بازگشت

الحوادث


في عام 64 ه توفي يزيد في ظروف غامضة، و توفي مسلم بن عقبة الذي اطلق عليه اسم «مسرف» لكثرة ما أوغل في دماء الابرياء و تكفي مذبحة الحرة في المدينة المنورة لا دانته و كفره بالاسلام و انسلاخه عن الانسانية و استقبل.

اقليم الشام تنازل معاوية الثاني عن الخلافة و طعنه في والده وجده بشي ء من الذهول، و قد اعقب ذلك انفجار النزاع المدمر بين القبائل القيسية و اليمانية و هي البذرة المشؤومة التي زرعها معاوية بن أبي سفيان.

و بلغ الانحطاط درجة رهيبة أن راح عبيدالله بن زياد ذلك الطاغيه التافه يتطلع الي الاستيلاء علي الخلافة، بل تمكن من



[ صفحه 20]



انتزاع تأييد أهل البصرة ولكنهم انقلبوا عليه فطر دوه و هرب متخفيا صوب الشام لينضم الي مروان بن الحكم.

و في خضم الصراع المسلح بين بني امية و عبدالله بن الزبير الذي أعلن نفسه خليفة في مكة. ثار الخوارج في اقليم الاهواز و أعلنوا تمردهم علي ارادة عبدالله بن الزبير بعد خلاف وقع بين نافع بن الأزرق و عبدالله بن الزبير حول موقفه من عثمان و علي.

كما ثار البربر بقيادة كسيلة معلنا ولاءه للروم و قد تمكن من احتلال مدينة القيروان في تونس فاضطرت الجيوش الاسلامية بعد مقتل عقبة بن نافع الي الانسحاب حتي مدينة برقة

و فيما كان عبدالله بن الزبير يعيد بناء الكعبة بعد احتراقها بفعل القصف ابان الحصار، كان الطاعون يحصد أرواح الناس في البصرة.

و في الاردن في عام 65 ه التفت القبائل اليمانية حول مروان فيما أعلن الضحاك بن قيس الفهري زعيم القبائل القيسية تأييده لا بن الزبير.

و في «مرج راهط» بالقرب من دمشق اشتبكت الحشود في ملحمة دامية أسفرت عن انتصار القبائل اليمانية و اعلان مروان خليفة في كل الاقاليم الخاضعة لنفوذ الشام. و قد استمر الصراع المسلح بين القبيلتين و كان في طليعة الاسباب التي اطاحت بالحكم الأموي.



[ صفحه 21]



و لم يمكث مروان في الخلافة سوي ستة أشهر و لقي حتفه مخنوقا علي يد ام خالد زوجة يزيد و التي تزوجها مروان من أجل تحطيم شخصية خالد و حتي لا يطالب بالخلافة و فقا للاتفاق الذي ابرم بين حسان بن بحدل زعيم اليمانية و خالد بن يزيد.

و في هذا العام توفي الشاعر المخضرم النابغة الجعدي من بني عامر بن صعصعة واسمه حبان بن قيس أبوليلي و قد سمي بالنابغة لأنه أقام مدة لا يقول الشعر ثم نبغ فيه.. و هو من الحنفاء الذين انكر الخمر و استنكروا الوثنية في الجاهلية ثم اسلم بعد شروق الاسلام و قابل النبي. شهد الفتوحات في ايران و كان الي جانب الامام علي في حرب صفين. نفاه معاوية الي مدينة اصفهان و مات بعد أن عمر قرنا من الزمن. [1] .

كما توفي النعمان بن بشير أول من بايع أبابكر من الانصار في اجتماع السقيفة المعروف.

و هو الذي حمل قميص عثمان الي معاوية قتل هاربا من مدينة حمص لتأييده عبدالله بن الزبير. [2] .

و لم يكد العام لينصرم حتي اشتعلت ثورة التوابين التي استهدفت الاطاحة بالحكم الاموي و اتجهت قواتهم بقيادة سليمان بن صرد الي دمشق حيث اصطدمت بالجيش الاموي الجرار القادم لاستعادة العراق من سيطرة ابن الزبير بقيادة عبيدالله بن زياد



[ صفحه 22]



و جرت المعركة في عين الوردة في نصيبين في الأرض التركية و في معركة غير متكافئه دارت الدائرة علي الثائرين و هوي القائد الصحابي الجليل سليمان بن صرد الخزاعي شهيدا فنظم رفاعة بن شداد عملية الانسحاب الي الكوفة.

و ما لبث التوابون أن انصموا الي المختار الثقفي الذي اعلن الثورة في الكوفة من أجل الثأر من قتلة سيدنا الحسين و معاقبة الذين اشتركوا في ارتكاب المجزرة.

و من أجل أن يتفرغ عبدالملك الذي اصبح خليفة للحروب الداخلية عقد مع امبراطور الروم معاهدة سلام لمدة خمس سنين تدفع الدولة الاسلامية بموجبها خمسين الف دينار سنويا للروم و اقتسام ضريبة الارض في قبرص و ارمينيا الخاضعتين لنفوذ الدولة الاسلامية.

و فيما كانت المجاعة تعصف بالشام و مصر كانت الجيوش الاموية تواصل تقدمها لاستعادة العراق ولكن المختار الثقفي الذي احكم قبضته في الكوفة، يرسل جيشا بقيادة القائد الموهب ابراهيم الاشتر، فاستطاع الاخير من انزال هزيمة ساحقة بالجيوش الأموية و قتل القائد العام عبيدالله بن زياد بالرغم من عدم التكافؤ في القوي و الذي كان يميل لصالح الجيش الاموي، و بذلك بلغ المختار اوج مجده السياسي..



