بازگشت

السيرة و التاريخ


و من جملة المباحث اليت خاضها الامام عليه السلام و تحدث عنها حكم الأنبياء السابقين و سننهم، و قد نقل عنه المتخصصون بهذه البحوث الشي ء الكثير، و من ذلك :

أ - ما أوحي الله به لآدم من الحكم و معالي الأخلاق قال عليه السلام : «أوحي الله تبارك و تعالي لآدم اني أجمع لك الخير كله في أربع كلمات : واحدة منهن لي، و واحدة لك، و واحدة فيما بيني و بينك، و واحدة فيما بينك و بين الناس، فأما التي لي فتعبدني و لا تشرك بي شيئا، و أما التي لك فأجازيك بعملك في وقت أحوج ما تكون اليه. و أما التي بيني و بينك فعليك الدعاء و علي الاجابة، و أما التي بينك و بين الناس فترضي للناس ما ترضي لنفسك».

ب - روي محمد بن مسلم عن الامام أبي جعفر عليه السلام أنه قال : «ان نوحا انما سمي عبدا شكورا لانه كان يقول اذا أمسي و أصبح : اللهم اني أشهدك أنه ما أمسي و أصبح بي من نعمة أو عافية في دين أو دنيا فمنك وحدك لا شريك لك، لك الحمد و الشكر بها علي حتي ترضي».

و سأال سدير الامام أباجعفر عليه السلام عن دعاء نوح علي قومه فقال له : أرأيت نوحا حين دعا علي قومه فقال : (رب لا تذر علي الارض من الكافرين ديارا - انك ان تذرهم يضلوا عبادك و لا يلدوا الا فاجرا كفارا) [1] انه كان عالما بهم؟

فأجابه عليه السلام : «أوحي الله اليه أنه لا يومن من قومك الا من قد آمن فعند ذلك دعا عليهم بهذا الدعاء».



[ صفحه 373]



و حكي الامام أبوجعفر عليه السلام محاورة جرت بين نبي الله نوح عليه السلام حينما دعا علي قومه، و بين ابليس و هي :

ابليس : يا نوح ان لك عندي يدا أريد أن أكافئك عليها.

نوح : والله اني لبغيض الي أن تكون لي عليك يد فما هي؟

ابليس : بلي دعوت الله علي قومك فاغرقتهم، فلم يبق أحد فاغويه فأنه مستريح حتي ينشأ قرن آخر فأغويهم.

نوح : ما الذي تريد أن تكافئني به؟

ابليس : اذكرني في ثلاثة مواطن : فاني أقرب ما أكون الي العبد.

اذا كان في احداهن : اذكرني اذا غضبت، و اذكرني اذا حكمت بين اثنين، واذكرني مع امرأة خاليا ليس معكما أحد.

ج - و حكي عليه السلام لأصحابه حكمة رائعة لنبي الله سليمان بن داود قال عليه السلام : «قال سليمان بن داود : اوتينا ما اوتي الناس، و ما لم يؤتوا، و علمنا ما علم الناس، و ما لم يعلموا، فلم نجد شيئا أفضل من خشية الله في الغيب و المشهد، و القصد في الغني و الفقر، و كلمة الحق في الرضا و الغضب، و التضرع الي الله عزوجل في كل حال».

و روي الامام أبوجعفر عليه السلام لأبي بصير موت نبي الله سليمان فقال : «أمر سليمان بن داود الجن فصنعوا له قبة من قوارير، فبينما هو متكي ء علي عصاه في القبة ينظر الي الجن كيف يعملون، و هم ينظرون اليه اذ حانت منه التفاتة فاذا رجل معه في القبة قال : من أنت؟ قال : أنا الذي لا أقبل الرشا، و لا أهاب الملوك، أنا ملك الموت فقبضه و هو قائم متكي ء علي عصاه في القبة، و الجن ينظرون اليه فمكثوا سنة يد أبون له حتي بعث الله عزوجل الأرضة فأكلت منسأته و هي العصا، فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين.»



[ صفحه 374]



د - و نقل الامام أبوجعفر عليه السلام لأصحابه أن نبي الله اسماعيل هو أول من فتق لسانه باللغة العربية، قال عليه السلام : «أول من فتق لسانه بالعربية المبينة اسماعيل، و هو ابن عشر سنين».

ه - و روي الامام أبوجعفر قصة التقاء يعقوب بيوسف قال عليه السلام : ان يعقوب قال لولده : تحملوا الي يوسف من يومكم هذا بأهليكم اجمعين فساروا اليه، و يعقوب معهم، و خالة يوسف أم يامين، فحثوا السير فرحا و سرورا تسعة أيام الي مصر، فلما دخلوا علي يوسف في دار الملك اعتنق أباه و قبله، و بكي و رفعه و رفع خالته علي سرير الملك، ثم دخل منزله و اكتحل و ادهن، و لبس ثياب العز و الملك، فلما رأوه سجدوا جميعا اعضاما له و شكرا لله عند ذلك. و لم يكن يوسف في تلك العشرين سنة يدهن، و لا يكتحل، و لا يتطيب حتي جمع الله بينه و بين أبيه و اخوته.

