بازگشت

نجيب بني أمية


في سنة 96 ه توفي الوليد بن عبدالملك الذي حاول خلع أخاه سليمان من ولاية العهد و شجعه علي ذلك الحجاج بن يوسف أقوي الولاة و أكثرهم نفوذا و قبل أن يوضع القرار موضع التنفيذ توفي بدير مران في غوطة دمشق و ما أن تربع سليمان علي سدة الحكم حتي بدأ باقالة جميع الولاة و تعيين ولاة جدد.

و طالت تصفيات رموز العهد السابق قادة الفتوح و في طليعتهم موسي بن نصير و طارق بن زياد اللذين تألق أسماهما في العمليات العسكرية التي أدت الي فتح الاندلس و القضاء نهائيا علي مملكة القوط و انطلاق الحضارة الاسلامية في تلك الربوع.

و لم يتوقف مسلسل التصفيات عند هذين القائدين بل



[ صفحه 57]



تعداهما الي عبدالعزيز بن موسي بن نصير حاكم الاندلس الموقت فقد أصدر سليمان أوامر مشددة باغتياله، فقتل في مؤامره و هو يصلي و أرسل رأسه الي دمشق. [1] .

و في الشهور الاخير من القرن الاول الهجري عمت الفرحة المدينة المنورة بعد تسنم عمر بن عبدالعزيز الخلافة و بدأ عهده الجديد بالغاء المراسم الظالمة في سب و شتم الامام علي بن أبي طالب و التي سنها معاوية المنحط.

و قد أرسل عمر تعميما الي جميع حواضر العالم الاسلامي في الغاء السب الذي استمر عقودا من الزمن و أن يقرأ بدل ذلك قوله تعالي: (ان الله يأمر بالعدل و الاحسان و ايتاء ذي القربي و ينهي عن الفحشاء و المنكر) و في هذا اقرار رسمي و ادانة للسياسة الاموية ازاء العلويين.

و قد هز هذا الاجراء مشاعر الشاعر الكبير كثير عزة [2] فمدحه بقصيدة رائعة قال فيها:



وليت فلم تشتم عليا ولم تخف

بريا ولم تتبع مقالة مجرم



تكلمت بالحق المبين و انما

تبين آيات الهدي بالتكلم



و صفه عليه السلام: ب «نجيب بين أميه» [3] .

و في عهده تنفس العلويون الصعداء و انتعشوا اقتصاديا بعد سنين عجاف من الحرمان و اضطهاد الحكومات الاموية المتعاقبة.



[ صفحه 58]




پاورقي

[1] موسي بن نصير:

