بازگشت

النص علي امامته


لقد تواترت النصوص العامة و الخاصة الدالة علي امامته عليه السلام منها ما هو عن النبي صلي الله عليه و آله و منها نص عن الامام أميرالمؤمنين عليه السلام، و منها عن أبيه الامام علي بن الحسين عليه السلام، الذي نص عليه بالامامة في حياته و أمام ملأ من شيعته و في ساعة احتضاره، و غيرها من النصوص التي سنعرض لها تباعا بعد هذه الالمامة القصيرة.

آلت اليه الامامة بعد شهادة أبيه السجاد عليه السلام و له من العمر ثمان و ثلاثون سنة أو نحو ذلك. و قد قام بأعباء الامامة طيلة تسعة عشر عاما أرسي خلالها دعائم جامعة أهل البيت الاسلامية التي رسم معالمها الامام زين العابدين عليه السلام.

و الروايات التي دلت علي امامته عليه السلام كثيرة منها خبر اللوح المروي عن جابر بن عبدالله الذي هبط به جبرئيل عليه السلام علي رسول الله صلي الله عليه و آله من الجنة، فأعطاه فاطمة عليهاالسلام و فيه أسماء الأئمة من بعده، و كان فيه : محمد بن علي الامام بعد أبيه [1] كما رواه الامام الباقر عليه السلام نفسه عن أبيه عن جده عن فاطمة بنت رسول الله (صلي الله عليهم أجمعين) [2] .

و روي أيضا أن الله تبارك و تعالي أنزل الي نبيه (عليه و آله السلام) كتابا مختوما باثني عشر خاتما، و امره أن يدفعه الي أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام و أمره أن يفض أول خاتم فيه و يعمل بما تحته، ثم يدفعه عند وفاته الي ابنه الحسن عليه السلام و يأمره أن يفض الخاتم الثاني و يعمل بما تحته، ثم يدفعه



[ صفحه 53]



عند حضور وفاته الي أخيه الحسين و يأمره أن يفض الخاتم الثالث و يعمل بما تحته، ثم يدفعه الحسين عند وفاته الي ابنه علي بن الحسين عليهماالسلام و يأمره بمثل ذلك، و يدفعه علي بن الحسين عند وفاته الي ابنه محمد بن علي الباقر عليه السلام و يأمره بمثل ذلك، ثم يدفعه محمد بن علي الي ولده حتي ينتهي الي آخر الأئمة عليهم السلام أجمعين [3] .

و أما ما جاء عن الرسول الأعظم صلي الله عليه و آله، و تواترت الأخبار عنه فقد روي سلمان الفارسي قال : «كنا مع رسول الله صلي الله عليه و آله و الحسين بن علي علي فخذه اذ تفرس في وجهه و قال له : يا أباعبدالله أنت سيد من سادتنا، و أنت امام ابن امام أخو امام، و أبو أئمة تسعة تاسعهم قائمهم، أعلمهم، أحكمهم، أفضلهم» [4] .

و روي عبدالله بن عمر قال : سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله يقلو : «يكون خلفي اثنا عشر خليفة» [5] .

و معلوم أن هذه العدة المنصوص عليها من قبل النبي محمد صلي الله عليه و آله منحصرة في أهل البيت الاطهار عليهم السلام، فهم اثنا عشر اماما و الامام الباقر عليه السلام الخامس من هذه السلسلة الطيبة.

و جاء في الأنوار البهية للمحدث الثقة الشيخ عباس القمي رحمه الله أنه روي في حديث عن النبي صلي الله عليه و آله قال : اذا قضي الحسين عليه السلام قام بالأمر بعده علي ابنه عليه السلام و هو الحجة و الامام. و يخرج الله من صلب علي ولدا سميي و أشبه الناس بي، علمه علمي، و حكمه حكمي، و هو الامام و الحجة بعد أبيه عليه السلام.

و ليس أدل من هذا الحديث بعد علي امامة امامنا الباقر عليه السلام.

و سأل جابر بن عبدالله الأنصاري رسول الله صلي الله عليه و آله بقوله : يا رسول الله و من



[ صفحه 54]



الأئمة من ولد علي بن أبي طالب؟ قال صلي الله عليه و آله : الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة ثم سيد الصابرين في زمانه علي بن الحسين ثم الباقر محمد بن علي، و ستدركه يا جابر، فاذا ادركته فأقرئه عني السلام [6] .

