك، قال له أبوجعفر عليه السلام: ويحك تدري أين أنت، أنت بين يدي:



[ صفحه 137]



(بيوت أذن الله أن ترفع و يذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو و الأصال - رجال لا تلهيهم تجارة و لا بيع عن ذكر الله و اقام الصلاة و ايتاء الزكاة) [23] فأنت ثم و نحن أولئك، فقال له قتادة: صدقت و الله جعلني الله فداك، و الله ما هي بيوت حجارة و لا طين، قال قتادة: فأخبرني عن الجبن [قال:] [24] فتبسم أبوجعفر عليه السلام، ثم قال: رجعت مسائلك الي هذا؟ قال: ضلت علي، فقال: لا بأس به، الحديث [25] .


پاورقي

[1] الدروس: ص 12.

[2] دلائل الامامة: ص 94، مسار الشيعة: ص 57 «ضمن مصنفات الشيخ المفيد»، و فيهما: «ولد عليه السلام يوم الجمعة غرة رجب».

[3] المناقب لابن شهر آشوب: ج 4 ص 208 و 210.

[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الخطية و المطبوعة، و أثبتناه من المصدر.

[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الخطية و المطبوعة، و أثبتناه من المصدر.

[6] الكافي: ج 1 ص 469 ح 1.

[7] علل الشرائع: ص 233 باب 168 ح 1.

[8] تذكرة الخواص: ص 336.

[9] الصحاح: مادة «بقر» ج 2 ص 594.

[10] عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 56 قطعة من ح 206، و مكارم الأخلاق: ص 91.

[11] الارشاد للمفيد: ص 263، و اعلام الوري: ص 263.

[12] اختيار معرفة الرجال: ص 163 ح 276.

[13] كفاية الأثر: ص 164.

[14] ما بين المعقوفتين ساقط من الخطية و المطبوعة، و أثبتناه من المصدر.

[15] ما بين المعقوفتين ساقط من الخطية و المطبوعة، و أثبتناه من المصدر.

[16] كتاب التوحيد: ص 92 قطعة من ح 6.

[17] في المصدر: «مخبآت».

[18] الصواعق المحرقة: ص 201.

[19] ذكر مضمونه الشيخ المفيد في ارشاده: ص 264.

[20] في المصدر: «و تسير».

[21] الارشاد للمفيد: ص 261.

[22] الارشاد للمفيد: ص 262، و اعلام الوري: ص 263.

[23] النور: 36 و 37.

[24] ما بين المعقوفتين ساقط من الخطية و المطبوعة، و أثبتناه من المصدر.

[25] الكافي: ج 6 ص 256 ح 1.