بازگشت

حرق الجثمان الشريف


و بقي جثمان زيد مرفوعا علي أعواد المشانق، و هو يضي ء للناس طريق الحرية و الكرامة، و يدفعهم الي التمرد علي الذل و الخنوع، و يبعث في نفوسهم روح الثورة علي الظلم و الجور، و قد وضعت عليه السلطة الحرس، و عددهم اربعمائة، و جعلت الرقابة في كل ليلة لمائة رجل، و بنيت للحرس حول الجذع بناية، خوفا من أن يختلس الجثمان العظيم، و يواري في التراب [1] .

و لما هلك الطاغية هشام، و ولي الحكم من بعده الوليد بن يزيد فاجر بني أمية كتب الي حاكم الكوفة يوسف بن عمر كتابا يأمره بأن ينزل الجثمان المقدس من الخشبة و يحرقه بالنار [2] و قام السفاك بتنفيذ ما عهد اليه، فأحرق الجسد الطاهر الذي ثار ليطهر الارض من الظالمين و يعيد للانسان كرامته، و حقه في الحياة.



[ صفحه 77]



و بعد ما أحرق الجثمان العظيم عمد الباغي يوسف بن عمر فذره في الفرات و هو يقول : «و الله يا أهل الكوفة لادعنكم تأكلونه في طعامكم، و تشربونه في مائكم» [3] .

لقد كان جزاء النبي صلي الله عليه و آله الذي حرر أمته من حياة التيه في الصحراء، ان عمد الامويون الي قتل ذريته و عترته، و التمثيل بهم تمثيلا.

فسلام عليه يوم ولد و يوم جاهد و يوم استشهد و يوم يبعث حيا.

و ذكره الزركلي في اعلامه : [4] .

زيد بن علي بن الحسين.. الامام، أبوالحسين العلوي الهاشمي القرشي 79 / 122 ه - 698 - 740 م - و يقال له : «زيد الشهيد» عده الجاحظ من خطباء بني هاشم، و قال أبوحنيفة : ما رأيت في زمانه أفقه منه و لا أسرع جوابا و لا أبين قولا.

كانت اقامته بالكوفة و المدينة و أشخص الي الشام، فضيق عليه هشام ابن عبدالملك، و حبسه خمسة أشهر، و عاد الي الكوفة ثم الي المدينة، فلحق به بعض أهل الكوفة يحرضونه علي قتال الامويين، و رجعوا به الي الكوفة سنة 120 ه فبايعه أربعون ألفا علي الدعوة الي الكتاب و السنة، و جهاد الظالمين و الدفع عن المستضعفين، و اعطاء المحرومين و العدل في قسمة الفي ء، ورد المظالم، و نصرة اهل البيت.

و كان العامل علي العراق يوسف بن عمر الثقفي، فكتب الي الحكم بن الصلت و هو في الكوفة أن يقاتل زيدا، ففعل، و نشبت معارك انتهت بمقتل زيد، في الكوفة، و حمل رأسه الي الشام فنصب علي باب دمشق، ثم أرسل الي المدينة فنصب عند قبر النبي صلي الله عليه و آله يوما و ليلة، و حمل الي مصر فنصب بالجامع،



[ صفحه 78]



فسرقه اهل مصر و دفنوه.

و وقف المجمع العلمي في ميلانو «بايطاليا» مؤخرا علي «مجموع في الفقه» رواه أبوخالد الواسطي عن زيد بن علي، فان صحت النسبة كان هذا الكتاب أول كتاب دون في الفقه الاسلامي. و مثله «تفسير غريب القرآن».

و ذكر من المصادر ما ينيف علي الخمسة عشر مصدرا نقل عنه.

و ذكره اليعقوبي في تاريخه [5] ملخصا :

اقدم هشام زيد بن علي بن الحسين، و بعد محاججات كثيرة، ارسله الي الكوفة بحجة أن خالد بن عبدالله القسري له عند زيد مبلغ ستمائة الف درهم فلما اجتمعا عند يوسف بن عمر، قال خالد : و الله الذي لا اله الا هو مالي عنده قليل و لا كثير، و ما اردتم باحضاره الا ظلمه.

