الرسالة
و وصلت رسالة من الخليفة يتمني فيها زيارته فاستجاب الامام و تم اللقاء في دمشق.
و قد استقبل الامام بحفاوة و جرت بعض الاحاديث الودية خلال أيام الضيافة. و في لقاء التوديع قال الخليفة بأدب:
- أوصني.
فقال الامام:
- أوصيك بتقوي الله، و أن تتخذ الكبير أبا و الصغير ولدا و الرجل أخا.
فقال الخليفة باعجاب:
- جمعت و الله لنا ما ان أخذنا به، و أعانناالله عليه استقام لنا الخير ان شاءالله.
و بعد شهور قام الخليفة بزيارة للمدينة المنورة، و صدر اعلان ابان الزيارة باستئناف الاحكام الظالمة و تدفق المظلمون و الذين صدرت بحقهم احكام جائرة و أصحاب الأراضي المصادرة.
و ألقي الامام كلمة رائعة جاء فيها:
- انما الدنيا سوق من الأسواق يبتاع فيها الناس ما ينفعهم و ما يضرهم؛ و كم قوم ابتاعوا ما ضرهم، فلم يصبحوا حتي أتاهم
[ صفحه 59]
الموت؛ فخرجوا من الدنيا ملومين، لما لم يأخذوا ما ينفعهم في الآخرة، فقسم ما جمعوا لمن لم يحمدهم و صاورا الي من لا يعذرهم.
فنحن و الله حقيقون ان ننظر الي تلك الاعمال التي نتخوف عليهم منها فنكف عنها.
و التفت الامام الي الخليفة الذي كان يصغي بكل وجوده و قال:
- و اتق الله، و اجعل نفسك اثنتين، انظر الي ما تحب أن يكون معك اذا قدمت علي ربك فقدمه بين يديك، و انظر الي ما تكره معك اذا قدمت علي ربك؛ فارمه وراءك.
و افتح الابواب، و سهل الحجاب، انصف المظلوم، ورد الظالم، و وجه خطابه الي عموم المجتمع قائلا:
- ثلاثة من كن فيه استكمل الايمان بالله: من اذا رضي لم يدخله رضاه في باطل، و من اذا غضب لم يخرجه غضبه من الحق، و من ذا قدر لم يتناول ما ليس له.
و كان الخليفة ينتظر أن يرفع الامام اليه استئناف الحكم الجائر الذي صودرت جراءه أرض فدك.. ولكن الامام أعرض عن اثارة هذه المشكلة و ربما كان يقدر ظروف الخليفة الجديد و ما قد يؤدي ذلك في احراجه؛ خاصة و أن الامويين لن يتساهلوا في هذه المسألة.. كما أن فدك أصبحت ملكا للدولة تتصرف فيه وفق ما
[ صفحه 60]
تشاء و اصبحت فدك جزء من أموال الخليفة عثمان فقدمها علي طبق من ذهب الي مروان و أورثها مروان الي عبدالعزيز فورثها ابنه عمر!
و جلس الامام بعد تلك الكلمة المؤثرة و اطرق كعادته و كان الناس ينظرون الي وجه أسمر و قد سمع من كثير من الصحابة أن محمد بن علي يشبه رسول الله في ملامحه [1] كان عليه السلام معتدل القادمةاسمر اللون [2] و كان رقيق البشرة له خال، حسن الصوت مطرق الرأس [3] .
و انتشرت قصة الصحابي جابر الانصاري معه عليه السلام عند ما دخل عليه المسجد و نقل له تحيات النبي صلي الله عليه و اله و سلم و قد بقر بطن العلم بقرا. [4] .
پاورقي
[1] اصول الكافي.
[2] أخبارالدول:111.
[3] أعيان الشيعة.
[4] مجمع الزوائد: 1 / 22.