و سأل محمد بن مسلم الامام أباجعفر عليه السلام عن مدة حياة يعقوب بمصر فقال عليه السلام : عاش يعقوب مع يوسف بمصر حولين، فقال له محمد بن مسلم : فمن كان الحجة لله في الأرض يعقوب أم يوسف؟ قال عليه السلام : كان يعقوب الحجة، و كان الملك ليوسف فلما مات يعقوب حمله يوسف في تابوت الي أرض الشام فدفنه في بيت المقدس، فكان يوسف بعد يعقوب الحجة، قال محمد : و كان يوسف رسولا نبيا؟ قال عليه السلام : نعم أما تسمع قوله عزوجل : (و لقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات). [2] .

و - حكي الامام عليه السلام لأصحابه مناجاة لله تعالي مع نبيه موسي قال عليه السلام : «في التوراة مكتوب فيما ناجي الله عزوجل به موسي ابن عمران : يا موسي خفني في سر أمرك أحفظك من وراء عورتك، و اذكرني في خلواتك، و عند سرور لذاتك اذكرك عند غفلاتك، و املك غضبك عمن ملكتك عليه اكف عنك



[ صفحه 375]



غضبي، و اكتم مكنون سري في سريرتك، و اظهر في علانيتك المدارة عني لعدوي و عدوك من خلقي، و لا تستسب لي عندهم باظهارك مكنون سري فتشرك عدوك و عدوي في سبي».

و نقل عليه السلام لأصحابه حكمة مكتوبة في التوراة قال عليه السلام : «ان في التوراة مكتوبا : يا موسي اني خلقتك، و اصطفيتك، و قويتك، و أمرتك بطاعتي و نهيتك عن معصيتي فان أطعتني أعنتك علي طاعتي، و ان عصيتني لم أعنك علي معصيتي، يا موسي ولي المنة عليك في طاعتك لي، ولي الحجة عليك في معصيتك لي».

هذا بعض ما أثر عنه عليه السلام من الروايات في أحوال بعض الأنبياء و سننهم.

و أما ما يتعلق بشؤون السيرة النبوية الخاتمة، فقد روي عليه السلام الشي ء الكثير منها، و قد أخذ عنه المؤرخون و كتاب السير أحداث السيرة و حوادث التاريخ، من ذلك :

1 - رواية الطبري بسنده عن الامام أبي جعفر عليه السلام استعارة النبي صلي الله عليه و آله السلاح من صفوان بن أمية و هو يومئذ مشرك.

قال الامام أبوجعفر عليه السلام : فمضت السنة أن العارية مضمونة.

2 - رواية هشام بسنده عن الامام أبي جعفر عليه السلام مسير خالد بن الوليد الي بني جذيمة حين فتح مكة.

3 - روي علي بن أسباط قال : قلت لأبي جعفر : ان الناس يزعمون أن رسول الله صلي الله عليه و آله لم يكتب، و لم يقرأ فانكر عليه السلام ذلك و قال :

«أني يكون ذلك؟!! و قد قال الله تعالي : (هو الذي بعث في الاميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته و يزكيهم و يعلمهم الكتاب و الحكمة و ان كانوا من قبل لفي ضلال مبين) [3] كيف يعلمهم الكتاب و الحكمة و ليس يحسن أن



[ صفحه 376]



يقرأ و يكتب؟».

و انبري علي بن أسباط فقال للامام : لم سمي النبي الأمي؟

فأجابه الامام : «لأنه نسب الي مكة، و ذلك قول الله عزوجل : (لتنذر ام القري و من حولها) [4] فأم القري مكة، فقيل أمي».

4 - رواية زرارة بن أعين عن أبيه، عن الامام أبي جعفر عليه السلام أن عليا عليه السلام اذا صلي الفجر لم يزل معقبا الي أن تطلع الشمس.

5 - روايته عليه السلام أن أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أخبر بقتل ولده الحسين عليه السلام، في خطبة له علي منبر مسجد الكوفة.

6 - روايته عليه السلام صفة جده أميرالمؤمنين عليه السلام.

7 - رواية نصر بن مزاحم و الطبري و ابن أبي الحديد الكثير من أحداث معركة صفين و وقائعها.

8 - روايته عليه السلام مقتل جده الحسين عليه السلام و هو الذي حضر معركة الطف و شاهد بعض فصولها صغيرا، ثم عاشها في وجدانه كبيرا.



[ صفحه 377]




پاورقي

[1] سورة نوح 71 : 26 - 27.

[2] سورة غافر 40 : 34.

[3] سورة الجمعة 62 : 2.

[4] سورة الشوري 24 : 7.