و عن جابر بن يزيد الجعفي، قال : سمعت جابر بن عبدالله الأنصاري يقول : لما أنزل الله عزوجل علي نبيه محمد صلي الله عليه و آله :

(يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم) [7] قلت : يا رسول الله عرفنا الله و رسوله فمن أولوالأمر الذين قرن الله طاعتهم بطاعتك؟ فقال صلي الله عليه و آله : هم خلفائي يا جابر، و أئمة المسلمين من بعدي، أولهم علي بن أبي طالب ثم الحسن و الحسين ثم علي بن الحسين ثم محمد بن علي [8] .

و كان في وصية أميرالمؤمنين عليه السلام الي ولده ذكر محمد بن علي و الوصاة به [9] ، كما عددهم عليه السلام و ذكر أسماءهم واحدا بعد واحد حتي انتهي الي القائم حين حضرته الوفاة، فكان من ضمن وصيته للحسن السبط عليه السلام أن عهد له بالامامة و أشهد علي وصيته جميع ولده و أهل بيته و رؤساء شيعته، و قال له : يا بني انه أمرني رسول الله صلي الله عليه و آله أن أوصي اليك و أدفع اليك كتبي و سلاحي، كما أوصي الي و دفع الي كتبه و سلاحه. و أمرني أن آمرك اذا حضرك الموت أن تدفعها الي أخيك الحسين، ثم أقبل علي ابنه الحسين عليه السلام. فقال : و أمرك رسول الله أن تدفعها الي ابنك هذا، ثم أخذ بيد علي بن الحسين عليه السلام، و قال : و أمرك رسول الله أن تدفعها الي ابنك محمد بن علي، فأقرئه من



[ صفحه 55]



رسول الله و مني السلام [10] .

و أما في التنصيص عليه منم أبيه عليه السلام بالامامة فهي كثيرة جدا، فمنها خبر عثمان بن خالد كما في كتاب النصوص و المعجزات قال : مرض علي بن الحسين عليه السلام مرضه الذي توفي فيه، فجمع أولاده محمدا و الحسن و عبدالله و عمر و زيدا و الحسين و أوصي الي ابنه محمد عليه السلام و كناه الباقر و جعل أمرهم اليه [11] .

و في خبر الزهري كما في النصوص و المعجزات و كذا في كفاية الأثر و غيره قال : دخلت علي علي بن الحسين عليه السلام في مرضه الذي توفي فيه ثم دخل عليه محمد ابنه فحدثه بالسر فسمعته يقول : عليك بحسن الخلق فقلت : يابن رسول الله صلي الله عليه و آله ان وقع من أمرالله مما لابد منه - و وقع في نفسي أنه عليه السلام قد نعي نفسه - فالي من نختلف بعدك؟ فقال : يا أباعبدالله الي ابني هذا - و أشار الي ابنه محمد الباقر عليه السلام - فانه وصيي و وارثي و عيبة علمي و معدن الحكم و باقر العلم، ثم قال عليه السلام : سوف يختلف اليه خلاص شيعتي و يبقر العلم عليهم بقرا. قال : ثم أرسل ابنه محمدا عليه السلام في حاجة له الي السوق فلما جاء قلت : يابن رسول الله هلا أوصيت الي أكبر أولادك، قال : يا أباعبدالله ليست الامامة بالكبر و الصغر هكذا عهد الينا رسول الله صلي الله عليه و آله و هكذا وجدناه في اللوح و الصحيفة، قلت : يابن رسول الله فكم عهد اليكم نبيكم أن يكون الأوصياء من بعده؟ قال : وجدناه في الصحيفة و اللوح اثناعشر أسامي مكتوبة بامامتهم و أسامي آبائهم و أمهاتهم، ثم قال : يخرج من صلب ابني محمد سبعة من الأولياء فيهم المهدي (عجل الله فرجه) [12] .



[ صفحه 56]



و دخل عليه جماعة من أعلام شيعته فدلهم علي أمامة ولده الباقر، و نصبه مرجعا و علما لأمة جده، ثم دفع اليه سفطا و صندوقا فيه مواريث الأنبياء، و كان فيه سلاح رسول الله صلي الله عليه و آله و كتبه [13] .

و قال الامام زين العابدين عليه السلام : ألا و انه الامام أبو الأئمة، معدن العلم، يبقره بقرا، و الله لهو اشبه الناس برسول الله صلي الله عليه و آله.

قال المسعود : فلما قربت ايامه - يقصد علي بن الحسين - عليه السلام، أحضر أباجعفر ابنه، و أوصي اليه، فحضر جماعة من خواصه الوصية الظاهرة، و سلم اليه بعد ذلك الاسم الأعظم، و مواريث الأنبياء.

و دخل جابر علي علي بن الحسين عليهماالسلام فوجد ابنه محمد بن علي عليهماالسلام عنده غلاما، فقال له : من هذا؟

قال : هذا ابني، و صاحب الأمر بعدي، محمد الباقر عليه السلام [14] .

