بازگشت

الملاحم و الأحداث


أخبر العديد من الأنبياء و الأوصياء عن وقوع الكثير من الملاحم و الحوادث المستقبلية و هذا اخبار بالمغيبات طبعا و هو لا يخلوا من حكمة و هدف. و ليس كل أحد يستطيع أن يخبر بحوادث المستقبل ثم يتحقق ما يخبر به حقيقة علي مسرح الحياة، انما ذلك مقتصرا علي انبياء الله و أوصيائه علي اعتبار أن اتصالهم مباشرة بالسماء عبر الوحي و الالهام.

من ذلك : اخبار عيسي بنبوة نبينا عليهما الصلاة و السلام، و علي قول : ان جميع الأنبياء و المرسلين كانوا يبشرون بالنبوة الخاتمة، كذلك اخبار نبينا محمد صلي الله عليه و آله بانه ينزو مجموعة من القردة علي منبره، و اخباره عن الفئة الباغية التي تقتل عمار بن ياسر، و اخباره عن مقتل ولده الحسين عليه السلام.

كما أخبر الامام أميرالمؤمنين عليه السلام بما سيجري علي الصحابي الجليل حجر بن عدي من صنوف القتل و التنكيل، و اخباره عن مروان بن الحكم بأنه بحمل راية ضلال بعد ما يشيب صدغاه، و أن حكومته قصيرة الأمد كلعقة الكلب أنفه، و اخباره عن مقتل ولده الحسين عليه السلام عند مروره بأرض كربلاء.

و هكذا شملت هذه الظاهرة جميع الأئمة من أهل بيت النبوة و الرسالة، و منهم امامنا أبوجعفر الباقر عليه السلام حيث أخبر عن أحداث نوجز بعضا منها لتكون محل الشاهد علي هذا الحقل من حقول المعرفة و العلم التي كانت للامام عليه السلام :

1ذاخباره عليه السلام بملك بني العباس في قصة مع المنصور الدوانيقي داود بن سليمان أوردناها في الفصل الثالث من هذا الكتاب.

2 - اخباره عليه السلام عن الحجر الأسود بأنه يعلق في الجامع الأعظم في الكوفة. و تحقق ذلك أيام القرامطة فقد أخذوه من الكعبة، و جعلوه في جامع



[ صفحه 378]



الكوفة لاعتقادهم أن الحج يدور مداره، و قد أرادوا أن يكون الحج الي مسجد الكوفة و بقي فيه مدة تقرب من عشرين عاما ثم ارجع الي مكانه.

3 - و من الملاحم التي أخبر عنها عليه السلام غزو نافع بن الأزرق يثرب، و اباحتها لجنوده ثلاثة أيام و هذه أيضا استغرضناها ضمن لمع من أخباره عليه السلام من الفصل الثالث.

4 - و أخبر عليه السلام عن شهادة أخيه زيد الشهيد العظيم فقد روي زيد بن حازم قال : كنت مع أبي جعفر عليه السلام فمر بنا زيد بن علي فقال لي أبوجعفر : أما رأيت هذا؟ ليخرجن بالكوفة، و ليقتلن، و ليطافن برأسه. و لم تمض الأيام حتي قتل زيد بالكوفة و طيف برأسه في الأقطار و الأمصار.

5 - اخباره عليه السلام عن هدم دار هشام بن عبدالملك في يثرب و هي من أضخم الدور فيها يومذاك.

6 - و اخباره عليه السلام في مناسبة أخري عن دولة بني العباس عند ما سئل عن آل جعفر أن لهم راية، و آل العباس رايتين.

هذه بعض البوادر من الملاحم التي أخبر عنها الامام عليه السلام و هي تلقي الأضواء علي مدي سعة علوم الامام عليه السلام و احاطته بمثل هذه الأمور التي منحها الله تعالي للأنبياء و أوصيائهم، و من الطبيعي أن الاقرار للائمة عليهم السلام بهذه الظاهرة يحتاج الي ايمان راسخ و يقين ثابت، و قد أشار الامام أبوجعفر عليه السلام الي ذلك بقوله : «ان حديثنا صعب مستصعب لا يحتمله الا ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد امتحن الله قلبه للأيمان». [1] .

و بهذا ينتهي بنا الحديث عن حقول المعرفة التي اثرت عنه عليه السلام، ولكن هذا لا يعني أن العلوم و المعارف التي لم نذكرها كالنحو و البلاغة و الأخلاق و الاجتماع و السياسة و الاقتصاد و الطبيعيات و غيرها و غيرها لم يكن



[ صفحه 379]



للامام نصيب منها، فهو الحقيق بمقولة جده «سلوني قبل أن تفقدوني»، و هذه ال «سلوني» تعني أي سؤال يخطر في الذهن مما تعلق في السماء أو الأرض فهو يجيب عليه، و لم لا جده المصطفي أعلم العلماء و أشرف الخلق و الأنبياء يقول عنه : «يبقر العلم بقرا»؟ ما أعظمها و أعمقها من كلمة ينطق بها من لا ينطق عن هوي و سفه و العياذ بالله، فهل تتصور أن هناك معرفة أو شعبة من شعب العلم لم يكن للامام الباقر عليه السلام رأي فيه أو جواب حاضر عليه؟

فان تصورت ذلك، فما رأيك الا فند، و تصورك الا بدد.

و لا يفوتنا أن نذكر أن اعتمادنا في كثير من نوادر هذا الفصل غير المصادر التي ذكرناها كان علي كتاب حياة الامام محمد الباقر للكاتب الشيخ باقر شريف القرشي.

و بعد هذه الالمة لسريعة، لابد لنا و نحن نتحدث عن الامام الباقر عليه السلام و دوره في تأسيس تلك الجامعة، أن نشير الي بعض أولئك الذين تخرجوا فيها و حملوا آثارها الي مختلف الأقطار، و الي أولئك الذين أعدهم الامام اعدادا خاصا لحمل فقه أهل البيت عليهم السلام و من ثم نشره للحفاظ علي رونق الاسلام و نظارته و تفوقه العقيدي علي كل التيارات و المذاهب، فالي رحاب أصحاب الامام و تلامذته.



[ صفحه 381]




پاورقي

[1] اعلام الوري / الطبرسي 270.