تقريض جعفر الهلالي
بسم الله الرحمن الرحيم
وردنا ما دبجه يراع الاستاذ الأديب و الشاعر الخطيب فضيلة الشيخ جعفر الهلالي و الكتاب ماثل للطبع، في تقريض «موسوعة المصطفي و العترة» و مؤلفه - نظما و نثرا.
فله من الله سبحانه و تعالي الأجر و الثواب و من رسوله و آله - و منا الشكر و الثناء، عاطرا غير مجذوذ.
المؤلف
و الصلاة و السلام علي خاتم أنبيائه محمد و آله الطاهرين
و بعد :
ان الحديث عن سيرة النبي المصطفي صلي الله عليه و سلم و عترته الطاهرة عليهم السلام، حديث متشعب الأطراف غزير الفوائد، مفعم بالدروس و العبر، لا يمكن ايفاؤه بكتاب و لا يأتي علي استيعابه مؤلف، فكم ترك الأوائل للأواخر، من مجالات الحديث عن هذه النخبة من البشر، التي اختصها الله بلطفه و غمرها بفضله، و احتفظها علي دينه... فقد ختم الله بجدهم المصطفي رسالاته، و أنار به سبل رضاه، و أيد بنصره.
فجاء برسالة شاملة استوعبت كل حاجات الانسانية، و وضعت العلاج لكل مشكله من مشاكل الحياة المعقدة...
حيث تناولت الانسان فردا و اسرة و مجتمعا و دولة.
[ صفحه 502]
و قد لمست الانسانية فضله العميم عليها، حيث قد أخرجهم و نقلهم من الظلام الي النور، و نقلهم من حضيض الجهل الي أوج العلم و المعرفة، و كون منهم هذه الأمة التي قال عنها سبحانه : (كنتم خير امة اخرجت للناس) [1] .
و كان صلي الله عليه و سلم، النموذج الأمثل لما دعا اليه، و القدوة الصالحة لكل من تأثر بسيرته، فلم يأمر الأمة بشي ء الا كان السباق الي الاتصاف بما يأمرهم به، و المنهي عن كل ما ينهاهم عنه... و قد أدي الأمانة و حفظ ما استودع...
و لما كانت رسالته قد اريد لها أن تكون خاتمة الرسالات، فقد اشتملت علي كل مقومات البقاء و الاستمرار لما فيها من شمولية و استيعاب، ولكن و بالرغم من شمول تلك الرسالة، و تكفلها لحاجات البشرية، فلا بد لها من قادة و حفظه يواكبون بها سير التطبق و الرعاية، فقد جاء التأكيد من قبله، بأن الذين اسندت اليهم هذه المهمة هم ذريته و عترته الأقربون.
و لقد توافروا علي صفات الكمال، من طهر الذات، و جمال الصفات، بما لم يعهد في غيرهم ممن عاصرهم أو ممن جاء بعدهم.
و قد برهنوا علي هذه الأحقيقة بما كانوا عليه من الواحدة السلوكية التي كانوا عليها، بالرغم من تباعد الزمن، و اختلاف الظروف، و تبدل الأحوال. فاذا قرأت سيرة الأمام الحسن العسكري الذي عاش في العصر العباسي، فانك لا تجد ما يبعد هذه السيرة عن سيرة علي، و عن سيرة الحسن و الحسين عليهم السلام، الذي عاشوا في صدر الرسالة، و ما ذلك الا دليل عصمتهم و طهارتهم، و مشربهم الواحد، فكانوا جميعا الأمتداد الطبيعي لسيرة جدهم المصطفي :
قوم كأولهم في الفضل آخرهم
والفضل أن يتساوي البدء و العقب
و قد أكد الرسول صلي الله عليه و سلم علي ما لذريته من مقام و منزلة متميزة، بحديث الثقلين، حيث قال : اني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله و عترتي أهل بيتي ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا و قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا
[ صفحه 503]
حتي يردا علي الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما...
و ما أحوجنا و نحن نعيش عالما تكالبت فيه الانسانية علي زخارف الحياة المادية، الي مثل هذه السيرة العطرة.