و ما رواه محمد بن يعقوب الكليني، عن أحمد بن ادريس، عن محمد بن عيسي الجبار، عن أبي القاسم الكوفي، عن محمد بن سهل، عن ابراهيم بن أبي البلاد، عن اسماعيل بن محمد بن عبدالله بن علي بن الحسين، عن أبي جعفر قال : لما حضرت علي بن الحسين عليه السلام الوفاة أخرج سفطا أو صندوقا عنده، فقال : يا محمد احمل هذا الصندوق، قال : فحمل بين أربعة [رجال] فلما توفي جاء اخوته يدعون في الصندوق سهما، قال : و الله ما لكم فيه شي ء، و لو كان لكم فيه شي ء ما دفعه الي، و كان في الصندوق سلاح رسول الله و كتبه [15] .

و جاء في بحارالأنوار للشيخ المجلسي، عن مالك بن أعين الجهني قال :



[ صفحه 57]



أوصي علي بن الحسين عليه السلام ابنه محمد بن علي عليه السلام فقال : بني اني جعلتك خليفتي من بعدي لايدعي فيما بيني و بينك أحد الا قلده الله يوم القيامة طوقا من نار، فاحمدالله علي ذلك و اشكره، يا بني اشكر لمن أنعم عليك، و أنعم علي من شكرك، فانه لاتزول نعمة اذا شكرت، و لابقاء لها اذا كفرت، و الشاكر بشكره أسعد منه بالنعمة التي وجب عليه بها الشكر. و تلا علي بن الحسين :

(لئن شكرتم لأزيدنكم و لئن كفرتم ان عذابي لشديد) [16] .

و عن أبي خالد قال : قلت لعلي بن الحسين : من الامام بعدك؟ قال : محمد ابني يبقر العلم بقرا [17] .

و أما النصوص الدالة علي امامة الباقر عليه السلام من غير النبي صلي الله عليه و آله و الأئمة عليهم السلام فهي عديدة، أيضا.

و منها : أن الامام زين العابدين عهد الي الامام الباقر عليهماالسلام أن يتولي غسله و تكفينه و سائر شؤونه حتي يواريه في مقره الأخير [18] و معلوم أن الامام المعصوم لايتولي تغسيله و تكفينه الا امام معصوم، و ذلك ثابت بالأدلة و النصوص التي تعضده.

فعن أبي بصير : قال أبوجعفر : كان فيما أوصي أبي الي أن قال : يا بني اذا أنا مت فلا يلي غسلي أحد غيرك فان الامام لا يغسله الا امام، و اعلم أن عبدالله أخاك سيدعو الناس الي نفسه فدعه فان عمره قصير، فلما مضي أبي و غسلته كما أمرني و ادعي عبدالله الامامة مكانه فكان كما قال أبي، و ما لبث عبدالله الا يسيرا حتي مات، و كانت هذه من دلالته يبشر بالشي ء قبل أن يكون فيكون و بها



[ صفحه 58]



يعرف الامام [19] .

الخبر فيه تأمل : اذ لم تشر المصادر الي ادعاء عبدالله الامامة لنفسه بل كان علي جانب من العلم و التقوي و تولي صدقات النبي صلي الله عليه و آله و أميرالمؤمنين عليه السلام.

و منها : ما روي عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : سمعته يقول : ان عمر بن عبدالعزيز كتب الي ابن حزم أن يرسل اليه بصدقة - أي دفتر الصدقات - علي و عمر عثمان، و ان ابن حزم بعث الي زيد بن الحسن و كان أكبرهم سنا، فسأله الصدقة : فقال زيد : ان الولي بعد أميرالمؤمنين عليه السلام الحسن و بعد الحسن، الحسين و بعد الحسين علي بن الحسين و بعد علي بن الحسين محمد بن علي فابعث اليه، فبعث ابن حزم الي أبي فأرسلني أبي بالكتاب فدفعته الي ابن حزم، فقال له بعضنا : يعرف هذا ولد الحسن؟ قال : نعم، كما تعرفون أن هذا ليل (و كان الوقت ليلا) ولكنهم يحملهم الحسد، و لو طلبوا الحق بالحق لكان خيرا لهم، ولكنهم يطلبون الدنيا [20] .

و منها : خبر حبابة الوالبية الذي رواه الفضل بن الحسن الطبرسي (ت 548 ه) صاحب مجمع البيان في الصحيفة 209 من كتابه اعلام الوري بأعلام الهدي.