و هو موسي بن نصير بن عبدالرحمن بن زيد اللخمي اليماني. أبوعبدالرحمن. كان أبوه نصير علي حرس معاوية بن أبي سفيان فنشأ موسي بدمشق، و لما شب ولاه معاوية غزو البحر فغزا قبرص و بني حصونا، و كان معاوية قد غزاها سنة 28 ه ثم انتقضت فولي موسي بن نصير غزوها. لما تولي الحجاج الثقفي امارة العراق ولاه علي خراج البصرة و اختلف معه فعاد الي دمشق، ثم توجه الي مصر، و في سنة 85 ه ولاه عبدالعزيز بن مروان، أمير مصر، علي أفريقية و المغرب خلفا لحسان بن النعمان الغساني فأقام بالقيروان، و وجه حملة بحرية بقيادة عياش بن آخيل فغزا صقلية و عاد بغنائم و فيرة، ثم اجتاح المغرب الأوسط و أخضعه لطاعته و في عام 87 ه أستخلف ابنه عبدالله علي القيروان توجه علي رأس جيش كثيف من العرب و البربر الذين، دخلو في طاعته و أسلمو،فاجتاح المغرب الاقصي حتي بلغ السوس الادني،فخلف ابنه مروان ليستكمل فتحه و توجه الي طنجة فافتتحها و ولي عليها مولاه طارق بن زياد الليثي، و حاول فتح (سبتة) فلم يفلح لحصانتها، و صالحه حاكمها (جوليان) و حالفه و أغراه بفتح الأندلس، فاستأذن موسي الخليفة الوليد بن عبدالملك فأذن له و اشترط عليه أن يخوض الأندلس بالسرايا ليختبرها فجهز سرية من أربعمائةمن المشاة ومائة من الفرسان بقيادة طريف بن مالك، فاجتازت البحر، و نزلت في المكان الذي أنشئت فيه، فيما بعد، مدينة (طريف). وشن طريف سلسلة من الغارات و عاد بسريته و معه غنائم كثيرة وا شتد عزم موسي علي فتح الأندلس بعد نجاح تلك الحملة، و أعد لها مولاه طارق بن زياد و جهز له جيشا عدته اثني عشر ألف مقاتل من العرب و البربر، و أبحرت الحملة في 5 رجب سنة 92 ه (نيسان / ابريل سنة 711 م)، في سفن عربية و أخري أعدها (جوليان) و نزلت الحملة علي مرتفع جبلي يعرف بجبل (كالبي) و هو الذي دعي بعد ذلك بجبل طارق، و ما زال يحمل هذا الاسم، و لما بلغ (روذريق Rodirguo) خبر هذا الجيش جمع قواته من القوط و الرومان و التقي مع طارق بن زياد علي ضعفاف بحيرة (خندة) المتصلة بنهره (برباط) قرب مدينة (شذونة) و نشبت معركة بين القربين في (28 رمضان سنة 92 ه يوليو / تموز سنة 711 م) انتهت بهزيمة (روذريق) و دحر جيشه، أخبر طارق موسي بن نصير بهذا الفتح و طلب اليه مددا ليتابع طريقه الي (طليطلة) عاصمة القوط، فأذن له. استأذن موسي الخليفة الوليد بن عبدالملك بمتابعة الفتح فأذنه، فجهز موسي جيشا ضخما عدته ثمانية عشر الف مقاتل و عبر البحر في رمضان سنة 93 ه و دخل الجزيرة الخضراء و فتح مدنا و حصونا، و التقي مع طارق بن زياد في (طلبيرة) قرب مدينة (طليطلة). فوافاهما (روذريق) بجيش كبير و نشبت معركة ضارية، كانت حاسمة، و فيها قتل (روذزيق) و سحق جيشه. من المؤرخين من جعل مقتل (روذريق) في المعركة الاولي التي جرت علي بحيرة (خندة). و مهما يكن من أمر، فان هذه الموقعة كانت فاصلة قضت علي مقاومة القوط، و فتحت أبواب المدن أمام جيش المسلمين، و بعدها اتجه موسي غربا ففتح مدنا، و أراد أن يقتحم اقليم (جليقة)غير أن الوليد بن عبدالملك أمره بالعودة الي دمشق، فتوقف عن فتح ذلك الاقليم و عاد الي دمشق و معه طارق بن زياد، و استخلف علي الأندلس ابنه عبدالعزيز. و لما وصل الي القيروان عين ابنه عبدالله علي افريقية و توجه الي مصر فدخلها و معه ألوف الأسري و السبايا، و كان عبدالعزيز بن مروان، أمير مصر، قد مات، فواصل السير الي دمشق فدخلها سنة 86 ه و الوليد في مرض موته، و لم يلبث أن مات و تولي الخلافة من بعده أخوه سليمان بن عبدالملك الذي نكب موسي و عزله، و انصرف الي وادي القري، حيث نشأ، و أقام في حالة بائسة الي أن توفي، و كان له من العمر 79 سنة. كان موسي شجاعا عاقلا، لم يهزم له جيشن قط. و كانت سياسته في البلاد التي فتحها قائمة علي احترام ديانة أهلها و حفظ أملاكهم و ابقائها في أيديهم و منحهم الاستقلال الداخلي في ادارة أمورهم و تحكيم قضاتهم.

الأعلام:8 / 285، و فيات الأعلان: 5 / 318، البيان المغرب: 1 / 39 - 36 ، 2 : 4. 23 ابن القوطية: 35، فتوح مصر و المغرب لابن عبدالحكم: 276، الولاة و القضاة للكندي: 60، الطبري: 6 / 469 ما بعدها، ابن الأثير: 4 / 359 و ما بعدها، نفح الطيب: 1 / 257، 262 - 287 تاريخ المسلمين و آثارهم في الاندلس: 91 - 108. بالاستاند الي أحداث التاريخ الاسلامي بعد الاسلام الترمانيني.

