بازگشت

بشارة الرسول به


ذكرنا في بداية الحديث عن مولده و تسميته و سبب تلقيبه بالباقر حديث جابر بن عبدالله الأنصاري، و الحديث هو من الصحيح الثابت المروي بطرق الفريقين و يحمل عدة مداليل مهمة أشرنا الي أحدها هناك، و نشير الي مدلول آخر منها و هو أن رسول الله صلي الله عليه و آله بشر به قبل مولده الشريف بنحو من نصف قرن، و هذا ان دل علي شي ء فانما يدل علي عظيم اهتمام النبي الأعظم صلي الله عليه و آله به و بأهل بيته الأطهار عليهم السلام، و ان اهتمامه هذا نابع من اهتمام السماء بهؤلاء الصفوة، و هو الذي (و ما ينطق عن الهوي ان هو الا وحي يوحي) [1] .

و لأهمية حديث جابر و روايته بألفاظ مختلفة، نورده هنا باعتباره أهم مصاديق البشارة :

روي جابر بن يزيد الجعفي كما في كتاب العلل : لما سأله عمر بن شمر لم سمي الباقر باقرا؟ قال : لأنه بقر العلم بقرا، - أي شقه شقا و أظهره اظهارا - . ثم قال : و لقد حدثني جابر بن عبدالله الأنصاري أنه سمع رسول الله صلي الله عليه و آله يقول : يا جابر انك ستبقي حتي تلقي ولدي محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) المعروف بالباقر (عليه السلام)، فاذا لقيته فاقرئه مني السلام، فلقيه جابر بن عبدالله الأنصاري في بعض سكك المدينة، فقال : يا غلام من أنت؟ فقال : أنا محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، فقال له جابر : يا بني أقبل، فأقبل ثم قال له : أدبر، فأدبر، فقال رضي الله عنه : شمائل رسول الله صلي الله عليه و آله و رب



[ صفحه 49]



الكعبة، ثم قال : يا بني ان رسول الله صلي الله عليه و آله يقرؤك السلام، فقال عليه السلام : علي رسول الله صلي الله عليه و آله السلام، فقال له جابر : يا باقر يا باقر أنت الباقر، أنت الذي تبقر العلم بقرا. ثم كان يأتي اليه فيجلس بين يديه فيعلمه و ربما غلط جابر فيما يحدث به عن رسول الله صلي الله عليه و آله فيرد عليه الباقر عليه السلام و يذكره فيقبل ذلك منه و يرجع الي قوله، و كان يقول : يا باقر يا باقر أشهد أنك أوتيت الحكم صبيا [2] .

و في البحار للشيخ المجلسي ج 46 ص 225 و الاختصاص للشيخ المفيد ص 62 عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار رفعه، عن حريز، عن أبان بن تغلب قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : ان جابر بن عبدالله كان آخر من بقي من أصحاب رسول الله صلي الله عليه و آله و كان منقطعا الينا أهل البيت و كان يقعد في مسجد رسول الله صلي الله عليه و آله و هو معتم بعمامة سوداء و كان ينادي : يا باقر يا باقر فكان أهل المدينة يقولون : جابر يهجر، فكان يقول : لا و الله ما أهجر ولكني سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله يقول : انك ستدرك رجلا اسمه اسمي و شمائله شمائلي يبقر العلم بقرا فذلك الذي دعاني الي ما أقول، قال : فبينا جابر يتردد ذات يوم في بعض طرق المدينة اذ مر محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام فلما نظر اليه قال : يا غلام أقبل فأقبل ثم قال له : أدبر فأدبر فقال : شمائل رسول الله صلي الله عليه و آله و الذي نفس جابر بيده، يا غلام ما اسمك؟ قال : اسمي محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، فأقبل عليه يقبل رأسه فقال : بأبي أنت و امي أبوك رسول الله صلي الله عليه و آله يقرئك السلام فقال عليه السلام : و علي رسول الله صلي الله عليه و آله السلام. فرجع محمد بن علي الي أبيه علي بن الحسين و هو ذعر [3] فأخبره الخبر، فقال : يا بني الزم بيتك، و كان جابر يأتيه طرفي النهار و كان أهل المدينة يقولون : و اعجباه لجابر يأتي هذا الغلام طرفي النهار و هو آخر من بقي من أصحاب رسول الله صلي الله عليه و آله، فلم يلبث أن



[ صفحه 50]



مضي علي بن الحسين عليهماالسلام و كان محمد بن علي عليهماالسلام يأتيه علي وجه الكرامة لصحبته رسول الله صلي الله عليه و آله، قال : فجلس محمد بن علي عليهماالسلام يحدثهم عن الله تبارك و تعالي فكان أهل المدينة يقولون : ما رأينا أحدا قط أجرأ من ذا، فلما رأي ما يقولون حدثهم عن رسول الله صلي الله عليه و آله فقال أهل المدينة : و ما رأينا أحدا قط أكذب من هذا يحدث عمن لم يره، فلما رأي ما يقولون حدثهم عن جابر بن عبدالله عن رسول الله صلي الله عليه و آله فصدقوه و كان و الله جابر يأتيه و يتعلم منه [4] .