و من دواعي الغبطة أن يقوم الوجيه الكبير المحسن الحاج حسين الشاكري، بتأليف هذه الموسوعة (سيرة المصطفي و العترة)، فقد أضاف الي حسناته في خدمة أهل البيت عليهم السلام خدمة كبري بتأليفه لهذه الموسوعة، و اخراجه لهذا الجهد.
و قد سرحت نظري في صفحات أجزاء هذه الموسوعة، فوجدت فيها ما يروي الظمآن، و يسر الجنان.
و هو جهد يشكر عليه بحق، و قد ظهرت من هذه الموسوعة أجزاؤها السبعة تظمنت سيرة النبي صلي الله عليه و سلم و سيرة علي أميرالمؤمنين عليه السلام و سيرة فاطمة و الحسن و الحسين و السجاد عليهم جميعا أفضل السلام.
و الكتاب الذي بين أيدينا هو خاص باللامام الباقر عليه السلام و سيجد به القاري ء العزيز بغيته، و سيضيف المؤلف به سفرا الي مكتبة أهل البيت عليهم السلام.
و ختاما أسأله تعالي أن يكلل جهود المؤلف بانجاز هذه الموسوعة و أن يبارك له خطواته و يجعل السداد حليفه انه سميع مجيب.
جعفر الهلالي
مهداة الي الوجيه الكبير الحاج حسين الشاكري
نظمت من وحي الشعور خواطري
شعرا يحبر للحسين الشاكري
و يعثته و الحب يملأ جانبي
لعلاك من بدء لديك و آخر
لك تالد في المجد زين بطارف
كسبيكة تزهو بحسن جواهر
و كذاك أمجاد الرجال وراثة
عن طيب أصل و ارتفاع أواصر
تأريخك السامي بما سجلته
أبدا يشع علي الوري بمآثر
ما قصرت بك عن طلابك للعلي
قدم سرت في دربها المتفاخر
[ صفحه 504]
أيام كنت و في (العراق) محافل
أضحت بجهدك كالصباح الباكر
فلك المساعي الطيبات تتابعت
كرما كأمثال السحاب الماطر
قد كنت للجلي تذلل صعبها
بسداد رأي في القضية صادر
و علت لذكرك سمعة ميمونة
و سرت كروح في المجالس عاطر
و هنا و في (ايران) كنت و لم تزل
بجميل صنعك روضة لمعاشر
عشت الهموم هموم شعبك فانبرت
منك الفعال بكل فضل وافر
لم تال جهدا في التفقد للاولي
قد شردوا بفعال و غد غادر
أوسعتهم عطفا و رفدا و هو ذا
فعل الكرام بغابر أو حاضر
فاهنأ به ذكرا جميلا حافلا
بالطيبات و بالحديث السائر
و سموت بالخلق الرفعي شمائلا
تزهو كما زهت النجوم لناظر
ما غيرتك عن البرية ثروة
كلا فطبعك طبع خل زائر
قد لازمتك من التواضع خصلة
و كذا أخو الايمان ليس بنافر
حلو الحديث جميله ما شابه
كدر ترفع عن كلام الساخر
و كفاك أن ولاء آل محمد
جسدته في كل أمر طاهر
لك فيهم و طر تلذ بذكره
و كذا ولاؤه يلذ لذاكر
كم قد نشرت لذي المواسم فضلهم
يحدوك حبك في علي و تفاخر
و اليوم قد وافيتنا بحقيقة
فيها الولاء بدا بحسن مظاهر
(موسوعة اللمصطفي و لعترة)
فيها تنير ظلام درب السائر
أشبعتها بحثا دقيقا فيه قد
ثابرت محتملا لجهد الصابر
فنشرت من أخبارهم و حياتهم
ما فيه مدحضة لكل مكابر
طوفت في كتب المذاهب كلها
نقلا و نقدا بالدليل الباهر
(موسوعة) حوت المفاخر كلها
فيما حوته كروضة بأزاهر
هي خير ذخر في الولا أحرزته
يرزي بكل نفائس و ذخائر
(و الباقيات الصالحات) هي المني
في خير عاقبة و فضل غامر
[ صفحه 505]
پاورقي
[1] ال عمران : 110.