قاقبل يوسف بن عمر علي زيد، و قال له : ان هشام أمرني أن اخرجك من الكوفة ساعة قدومك، قال زيد : فاستريح ثلاثا ثم اخرج، قال : مالي الي ذلك سبيل، قال : فيومي هذا، قال : و لا ساعة واحدة، فاخرجه من ساعته مخفورا، فلما صاروا بالعذيب انصرفوا عنه، و انكفأ زيد راجعا الي الكوفة، فاجتمع اليه من بها من الشيعة، و بلغ يوسف بن عمر، فوثب اليهم فكانت بينهم ملحمة، ثم قتل زيد بن علي.. الخ.

و لما قتل زيد، و كان من أمره ما كان تحركت شيعة خراسان و ظهر أمرهم و كثر من يأتيهم و يميل معهم، و جعلوا يذكرون للناس أفعال بني أمية، [و جرائمهم] و ما نالوا من آل الرسول صلي الله عليه و آله حتي لم يبق بلد الا و فشا فيه الخبر.

و كان هشام من احزم بني أمية، و كان حسودا، بخيلا، فظا، غليظا، ظلوما، شديد القسوة، بعيد الرحمة، طويل اللسان.

و فشا الطاعون في أيامه حتي هلك عامة الناس، و ذهبت الدواب و البقر.



[ صفحه 79]



و في معجم رجال الحديث : [6] .

زيد بن علي بن الحسين عليه السلام من أصحاب الامام السجاد، وعده في أصحاب الامام الباقر عليه السلام و في أصحاب الامام الصادق عليه السلام مضيفا الي ما في العنوان قوله : ابوالحسين مدني تابعي قتل سنة احدي و عشرين و مائة و له اثنتان و اربعون سنة.

و قال الشيخ المفيد قدس سره : و كان «زيد بن علي بن الحسين عليهماالسلام» عين اخوته بعد أبي جعفر عليه السلام و افضلهم، و كان عابدا ورعا فقيها سخيا شجاعا.. الي آخر ما ذكره العلامة السيد الخوئي قدس سره في معجمه مفصلا فراجع.

و ذكره السيد الامين في اعيانه [7] ملخصا.

ابوالحسين زيد الشهيد ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام.

ولد سنة 78 و استشهد سنة 120 ه فيكون عمره 42 سنة و قيل استشهد سنة 121 ه.

امه ام ولد اسمها حورية، أو حوراء، اشتراها المختار بن أبي عبيدة الثقفي و اهداها الي الامام علي بن الحسين عليه السلام فولدت له زيدا، و عمر، و عليا، و خديجة.

و يأتي أن هشام بن عبدالملك عيره بأنه ابن أمة، فأجابه : ان اسماعيل ابن أمة و كان نبيا مرسلا، و خرج من صلبه سيد ولد ادم، و انه لا يعصر برجل جده رسول الله صلي الله عليه و آله ان يكون ابن امة. و مما ذكر السيد الامين في اعيانه خبر خروجه و مقتله.

قال ابوالفرج و ابن الاثير : فلما دنا خروجه امر اصحابه بالاستعداد و التهيؤ فجعل من يريد ان يفي له يستعد، و شاع ذلك.



[ صفحه 80]



و قال ابوالفرج : فانطلق سليمان بن سراقة البارقة فاخبر يوسف بن عمر بخبره فبعث يوسف يطلب زيدا ليلا فلم يجده عند الرجلين اللذين سعي اليه انه عندهما، فاتي بهما يوسف فلما كلمهما [اعترفا] استبان امر زيد و اصحابه، و امر بهما يوسف فضربت اعناقهما.

و بلغ الخبر زيدا فتخوف ان يؤخذ عليه الطريق، فتعجل الخروج قبل الأجل الذي بينه و بين أهل الامصار، و كان قد وعد أصحابه ليلة الاربعاء أول ليلة من صفر سنة 122 ه فخرج قبل الأجل،... الخ.

