بازگشت

في أحوال الامام أبي جعفر الباقر


روي عن الزهري، قال: دخلت علي علي بن الحسين عليهماالسلام في مرضه الذي توفي فيه، فدخل عليه محمد ابنه عليه السلام، فحدثه طويلا بالسر، فسمعته يقول فيما يقول: عليك بحسن الخلق [1] .

و عن أبي بكر الحضرمي، قال: لما حمل أبوجعفر عليه السلام الي الشام الي هشام بن عبدالملك و صار ببابه، قال هشام لأصحابه: اذا سكت من توبيح محمد بن علي فلتوبخوه، ثم أمر أن يؤذن له، فلما دخل عليه أبوجعفر عليه السلام، قال بيده: السلام عليكم فعمهم بالسلام جميعا، ثم جلس، فازداد هشام عليه حنقا بتركه السلام عليه بالخلافة، و جلوسه بغير اذن، فقال: يا محمد بن علي لايزال الرجل منكم قد شق عصا المسلمين و دعا الي نفسه و زعم أنه الامام سفها و قلة علم، و جعل يوبخه.

فلما سكت أقبل القوم عليه رجل بعد رجل يوبخه، فلما سكت القوم نهض عليه السلام قائما، ثم قال: أيها الناس أين تذهبون و أين يراد بكم؟ بنا هدي الله أولكم، و بنا يختم آخركم، فان يكن لكم ملك معجل، فان لنا ملكا مؤجلا، و ليس



[ صفحه 138]



بعد ملكنا ملك لأنا أهل العاقبة، يقول الله عزوجل: (و العاقبة للمتقين) [2] فأمر به الي الحبس.

فلما صار في الحبس تكلم فلم يبق في الحبس رجل الا ترشفه و حن عليه [3] ، فجاء صاحب الحبس الي هشام و أخبره بخبره فأمر به، فحمل علي البريد هو و أصحابه ليردوا الي المدينة، و أمر أن لاتخرج لهم الأسواق، و حال بينهم و بين الطعام و الشراب، فساروا ثلاثا لا يجدون طعاما و لا شرابا حتي انتهوا الي مدين [4] ، فاغلق باب المدينة دونهم، فشكا أصحابه العطش و الجوع.

قال: فصعد جبلا أشرف عليهم، فقال بأعلي صوته: يا أهل المدينة الظالم أهلها، انا بقية الله، يقول الله: (بقية الله خير لكم ان كنتم مؤمنين و ما أنا عليكم بحفيظ) [5] ، قال: و كان فيهم شيخ كبير فأتاهم، فقال: يا قوم هذه و الله دعوة شعيب عليه السلام و الله لئن لم تخرجوا الي هذا الرجل بالأسواق لتؤخذن من فوقكم و من تحت أرجلكم فصدقوني هذه المرة و أطيعوني و كذبوني فيما تستأنفون فاني ناصح لكم، قال:فبادروا و أخرجوا الي أبي جعفر و أصحابه الأسواق [6] .

و في الكافي: فبلغ هشام بن عبدالملك خبر الشيخ، فبعث اليه فحمله فلم يدر ما صنع به [7] .

أقول: قال العلامة المجلسي رحمه الله في شرح الخبر: فلم يبق في الحبس رجل الا ترشفه، الترشف: المص و التقبيل مع اجتماع الماء في الفم و هو كناية عن



[ صفحه 139]



مبالغتهم في أخذ العلم عنه عليه السلام، أو عن غاية الحب و لعله تصحيف - ترسفه بالسين المهملة - يعني مشي اليه مشي المقيد يتحامل رجله مع القيد، انتهي [8] .

و روي عن أبي عبدالله عليه السلام، قال: ان محمد بن المنكدر كان يقول: ما كنت أري أن مثل علي بن الحسين عليهماالسلام يدع خلفا لفضل علي بن الحسين عليهما السلام حتي رأيت ابنه محمد بن علي عليهماالسلام فأردت أن أعظه فوعظني، فقال له أصحابه: بأي شي ء وعظك؟ قال: خرجت الي بعض نواحي المدينة في ساعة حارة فلقيت محمد بن علي عليهماالسلام، و كان رجلا بدينا و هو متكي علي غلامين له أسودين أو موليين له، فقلت في نفسي: شيخ من شيوخ قريش في هذه الساعة علي هذه الحال في طلب الدنيا و الله لأعظنه.

