بازگشت

المرجئة


فقد ظهر المرجئة بأفكارهم و أسهموا في تعزيز الحكم الاموي من خلال افكارهم و آرائهم، و هناك من الدلائل ما يؤكد أن الامويين هم وراء ظهور المرجئة الذين يرفضون بشكل مثير أية معارضة للحكم مهما اقترف من الجرائم السياسية و الثقافية و مهما ارتكب من مذابح انسانية!

و لذا نجد ان الملوك سواء كانوا أمويين أو عباسيين يرعون هذه الفرقة و يقدمون لها مختلف اشكال الدعم [1] .

و في غمرة هذا الضياع الفكري يستطيع المرء أن يتلمس وجود حركة هادفة في اعماق المجتمع تلك هي حركة أهل البيت فبالرغم من بطش النظام الاموي و مطاردة شيعة آل النبي صلي الله عليه و اله، و سلم الا أن الولاء للائمة من آل محمد صلي الله عليه و اله و سلم ظل متجذرا في النفوس و اتخذ شكلا عقائديا راسخا، منذ يوم عاشوراء حيث ولد الضمير الاسلامي مع مصرع سيدنا الحسين عليه السلام فداء للاسلام و القرآن و من أجل انقاذ الأمامة الاسلامية و تحرير الانسان المسلم.و اصبح للشيعة بعد واقعة كربلاء فكرا سياسيا واضحا.

و قد امتزجت فكرة العدالة و الحرية و الكرامة الانسانية بحركة أهل البيت و أصبح العدل السياسي و العدالة الاجتماعية و حقوق



[ صفحه 44]



الانسان و الغاء كافة اشكال التمييز العنصري، شعارات كافح من أجل تحقيقها مذهب أهل البيت و قواعده الشعبية.

و منذ وقت مبكر كانت العدالة الاقتصادية ورخاء الامة مظلبا ارتبط بالشيعة منذ الجهاد الذي خاضة أبوذر و صرخته المدوية:

عجبت لمن لا يجد القوت في بيته كيف لا بخرج شاهرا سيفه!

أما التمييز العنصري فقد ظلت كلمات الامام علي تتألق في ضمير الاجيال:

«الناس صنفان اما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق».

و لهذا و ذلك اضطهد أئمة أهل البيت و حوصروا و قد أجاب الامام الباقر ذات مرة بمرارة عند ما سئل: كيف أصبحت؟

فقال:

- أصحبت برسول الله خائفا و أصبح الناس كلهم آمنين.

و قد أصبح التشيع لآل النبي من الاتهامات الخطيرة التي تعرض المسلم للمشاق و ربما تودي بحياته.

و قد منحت عقيدة التقية نافذة للخلاص من مطاردة اجهزة الحكم و السلطة و أعلن الامام الباقر عليه السلام بكل شجاعة و اخلاص: ان: «التقيه ديني و دين آبائي، و لا ايمان لمن لا تقيه له». [2] .

و كان لهذه الفكرة القرآنية المشروعة دورا في انقاذ ارواح



[ صفحه 45]



آلاف الابرياء و كانت بمثابة طوق نجاة للمقهورين و دلالة واضحة علي النضج في الفكر السياسي.


پاورقي

[1] يقول شوقي ضيف: «ان افكار المرجئة تخدم البيت الاموي الذي كان في رأي الشيعة و كثيرين من الاتقياء منحرفا عن الجادة الدينية و ينبغي أن يغيره المسلمون و يضعوا مكانه البيت العلوي، و المرجئة لم يكونوا يوافقونهم علي هذا الرأي، لأنهم لا يريدون المفاضلة بين المسلمين و لا الحكم علي أحد بتقوي أو غير تقوي؛ فالمسلم يكفي أن يكون مسلما و ليس من شأن أحد أن يحكم علي عمله» التطور و التجديد في الشعر الأموي: 50، و هم بذلك يرجئون كل شي ء الي يوم القيامة! و ليس هناك أفضل من هذه الآراء لدي الملوك و الحكومات؛ و لذا قلا المألون سابع خلفاء العباسيين: «الارجاء دين الملوك») تارخ بغداد لطيفور: 68.

[2] وسائل الشيعة / كتاب الامر بالمعروف و الهي عن المنكر.