و في مقاتل الطالبيين بسنده عن محمد بن الفرات : رأيت زيد بن علي و قد اثر السجود بوجهه أثرا خفيفا.

و روي أبوالفرج في المقاتل بسنده عن أبي خالد : كان في خاتم زيد بن علي «اصبر تؤجر، و توق تنج».

و اقوال العلماء فيه كثيرة :

1 - المفيد في ارشاده : كان زيد عين اخوته بعد أبي جعفر عليه السلام و أفضلهم.

2 - و السيد علي خان الشيرازي في أوائل شرحه علي الصحيفة الكاملة، في رياض السالكين : كان جم الفضائل، عظيم المناقب، و كان يقال له حليف القرآن.

3 - و في عمدة الطالب / 227 : «زيد الشهيد» مناقبه أجل من أن تحصي، و فضله أكثر من ان يوصف، و يقال له حليف القرآن.

4 - و في الرياض : امام الزيدية، كان سيدا كبيرا عظيما في أهله و عند شيعة أبيه، و الروايات في فضله كثيرة. و العلماء مطبقون علي فضله، و ان وجد من يخالفهم فشاذ.

5 - و في نكث البيان عن السيد علي خان الحويزي انه من خيرة اولاد الائمة المعصومين و كان فيه الفضل، و التقي، و الزهد، و الورع، ما يتفوق به



[ صفحه 81]



علي غيره، و لم يكن يفضله الا الأئمة المعصومون.

6 - و عن الشيخ بهاء الدين العاملي، في آخر رسالته المعمولة في اثبات وجود القائم (عج) انه قال : انا معشر الامامية لا نقول في زيد الا خيرا، و كان الامام جعفر الصادق يقول كثيرا : رحم الله عمي زيدا.

و ما جاء عن أئمة أهل البيت عليهم السلام و غيرهم في مدح «زيد الشهيد»، ما رواه الصدوق في العيون، و في الامالي و الكليني في الروضة، و ما رواه في مقاتل الطالبيين، و ما رواه السيد المرتضي في مدحه، و غيرهم مما يطول شرحه كل ذلك ذكره العلامة السيد محسن الأمين في اعيانه [8] مفصلا [9] .

الي هنا نختتم ترجمة حياة شهيدنا الغالي، و اليك بعض المصادر التي عثرنا عليها.



[ صفحه 82]




پاورقي

[1] انساب الاشراف : 3 / 256.

[2] مقاتل الطالبيين : 147.

[3] تاريخ اليعقوبي 2 / 391.

[4] الاعلام / الزركلي 3 : 59.

[5] تاريخ اليعقوبي : 2 / 325.

[6] معجم رجال الحديث / الخوئي 8 : 357 الطبعة الخامسة 1413 ه / 1992 م.

[7] اعيان الشيعة : 7 / 107.

[8] اعيان الشيعة : 7 / 107 - 125.

[9] و من المصادر التي ترجمت «لزيد الشهيد» :

1 - مقاتل الطالبيين / الحلبي : 127.

2 - تاريخ الكوفة : 327.

3 - الفرق بين الفرق : 25.

4 - فوات الوفيات 1 / 164.

5 - الطبري : 8 / 260 و 271، ذكره في وفيات عام 121 ثم في وفيات عام 122 ه.

6 - تهذيب ابن عساكر 6 / 15.

7 - البعثة المصرية / 18.

8 - ذيل المذيل / 97.

9 - ابن خلدون 3 / 98.

10 - ابن الاثير 5 / 84.

11 - الدر الفريد / 40.

12 - الذريعة 1 / 331 و 332.

13 - تاريخ اليعقوبي 2 / 325.

14 - تاريخ اليعقوبي 3 / 66 طبعة أخري.

15 - الاعلام 3 / 59 حرف الزاء.

16 - معجم رجال الحديث 8 / 357.

17 - كما ذكره العلامة الأمين في اعيان الشيعة 7 / 107 طبعة دار التعارف بيروت 1406 ه 1986 م.

و هناك مصادر كثيرة ذكرت ترجمة الشهيد زيد طوينا عنها روما للاختصار.