فدنوت منه فسلمت عليه فسلم علي بنهر، و قد تصبب عرقا، فقلت: أصلحك الله، شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة علي هذه الحال في طلب الدنيا؟ لو جاءك الموت و أنت علي هذه الحال [9] ، قال: فخلي عن الغلامين من يده، ثم تساند و قال: لو جاءني و الله الموت و أنا في هذه الحال جاءني و أنا في طاعة من طاعات الله، أكف بها نفسي عنك و عن الناس، و انما كنت أخاف الموت لو جاءني و أنا علي معصية من معاصي الله، فقلت: يرحمك الله أردت أن أعظك فوعظتني [10] .

[و قال المؤلف]

الظاهر ان محمد بن المنكدر كان من متصوفة العامة كطاووس و شقيق و ابن أدهم و أمثالهم، حكي صاحب المستطرف، عن محمد بن المنكدر: أنه جزأ عليه و علي امه و علي اخته الليل أثلاثا، فماتت اخته، فجزأ عليه و علي امه فماتت امه، فقال الليل كله [11] .



[ صفحه 140]



أقول: لو صح هذا من ابن المنكدر فقد أخذ هذا من آل داود، فقد روي أن داود عليه السلام جزأ ساعات الليل و النهار علي أهله، فلم يكن ساعة الا و انسان من اولاده [مشغولا] في الصلاة، فقال تعالي: (اعملوا آل داود شكرا) [12] .

و روي أنه عليه السلام خرج حاجا فلما دخل المسجد و نظر الي البيت بكي حتي علا صوته، ثم طاف بالبيت، و صلي عند المقام فرفع رأسه من سجوده فاذا موضع سجوده مبتل من كثرة دموع عينيه، و كان عليه السلام اذا ضحك، قال: اللهم لا تمقتني، و كان يقول في جوف الليل في تضرعه: أمرتني فلم أأتمر، و نهيتني فلم أنزجر، فها أنا ذا عبدك بين يديك و لا أعتذر [13] .

و روي عن أبي عبدالله عليه السلام، قال: كان أبي عليه السلام اذا أحزنه أمر جمع النساء و الصبيان ثم دعا، و أمنوا [14] .

و قال أبوعبدالله عليه السلام: كان أبي كثير الذكر، لقد كنت أمشي معه و انه ليذكر الله و آكل معه الطعام و انه ليذكر الله، و لقد كان يحدث القوم و ما يشغله ذلك عن ذكر الله، و كنت أري لسانه لازقا بحنكه يقول: لا اله الا الله، و كان يجمعنا فيأمرنا بالذكر حتي تطلع الشمس، و يأمر بالقراءة من كان يقرأ منا و من كان لا يقرأ منا أمره بالذكر [15] .



[ صفحه 141]




پاورقي

[1] كفاية الأثر: ص 241 و 242.

[2] الأعراف: 128.

[3] في المناقب: «و حسن عليه»، و في الكافي و مرآة العقول: «و حن اليه».

[4] يقال: مدين تجاه تبوك بين المدينة و الشام علي ست مراحل، و بها استقي موسي عليه السلام لبنات شعيب (معجم البلدان: ج 4 ص 451).

[5] هود: 86.

[6] المناقب لابن شهر آشوب: ج 4 ص 189، و الكافي: ج 1 ص 471 ح 5، و مرآة العقول: ج 6 ص 21 ح 5.

[7] الكافي: ج 1 ص 472 قطعة من ح 5.

[8] مرآة العقول: ج 6 ص 22 و 23.

[9] في اعلام الوري: بزيادة «ما كنت تصنع؟».

[10] الارشاد للمفيد: ص 263 و 264.

[11] المستطرف لأبي الفتح الأبشيهي: ج 1 ص 7.

[12] سبأ: 13.

[13] كشف الغمة: ج 2 ص 117 و 118، و عنه البحار: ج 46 ص 290 ح 14.

[14] الكافي: ج 2 ص 487 باب الاجتماع في الدعاء ح 3.

[15] الكافي: ج 2 ص 499 باب ذكر الله عزوجل قطعة من ح 1.