وصايا خالدة
و جمعته عليه السلام مع شيعته مناسبة و رأي أن يعلن في تلك الجموع وصايا تكون ميراثا تتناقله الاجيال:
- يا معشر شيعتنا!
اسمعوا و افهموا وصايانا، و عهدنا الي اوليائنا.
اصدقوا في حديثكم..
و بروا في أيمانكم لاوليائكم و أعدائكم..
و تواسوا بأموالكم.. و تحابوا بقلوبكم.. و تصدقوا علي فقرائكم.
و اجتمعوا علي أمركم.. و لا تدخلوا غشا و لا خيانة علي أحد.. و استعينوا بالله، و اصبروا؛ فان الأرض لله يورثها من يشاء من عباده و العاقبة للمتقين.و سكت لحظات ليقول:
- ان شيعتنا من اذا قال صدق.
- و اذا وعد و في..
و اذا أوتمن أدي..
[ صفحه 53]
و اذا سئل الواجب أعطي..
و اذا أمر بالحق فعل..
شيعتنا من لا يمدح لنا معيبا
و لا يجالس لنا خائنا
ان لقي مؤمنا أكرمه
و ان لقي جاهلا هجره
شيعتنا من لا يهر هرير الكلب
و لا يطمع طمع الغراب..
و لا يسأل أحدا الا من اخوانه و ان مات جوعا..
شيعتنا من قال بقولنا، و فارق احبته فينا
و أدني البعداء في حبنا
و ابعد القرباء في بغضنا
و كان رجل يصغي فقال بأسي:
- و أين يوجد هؤلاء؟
فقال عليه السلام و كأنه ينظر الي الاجيال القادمة من مقهوري الارض.
- في اطراف الارضين
اولئك الخفيض عيشهم
القررة أعينهم
[ صفحه 54]
ان شهدوا لم يعرفوا
و ان غابوا لم يفتقدوا
و ان مرضوا لم يعادوا
و ان خطبوا لم يزوجوا
و ان وردوا طريقا تنكبوا
و ذا خاطبهم الجاهلون قالوا: سلاما.
و يبيتون لربهم سجدا و قياما.
ولكن الشيعة في عصره لم يكونوا كذلك كانوا مجرد شعارات فارغة أما العمل و السلوك و الواقع الحياتي، فلم يكونوا اتباعا حقيقيين.. من أجل ذلك قال رجل ناقد:
- يا بن رسول الله؛ و كيف بالمتشيعيين بالسنتهم و قلوبهم علي خلاف ذلك.
فقال عليه السلام يستشرف المحن القادمة.. ان سنن التاريخ سوف تجري عليهم تغربلهم و تمسحهم و تصهرهم في بوتقة الحقيقة و الاستقامة و الثبات علي المبدأ و الاخلاص للأهداف العليا:
- التمحيص يأتي عليهم بسنين تقنيهم و ضغائن تبيدهم و اختلاف يقتلهم..
فعليكم بالاقرار اذا حدثتم، و ترك الخصومة فانها تقصيكم..
و ليس من عبد أكرم علي الله من عبد شرد و طرد في الله
[ صفحه 55]
حتي يلقي الله.
علي ذلك شيعتنا المنذرون في الارض سرج و علامات، و نور لمن طلب ما طلبوا و قادة لأهل طاعة الله، شهداء علي من خالفهم ممن ادعي دعواهم، سكن لمن أتاهم، لطفاء بمن والاهم، سمحاء، أعفاء، رحماء، فذلك صفتهم في التوارة و الانجيل و القرآن العظيم.
وسأله سائل عن صفات الشيعي فقال:
- ان سئل أعطي، و ان دعي أجاب، و ان طلب أدرك و ان نصر مظلوما أعز...
[1] .
و كان الجيل الاول من الشيعة خيار الناس جميعا لهم حضورهم القوي في ميادين الخير و العمل و الصلاح يقول عليه السلام:
- أولياؤنا، و شيعتنا فيما مضي خير من كانوا، ان كان امام مسجد في الحي كان منهم، و ان كان مؤذن في القبيلة كان منهم و ان كان صاحب وديعة كان منهم، و ان كان صاحب أمانة كان منهم، و ان كان عالم في الناس يقصدونه لدينهم و مصالح أمورهم كان منهم» [2] .
وحدد عليه السلام دائرة أخلاقية هي الوحيدة التي تمنح المصداقية للشيعة فقال: - ما شيعتنا ألا من اتقي الله و اطاعه و ما كانوا يعرفون الا بالتواضع، و أداء الأمانة و كثرة ذكرالله، و الصوم و الصلاة و البر
[ صفحه 56]
بالوالدين و تعهد الجيران من الفقراء و ذوي المسكنة، و الغارمين و الايتام و صدق الحديث، و تلاوة القرآن، و كف الآسلن عن الناس الا من خير و كانوا أمناء عشائرهم في الآشياء. [3] .
و كان يشعر بالمسؤولية الأخلاقية ازاء الناس جميعا و لذا تراه يقول بمرارة و ألم:
- بلية الناس علينا عظيمة، ان دعوناهم لم يستجيبوا لنا، و ان تركناهم لم يهتدوا بغيرنا. [4] .
پاورقي
[1] عيون الأخبار و فنون الآثار: 223 - 225.
[2] حياة الامام محمد الباقر: 1 / 249.
[3] تحق العقول: 295.
[4] أعلام الوري: 27.