[ صفحه 23]



و في هذه الفترة تقاسم كل من الامويين و الزبيريين و المختار الثقفي القائد الشيعي بالاضافة الي الخوارج الثائرين العالم الاسلامي.

و في عام 67 كانت جيوش الزبير بقيادة مصعب تغادر البصرة صوب الكوفة و لا سباب غامضة ظل ابراهيم بن الاشتر مرابطا في الموصل تاركا الكوفة تحت رحمة القدر و ما يزال تجاهله صيحات الاستغاثة القادمة من الكوفة تثير استئلة عديدة.

و واجه المختار مصيره بشجاعة باسلة و استطاع أن يقاوم بامكانات محمدودة حصارا قاسيا استمر اربعة أشهر، ثم قرر الاستشهاد فغادر مع سبعة عشر من انصاره القلعة ليقاتل ببسالة الأوف المحدقة و قاتل حتي الرمق الأخير ليسقط شهيدا و هو في السابغة و الستين من الهجرة. [3] .

و ارتكب مصعب مجزرة و حشية في القلعة بعد أن اتفق مع المحاصرين علي تسليمها مقابل الأمان.

كما أمر باعدام زوجة المختار و هي ابنة النعمان بن بشير فكانت أوول امراة يتم اعدامها بالسيف. و كان ذنبها الوحيد أنها قالت عن زوجها: رحمه الله كان عبدا صالحا.

لقد استشهد المختار بعد أن حقق هدفه في تصفية معظم الزمور التي نفذت مجزرة كربلاء و في طليعتهم عبيدالله بن زياد



[ صفحه 24]



حاكم الكوفة، عمر بن سعد قائد الجيش الاموي في كربلاء، شمر بن ذي الجوشن قائد جناح اليسار و الذي ارتقي صدر الحسين و قام بعليمة الذبح و الحصين بن نمير، محمد بن الاشعث، و حرملة بن كامل و غيرهم من رموز الشر و الانتهازية.

و لعل محمد الباقر الذي بلغ من العمر عشرة أعوام قد رأي أباه ولأول مرة يبتسم بعد ان وصلته أنباء محاكمة قتلة الحسين في الكوفة.

و قد تزوج الامام زين العابدين من الجارية التي ارسلها المختار اليه ليولد زيد الثائر الشهيد.

و في عام 68 ه وصل العالم الاسلامي مرحلة من التمزق مؤسفة و انعكست في الوقوف في عرفات عندما ارتفعت أربع رايات مختلفة كل منها لا تأتم بالأخري و هي راية محمد بن الحنيفة رواية الخوارج وراية الامويين وراية الزبيريين و كادت النزاعات أن تنفجر.

و في هذا العام توفيت ليلي العامرية التي هام بحبها قيس حتي اشتهر بمجنون ليلي. [4] ، و انتشرت قصة حبهما في البوادي و المدن و اصبحت اسطورة من الأساطير الشعبية.

و في عام 69 دخل الصراع مع البربر مرحلة حساسة و اصبح البربر أكثر شراسة بسبب سياسات التمييز العنصري التي انتهجها الامويون و أمنعوا من خلالها في أذلالهم.



[ صفحه 25]



و بدت في سنة 70 ه مؤشرات الحسم لصالح عبدالملك بن مروان اذ انتصرت قواته التي اشتبكت مع الزبيريين في البصرة و الحقت بهم هزيمة ساحقة؛ الأمر الذي فتح الطريق الي العراق و خوض معركة مصيرية و هي معركة دير الجاثليق و ذلك في جمادي الأخرة من سنة 71 ه.

و في هذا العام اندلعت ثورة الزنوج في تخوم البصرة فيما يعرف بالبطائح و قد قمعت الثورة بقسوة شديدة علي يد الجلاد المعروف عبدالله بن خالد القسري أمير البصرة. و مع خمود هذه الثورة اندلعت ثورة للخوارج في الاهواز وثورة في البحرين.

و تجددت الغارات علي الحدود الاسلامية الشمالية بتحريض من الروم مما اضطر عبدالملك الي دفع أثاوة سنوية تبلغ ثلاثة آلاف دينار سنويا و عقد اتفاقيه سلام لمدة عشر سنين مقابل وقف الغازات.

و في عام 72 ه تم الفراغ من بناء قبة الصخرة المسجد الذي بني بأمر عبدالملك بعدما رأي تأثير الدعاية الزبيرية في مكة ضد الامويين فبني مسجد قبة الصخرة ليحج اليه أهل الشام بدل الكعبة.



[ صفحه 26]




پاورقي

[1] الاعلام: 6 / 58، العقد الفريد: 2 / 97، أسد الغابة: 5 / 291.

[2] البلاذري: 138، الطبري: 2 / 401، البداية و النهاية::8 / 344.

[3] ولد المختار في السنة الاولي من الهجرة النبوية المباركة.

[4] أجمل ما نسب من شعر قوله:



تعلقت ليلي و هي ذات ذوائب

و لم يبد للاتراب من ثديها حجم



صغيرين نرعي البهم يا ليت أننا

الي اليوم لم نكبر و لم تكبر البهم



خزانة الأدب: 2 / 170، الاغاني: 2 / 1، الأعلام: 6 / 60 - 117.