روي ميمون القداح، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال : «دخلت علي جابر بن عبدالله رحمة الله عليه فسلمت عليه، فرد علي السلام ثم قال لي : من أنت؟ - و ذلك بعد ما كف بصره - فقلت : محمد بن علي بن الحسين، فقال : يا بني ادن مني، فدنوت منه فقبل يدي ثم أهوي الي رجلي يقبلها فتنحيت عنه، ثم قال لي : ان رسول الله صلي الله عليه و آله يقرئك السلام، فقلت : و علي رسول الله السلام و رحمة الله و بركاته، و كيف ذلك يا جابر؟ فقال : كنت معه ذات يوم فقال لي : يا جابر، لعلك أن تبقي حتي تلقي رجلا من ولدي يقال له محمد بن علي بن الحسين، يهب الله له النور و الحكمة فأقرئه مني السلام» [5] .

و روي عن جابر بن عبدالله في حديث مجرد أنه قال : قال لي رسول الله صلي الله عليه و آله : يوشك أن تبقي حتي تلقي ولدا لي من الحسين يقال له محمد، يبقر علم الدين بقرا، فاذا لقيته فأقرئه مني السلام [6] .

و في البشارة عن الصادق عليه السلام عن أبيه عليه السلام قال : دخلت علي جابر بن



[ صفحه 51]



عبدالله فسلمت عليه فرد علي السلام و قال لي : من أنت؟ - و ذلك بعد ما كف بصره - فقلت : محمد بن علي الباقر عليه السلام، فقال : يا بني، ادن مني، فدنوت منه فقبل يدي ثم أهوي الي رجلي فقبلهما فتنحيت عنه، ثم قال : يا بني ادن مني فان رسول الله صلي الله عليه و آله يقرؤك السلام فقلت : و علي رسول الله صلي الله عليه و آله السلام و رحمة الله و بركاته، و كيف ذلك يا جابر؟ ثم ذكر بقية الحديث الأول.

و هذا الحديث مخالف لكثير من الأخبار الشاهدة بشهادة جابر له بقول رسول الله صلي الله عليه و آله و باقرائه السلام و هو مبصر، و لهذا شاهد علاماته و شمائله التي أودعها اياه و هي لاتكون الا مع الابصار، فلعله قد لقيه مرتين و يشهد لهذا ما في كشف الغمة [7] عن أبي الزبير، محمد بن مسلم المكي أنه قال : كنا عند جابر بن عبدالله فأتاه علي بن الحسين عليه السلام و معه ابنه محمد عليه السلام و هو صبي، فقال علي عليه السلام : قبل رأس عمك فدنا محمد عليه السلام من جابر فقبل رأسه، فقال جابر : من هذا؟ و كان قد كف بصره، فقال علي عليه السلام : هذا ابني محمد فضمه جابر اليه، فقال : يا محمد يا محمد ان رسول الله صلي الله عليه و آله يقرؤك السلام، فقالوا لجابر : كيف ذلك يا أباعبدالله؟ قال : كنت عند رسول الله صلي الله عليه و آله و الحسين عليه السلام في حجره يلاعبه، فقال : يا جابر يولد لابني هذا ابن يقال له علي عليه السلام اذا كان يوم القيامة نادي مناد : ليقم سيد العابدين فيقوم علي بن الحسين عليه السلام، و يولد لعلي بن الحسين عليه السلام ابن يقال له محمد، يا جابر ان رأيته فاقرئه مني السلام و اعلم أن بقاءك بعد رؤيته يسيرا فلم يعش بعد ذلك جابر الا يسيرا [8] .



[ صفحه 52]




پاورقي

[1] سورة النجم : 53 / 3.

[2] مجموعة وفيات الأئمة عليهم السلام / مجموعة من العلماء : 184. علل الشرايع للشيخ الصدوق : 233.

[3] أي خائف.

[4] رواه الكشي في رجاله : 27. و الراوندي في الخرائج. و الكليني في الكافي 1 : 469 و في الخرائج و الكافي «معتجر» مكان «معتم» و قال الجزري : الاعتجار هو ان يلف العمامة علي رأسه و يرد طرفها علي وجهه و لا يعمل منها شيئا تحت ذقنه.

[5] الارشاد / المفيد 2 : 158.

[6] اعلام الوري / الطبرسي : 268، الارشاد / المفيد 2 : 159 و عنه في البحار / المجلسي 46 : 222.

[7] كشف الغمة / الاربلي 2 : 330.

[8] مجموعة وفيات الأئمة / مجموعة من العلماء : 185.