بازگشت

افول القيم


غير ان الاعراض المرضية بدأت تظهر في ملامح المجتمع الاسلامي و لم تسلم المدينة المنورة مما اصاب العالم الاسلامي من مؤشرات علي انحطاطه.

فالمدينه المنورة استهدفت من قبل اجهزة الحكم و اشيعت فيها ثقافة جديدة و ظهرت الحالة الغرائزية لتجر طبقات المجتمع المدني الي الترف و الاستغراق في الملذات.

و أصبح الشباب الاموي رواد الميوعة و الانحلال فوجدوا من يقلدهم و يسير وراءهم و ظهرت أزياء رجالية فيها من الالوان الزاهية و النعومة ما يصعب تمييزها عن الزي النسوي. [1] .

و انتشر الغناء في المدينة و اصبح في طليعة مظاهرها الثقافية واصبح المغنون و المطربون طبقة ثرية.

كما اصبح الجدل حول طبيعة الذات الالهية أمرا عاديا جدا يجترا عليه الكثيرون دون حياء أووجل.

فقد كان الامام الباقر عليه السلام جالسا في فناء الكعبة عند ما اتجه اليه أحدهم و سأله قائلا:



[ صفحه 46]



- هل رأيت الله حيث عبدته.

فقال الامام:

- ما كنت أعبد شيئا لم أره.

- كيف رأيته؟

- لم تره الابصار بمشاهدة العيان، ولكن رأته القلوب بحقائق الايمان، لا يدرك بالحواس، و لا يقاس بالناس، معروف بالآيات، منعوت بالعلامات، لا يجور في قضيته، بان من الأشياء و بانت الأشياء منه، ليس كمثله شي ء، ذلك الله لا اله الا هو. و نهض الرجل و هو يقول:

- الله أعلم حيث يجعل رسالته

و قد نجم عن استغراق المجتمع الاسلامي في اللذائذ الحسية ردة فعل لدي الكثيرين فجنحوا نحو التصوف بما يجسد موقفهم السلبي من الحياة و يفسر الزهد بالدنيا تفسيرا خاطئا.


پاورقي

[1] الاغاني. ط دار الكتب: 6 / 13.