بازگشت

خطب الامام


رغم الحظر المفروض علي أئمة الهدي و الرشاد من اقامة الجمعة و أداء خطبتها لتنوير أذهان الناس من خلالها، و فتح بصائر المسلمين علي فهم العقيدة و الدين و حقائقهما، الا أن بعض المناسبات كانت تسنح لهم عليهم السلام فكانوا ينتهزونها فرصا للتعريف بحقيقة الحكام ما استطاعوا الي ذلك سبيلا، و بالحق المهتضم لآل الرسول صلي الله عليه و آله، و بالعدل المضيع بعد حكومة أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام.

فمن خطبة له عليه السلام خطبها في الشام في مسجدها الجامع علي ما يبدو ما نقله الامام الصادق عليه السلام قال : لما اشخص أبي محمد بن علي الي دمشق سمع الناس يقولون : هذا ابن أبي تراب!! قال : فاسند ظهره الي جدار القبلة ثم حمدالله و اثني عليه، و صلي علي النبي و آله ثم قال :

اجتنبوا أهل الشقاق، و ذرية النفاق، و حشو النار، و حصب جهنم عن البدر الزاهر، و البحر الزاخر و الشهاب الثاقب، و شهاب المؤمنين، و الصراط المستقيم، من قبل أن نطمس وجوها فنردها علي أدبارها أو يلعنوا كما لعن أصحاب السبت و كان أمرالله مفعولا. ثم قال بعد كلام :

أبصنو رسول الله تستهزئون، أم بيعسوب الدين تلمزون؛ و أي سبل بعده تسلكون، و أي حزن بعده تدفعون؟! هيهات هيهات، برز و الله بالسبق، و فاز بالخصل، و استوي علي الغاية، و احرز علي الخطاب فانحسرت عنه الابصار، و خضعت دونه الرقاب، و قرع الذروة العليا، فكذب من رام من نفسه السعي، و اعياه الطلب، فأني لهم التناوش من مكان بعيد؟



[ صفحه 141]



و قال :



اقلوا عليهم لا أبا لأبيكم

من اللوم أو سدوا الذي سدوا



أولئك قوم ان بنوا أحسنوا البنا

و ان عاهدوا وفوا و ان عقدوا شدوا



فأني تسد ثلمة أخي رسول الله صلي الله عليه و آله اذ شفعوا، و شقيقه اذ نسبوا، و نديده اذ فشلوا، و ذي قربي كنزها اذ فتحوا، و مصلي القبلتين اذ تحرفوا، و المشهود له بالايمان اذ كفروا، و المدعي لنبذ عهد المشركين اذ نكلوا، و الخليفة علي المهاد ليلة الحصار اذ جزعوا، و المستودع لاسرار ساعة الوداع؟ الي آخر كلامه [1] .

و له خطبة أخري في الشام في مجلس هشام بن عبدالملك هذه المرة.

لما حمل أبوجعفر الي الشام الي هشام بن عبدالملك و صار ببابه، قال هشام لأصحابه : اذا سكت من توبيخ محمد بن علي فلتوبخوه، ثم أمر أن يؤذن له فلما دخل عليه أبوجعفر قال بيده : السلام عليكم، فعمهم بالسلام جميعا ثم جلس، فازداد هشام عليه حنقا بتركه السلام بالخلافة و جلوسه بغير اذن، فقال : يا محمد بن علي لا يزال الرجل منكم قد شق عصا المسلمين، و دعا الي نفسه، و زعم أنه الامام سفها و قلة علم، و جعل يوبخه، فلما سكت أقبل القوم عليه رجل بعد رجل يوبخه. فلما سكت القوم نهض قائما ثم قال : أيها الناس أين تذهبون و اين يراد بكم، بنا هدي الله أولكم، و بنا ختم آخركم، فان يكن لكم ملك معجل فان لنا ملكا مؤجلا، و ليس بعد ملكنا ملك لأنا أهل العاقبة، يقول الله عزوجل : (و العاقبة للمتقين). فأمر به الي الحبس، فلم يبق في الحبس رجل الا ترشفه [2] و حن عليه، فجاء صاحب الحبس الي هشام و أخبره بخبره، فأمر به فحمل علي البريد هو و أصحابه و ردوا الي المدينة [3] .



[ صفحه 142]




پاورقي

[1] المناقب / ابن شهرآشوب 2 : 29، بحارالأنوار / المجلسي 11 / 91.

[2] كناية عن القيام بخدمته.

[3] المناقب 2 : 280، أصول الكافي 1 : 471.