بازگشت

مدرسة أهل البيت


الحديث عن مدرسة أهل البيت عليهم السلام حديث واسع متشعب الاطراف في مختلف حقول العلم و المعرفة، يحتاج الي المزيد من البحث و التمحيص، و الوقت الطويل، و الجهد الكثير، و قد لا يتسع المجال لتفصيل ذلك، للاحاطة به و الالمام بجميع ابعاده و جوانبه.

و المدرسة الأولي التي انشأها الرسول الأعظم صلي الله عليه و آله في مسجده بالمدينة المنورة كانت البذرة الأولي للدوحة الهاشمية العلوية، و الأساس المتين لانشاء الصرح الشامخ لفقه أهل البيت، الذي توسعت حلقات دروسه و تشعبت في مختلف العلوم كالفقه، و الحديث، و التفسير، و الأخلاق، و الفلسفة، و المنطق، و غيرها.

و قد ثبت قواعدها و أرسي أسسها الامام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام الذي اكتسبها من الرسول الأعظم صلي الله عليه و آله حيث قال عليه السلام : علمني رسول الله ألف باب يتفرع من كل باب ألف باب، و قال عليه السلام : ان هاهنا لعلما جما، مشيرا الي صدره الشريف، و قال عليه السلام و ما قالها غيره قبله و لا بعده : «سلوني قبل أن تفقدوني، فوالله اني لأعلم بطرق السماوات...».



[ صفحه 298]



و من بعد قام خليفتاه الامامان الحسن و الحسين عليهماالسلام، في نشر علوم آل محمد صلي الله عليه و آله، و بعد فاجعة الطف و عودة الامام السجاد عليه السلام الي المدينة المنورة، باشر في بناء مدرسة فقه آل محمد صلي الله عليه و آله علي الاسس التي تركها اسلافه الكرام علي رغم الارهاب الفكري و الارعاب السياسي الملحد، الذي اشاعه الحكم الأموي المنحرف حينذاك.

و بعد التحاق الامام زين العابدين علي بن الحسين السجاد عليهماالسلام بالرفيق الأعلي قام بالأمر من بعده الامام أبوجعفر محمد بن علي الباقر عليهماالسلام خير قيام في توسعة المدرسة الفقهية و انظم الي مدرسته فطاحل العلماء في عصره من مختلف الميول و الاتجاهات لينهلوا من نمير علمه وسعة اطلاعه و معارفه.

و قد احصيت من تلاميذه ما يوبر علي الخمسائة، سأترجم لبعضهم و اذكر البعض الآخر.

و قد توسعت مدرسة اهل البيت عليهم السلام و بلغت أوجها في عصر الامام أبي عبدالله الصادق عليه السلام و ذلك في فترة التطاحن السياسي و انقراض الحكم الأموي و بداية نهوض الحكم العباسي، و استمر أئمة أهل البيت عليهم السلام في أداء رسالتهم في نشر العلوم و تثبيت قواعد شريعة السماء، و قد تركوا تراثا لا ينسي و بصمات لا تمحي و بقيت آثارها الي يومنا هذا، علي رغم تتابع الحكم المنحرف و المعادي لخط أهل البيت و شيعتهم، الا في بعض الفترات التي حكم فيها بعض الولاة الموالين لخط أهل البيت عليهم السلام.

و سنحاول بقدر الامكان ترجمة العصر الذي عاشه الامام أبوجعفر الباقر عليه السلام و مدرسته و تلامذته، و رواة أحاديثه عليه السلام.

و منه سبحانه استمد العون و التوفيق.



[ صفحه 299]