بازگشت

صور الاسلام


و كان لجنوح النظام الأموي في الانفراد بالحكم و تحوله الي حكم وراثي فاسد و انتهاجه طريقا قوميا شوفينيا الأثر في استياء الأقوام غير العربية التي تعرفت علي صورة الاسلام من خلال ممارسات الحكام الامويين العنصرية؛ فثورات البربر و الحروب الضارية و اشتعال الثورات في الشمال الافريقي يعود الي تعسف الولاة و الحكم و محاولاتهم اذلال الشعوب

و بالرغم من الثورات العديدة التي قادها الخوارج فلم يكن لديهم برنامج اصلاحي واضح بل تحولوا الي عناصر تثير الشغب وزعزعة الأمن.

و طبع التمرد و العصيان فرقهم العديدة بلا استثناء غير أنهم



[ صفحه 40]



حصلوا علي بعض التعاطف بسبب تصديهم للحكم الأموي و عدم رضوخهم للظلم و الاضطهاد.

لم يسجل التاريخ للخوارج أي امتداد شعبي بالرغم من ثوارتهم العديدة، لقد ألفوا كما يبدو حياة التمرد و تشرذموا فكريا و لم تكن لديهم أية أصالة في طريقة تفكيرهم فاصبحوا هدفا سهلا للحكومات الاموية.

ففي سنة 56 - 57 ه تصدي عبيدالله بن زياد يوم كان حاكما علي البصرة الي الخوارج و القي القبض علي مجاميع كبيرة زجهم في السجن متهما اياهم بالتآمر، ثم عرض عليهم أن يقتل بعضهم بعضا علي أن يطلق سراح القاتلين و نجح في تمرير خطته عليهم فسالت الدماء في الاقتتال و أطلق سراح القاتلين!

و في هذا دلالة علي ما وصل اليه الخوارج من انحطاط اخلاقي، اضافة الي تخلفهم الفكري.

فقد اعلنوا تفكير هم للامام علي عليه السلام و معاوية و عمر و بن العاص و ابي موسي الاشعري و أصحاب الجمل من عائشة الي طلحة الي الزبير بن العوام.

كما اعلنوا ان مرتكب الكبيرة كافر أيضا و هو خالد في النار و فيما يخص آراءهم السياسية فقد جوزوا أن تكون الخلافة



[ صفحه 41]



في غير قريش و أن الامامة ليست بالنص و التعيين بل انه لا ضرورة للأمامة أبدا. [1] .

و قد حاور الامام الباقر أحد ابرز زعمائهم و هو نافع بن الازرق الذي قاد عدة ثورات و تساءل الامام بعد حديث طويل:

- قل لهذه المارقة بم استحللتم فراق أميرالمؤمنين عليه السلام و قد سفكتم دماءكم بين يديه في طاعته و القربة الي الله في نصرته؟

و سيقولون لك: انه قد حكم في دين الله. فقل لهم: قد حكم الله في شريعة نبيه رجلين من خلقه فقال: (فابعثوا حكما من أهله و حكما من أهلها ان يريدا اصلاحا يوفق الله بينهما) [2] و حكم رسول الله صلي الله عليه و اله سعد بن معاذ في بني قريضة؛ فحكم فيهم بما أمضاه الله عزو جل، أوما علمتم أن أميرالمؤمنين عليه السلام أنما أمر الحكمين أن يحكما بالقرآن و لا يتعديا و اشترط رد ما خالف القرآن من أحكام ارجال و قال: حين قالوا له: قد حكمت علي نفسك من حكم عليك فقال عليه السلام: ما حكمت مخلوقا و انما حكمت كتاب الله.

فأين تجد المارقة تضليل من أمر الحكمين بالقرآن و اشترط رد ما خالفه لو لا ارتكابهم في بدعتهم البهتان.

و قد فوجي نافع بهذه الادلة التي تفند مواقف و آراء الخوارج و قال: هذا و الله كلام ما مر بسمعي قط، و لا خطر ببالي و هو الحق اناشاءالله» [3] .



[ صفحه 42]



و سوف نري الخوارج يتشرذمون أكثر فاكثر ثم يتحولون الي مجاميع من السلابين و قطاع الطرق!


پاورقي

[1] الملل و النحل: 1 / 158.

[2] النساء: الآية 35.

[3] روضة الواعظين: 1 / 245.