و منها : أنه كان أفضل اخوته و أهل زمانه علما و عملا، و هذا ما شهد به حتي مخالفوه، بل أعداؤه أيضا، و الامامة لا تكون الا للأفضل دون المفضول بدلائل العقول حيث كان الباقر عليه السلام من بين اخوته خليفة أبيه و وصيه، و القائم بالامامة من بعده، و برز علي جماعتهم بالفضل في العلم و الزهد و السؤدد، و كان أنبههم ذكرا و أجلهم في العامة و الخاصة و أعظمهم قدرا، و لم يظهر عن أحد من ولد الحسن و الحسين عليهماالسلام من علم الدين و الآثار و السنة و علم القرآن و السيرة و فنون الآداب ما ظهر عن أبي جعفر الباقر عليه السلام. و روي عنه معالم الدين بقية



[ صفحه 59]



الصحابة و وجوه التابعين و رؤساء فقهاء المسلمين. (قال) : و قد روي أبوجعفر الباقر عليه السلام أخبار المبتدأ و أخبار الأنبياء، و كتب عنه العلماء المغازي و أثروا عنه السنن، و اعتمدوا عليه في مناسك الحج التي رواها عن رسول الله صلي الله عليه و آله، و كتبوا عنه تفسير القرآن، و روت عنه الخاصة و العامة الأخبار، و ناظر من كاد يرد عليه من أهل الآراء، و حفظ الناس عنه كثيرا من علم الكلام. و صار بالفضل علما لأهله تضرب به الأمثال، و تشد اليه الرحال، و تسير بوصفه الآثار و الأشعار، قال مالك بن أعين الجهني من قصيدة يمدحه بها :



اذا طلب الناس علم القرا

ن كانت قريش عليه عيالا



و ان قيل أين ابن بنت النبي

تلقت يداه فروعا طوالا



نجوم تهلل للمدلجين

جبال تورث علما جبالا



و فيه يقول القرطي - أو الغرضي - :



يا باقر العلم لأهل التقي

و خير من لبي علي الاجبل



و منها : أنه كان أولي بأبيه علي بن الحسين و أحق من اخوته و الناس أجمعين بمقامه من بعده بالفضل و النسب، و الأولي بالامام الماضي أحق بمقامه من غيره بدلالة آية ذي الأرحام و قصة زكريا [21] .

و منها : وجوب الامامة عقلا في كل زمان، و عدم ادعاء الامامة في أيام الباقر عليه السلام سواه، فثبتت فيه، لاستحالة خلو الزمان من امام معصوم [22] و أما ما كان من أمر زيد بن علي فسنأتي عليه بشي ء من التفصيل في محله عند استعراض اخوة الامام عليه السلام.

و كان جابر بن يزيد الجعفي اذا روي عن محمد بن علي عليهماالسلام شيئا قال : حدثني وصي الأوصياء و وارث علم الأنبياء محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام [23] .



[ صفحه 60]




پاورقي

[1] الارشاد / المفيد 2 : 159.

[2] راجع فرائد السمطين 2 : 136 / 432 - 435 و الكافي 1 : 442 / 3 و اكمال الدين 311 / 1 و عيون أخبار الرضا 1 : 40 و الارشاد 2 : 138.

[3] الارشاد / المفيد 2 : 159 - 160.

[4] حياة الامام محمد الباقر عليه السلام / القرشي 1 : 203.

[5] المصدر السابق 1 : 204.

[6] اكمال الدين و اتمام النعمة / الصدوق : 253.

[7] سورة النساء : 4 / 59.

[8] ينابيع المودة / القندوزي : 360.

[9] الارشاد / المفيد 2 : 158، كشف الغمة / الاربلي 2 : 335.

[10] اعلام الوري / الطبرسي : 207، البحار / المجلسي 42 : 250.

[11] مجموعة وفيات الأئمة عليهم السلام / مجموعة من العلماء : 186.

[12] المصدر السابق : 188، حياة الامام الباقر عليه السلام / القرشي 1 : 52 - 53، البحار / المجلسي 46 : 232 / 9.

[13] حياة الامام محمد الباقر عليه السلام / القرشي 1 : 53.

[14] أئمتنا / علي محمد علي دخيل 1 : 337 - 338.

[15] اعلام الوري / الطبرسي : 265، البحار / المجلسي 46 : 229 - 230.

[16] سورة ابراهيم : 14 / 7. و انظر البحار / المجلسي 46 : 231 / 8.

[17] البحار / المجلسي 46 : 230.

[18] حياة الامام محمد الباقر عليه السلام / القرشي 1 : 54.

[19] كشف الغمة / الاربلي 3 : 351.

[20] اعلام الوري / الطبرسي : 266.

[21] الارشاد / المفيد 2 : 138.

[22] الارشاد / المفيد 2 : 138.

[23] المصدر السابق 2 : 160.