عبدالعزيز بن موسي بن نصير:

عينة أبوه علي الأندلس عند عودته الي الشام سنة 95 ه فضبطها و سدد أمورها و افتتح المدائن و كان شجاعا عاقلا. تزوج (ايله) أو (ايجلونا) أرمله (روذريق) القائد القوطي و كناها بأم عاصم. اغتيل بتدبير بعض رؤساء الجيش في الأندلس، و هو يصلي، و أخذوا رأسه و أرسلوه علي سليمان بن عبدالملك، و قيل ان اعغتياله كان بايعاز منه. رؤسا الجيش يولون عليهم أيوب بن حبيب اللخمي (ابن أخت موسي بن نصير) و كان.أحد المشتركين بالاغتيال. استكمل عبدالعزيز، أثناء ولايته فتح غربي الأندلس (البرتغال حاليا) ثم توجه الي جنوب و جنوب شرق الأندلس ففتح غرناطة و مالقة و كورة تدمير (مرسية) ثم اتجه الي تنظيم البلاد و ادارة شؤونها و قضي علي الثورات فيها - و له الفضل في تثبيت دعائم الاسلام في شبه جزيرة ايبريا (اسبانيا).

الأعلام: 4 / 145، الطبري و ابن الأثير: حوادث سنة 97، البيان المغرب: 2 / 35 - 37، النجوم الزاهرة: 1 / 232، نفح الطيب: 1 / 263، ابن خلدون: 4 / 255، تاريخ المسلمين و آثارهم في الاندلس: 110 - 115.

طارق بن زياد: هو طارق بن زياد الليثي بالولاء. أصله من سبي البربر، أسلم علي يد موسي بن نصير فكان مولاه و من أشهر رجاله. ولاه موسي علي قرطاجة بعد أن تم فتحها سنة 87 ه فأقام فيها علي أوائل سنة 92 ه، و لما عزم موسي علي فتح الأندلس جهز جيشا عدته أثناعشر ألف رجل من العرب و البربر و ولي عليه طارق بن زياد، و وجهه لفتح الأندلس. عبر طارق المضيق بجيشه، تحمله مراكب عربية و أخري أعدها لها (جوليان) حاكم مدينة (سبتة). و كان قد حالف موسي و طارقا - و نزل طارقت بجيشه في رجب سنة 92 ه علي الجبل الذي يعرف اليوم بجبل طارق، و استولي عليهه و فتح حصن (قرطاجة) و تغلغل في أرض الأندلس،. لما سمع (روزريق) ملك القوط بنزول الجيش العربي في أرض الأندلسن، أعد جيشا كثيفا في مدنية (شذونة) و التقي مع جيش طارق علي (نهربرباط) المتصل ببحيرة (لكة) و ذلك في يوم الأحد 28 رمضان سنة 92(19 يوليو / تموز سنة 711 م). و قد استمرت المعركة ثمانية ايام و انتهت بهزيمة (روزريق) و سحق جيشه، و كانت هذه الموقعة فتح الفتوح. و هنا تروي بعض المصادر أن (روزريق) قتل في هذه الموقعة، و يروي بعضها أنه اختفي و استطاع النجاة بنفسه و جمع فلول جيشه و التجأ الي مدينة (ماردة) و أنه كمن لجيش العرب في شعاب جبلية بين (ماردة) و طليطلة. ثم أن طارق استولي علي عدة حصون و توجه شمالا نحو (طليطلة) عاصمة القوط، و كتب الي موسي بن نصير أن يمده بمدد بمتابعة الفتح، فلحق به موسي بجيش عدته ثمانية عشر ألف مقاتل، و عبر البحر الي الأندلس في سنة 93 ه فاحتل (قرمونة) و (اشبيلية) و عددا من المدن بين نهر (الوادي الكبير) و نهر (آنة) و حاصر (ماردة) و تراجع (روزريق) عنها و كمن لجيش موسي في شعاب جبلية بين (ماردة) و (طليطلة)، و في الطريق الروماني الممتد بين (ماردة) و (سلمنقة) النقض (روزريق) بجيشه القوطي علي جيش موسي و طارق في موقع قريب من بلدة (تمامس Tamames) و نهر (باربلوس Barbalos) عند موضع يسمسيه بعض مؤرخي المسلمين (السواقي) و كان اللقاء بين الجيشين في (سبتمبر / ايلول سنة 713 م)‘. و في هذه الموقعة هزم جيش القوط و قتل (روزريق)، قتله عبدالعزيز بن موسي بن نصير. و دخل موسي و طارق مدينة (طليطلة) و أقام فيها الي سنة 94 ه ثم اتجه بجيشه غربا ففتح (سرقسطة) و (ساطبة) و برشلونة)، و اتجه طارق بن زياد شمالا الي بلاد (البشكنس) حتي وصل الي جبال (البرانس). و كان موسي يهم بغزو (جليقة) لولا أن أتاه كتاب من الخليفة الوليد بن عبدالملك يأمره بالعودة الي دمشق فعاد الها و معه طارق بن زياد. و انتهي أمر طارق الي اقالته بقرار من سليمان الذي لم يقدر خدماته و مواهبه العسكرية. الأعلام: 3 / 313. الطبري: 6 / 350. ابن خلدون: 4 / 253. فجر الاندلس: 97.

[2] هو كثير بن عبداالرحمن بن الأسود بن عامر الخزاعي الأزدي. أبوصخر. شاعر متيم مشهور كان متيما بعزة بنت جميل الضمرية، و كان عفيفا في حبها. من أهل المدينة، كانت أكثر اقامته بمصر و فيها توفي. اختص بعبد الملك بن مروان و ببني أمية و كانوا يكرمونه. كان متشيعا شديد التعصب لآل أبي طالب، و كان عبدالملك يعرف ذلك فيه، فاذا أراد أن يصدقه في شي ء حلفه بعلي. و كان يعتقد اعتقاد الكيسانية بامامة محمد بن الحنيفة، و يذهب مذهبهم في القول بأنه حي بجبل رضوي بتهامة، و عن يمينه أسد و عن شماله نمر يحفظانه يأتيه رزقه غدوة و عشية، و فيه يقول كثير:

ألا ان الأئمة من قريش

ولاة الحق أربعة سواء



علي و الثلاثة من بنيه

هم الأسباط ليس بهم خفاء



فسبط سبط ايمان و بر

و سبط غيبته كربلاء



و سبط لا يذوق الموت حتي

يقود الخيل يقدمها اللواء



تغيب لا يري فيهم زمانا

برضوي عنده عسل و ماء



قال المر زباني: كان كثير شاعر أهل الحجاز في الاسلام، لا يقدمون عليه أحدا. جعله ابن سلام في الطبقة الأولي من شعراء الاسلام و قرن به جريرا و الفرزدق. سمي كثيرا لقصره. ماتت عزة بمصر أيام مروان بن عبدالعزيز، أمير مصر، وزار كثير قبرها و تغير شعره بعدها، فقيل له: ما بال شعرك، و قد قصرت فيه فقال: ماتت عزة فلا أطرب، و ذهب الشباب فلا أعجب، و مات عبدالعزيز بن مروان فلا أرغب، و انما ينشأ الشعر عن هذه الخلال. و كان اذا أتي مصر أكرمه عبدالعزيز بن مروان و جاد عليه. مات و له من العمر ستون سنة.

من قوله في عزة:

ألا تلك عزة قد اصبحت

تقلب للهجر طرفا غضيضا



تقول مرضنا فما عدتنا

و كيف يعود مريض مريضا؟



و فيها يقول:

نظرت اليها نظرة و هي عاتق

مجوب، و لما يلبس الدرع ريدها



من الخفرات البيض ود جليسها

اذا ما انقضت أحدوثة لو تعيدها



الأعلام: 6 / 72، الأغاني: 9 / 1 و ما بعدها:،12 / 113 و، 12 / 174 فيات الاعيان: 4 / 106، شذرات الذهب: 1 / 131، عيون الأخبار، 2 / 144، مقالات الاسلاميين: 90،91، الملل و النحل: 150، بروكلمان: 1 / 195.

[3] السيد طي، تاريخ الخلفاء: 230.