بازگشت

ثمن الحرية


ان ضريبة الكرامة و الحرية هو الدم؛ و ثمن الحياة في ظلل الظغاة الذل والخنوع



[ صفحه 78]



ان قدر زيد أن يكون ثائرا و يكون شاهدا و شهيدا؛ وقف التاريخ ذات ليلة و قد سطعت النجوم في سماء الصحراء بين مكة و المدينة.. و كانت الثريا قد استوت في السماء قال زيد لصاحبه و هو يحاوره.

- أما تري هذه الثريا؟ أتري أحدا ينالها؟

قال له صاحبه:

- و كيف لا بن الثري أن ينال الثريا؟!

قال زيد و هو يتأمل السماء المعرصة بالنجوم 6

- و الله لوددت أني أهوي من الثريا الي الأرض فاتقطع قطعة قطعة، و ان الله صلح بين أمة محمد. [1] .

كان زيد يمثل ضمير الأمامة الذي يتململ تحت نير الطغاة ولكن الأمامة لم تكن بمستوي ارادته.

و من المؤكد أن وجود الظلم لا يبعث وحده علي الثورة؛ هناك الاحساس بالظلم و الارادة التي تقهر حب الحياة و بالتالي تكسر حاجز الخوف.

وجود الظلم وحده لا يؤدي الي رد فعل ثوري.

و في تلك الحقبة العاصفة وقع المجتمع الاسلامي في أزمة فكرية حادة و انقسم المجتمع الي من يقول بالجبر و الحتمية و أن كل شي ء هو قضاء و قدر الهي لا يجوز بل لا يجوز بل لا يمكن الاعتراض عليه



[ صفحه 79]



فضلا عن مواجهته. و كرد فعل لهذا الجنوح الفكري الخطير برز تيار آخر لا يقل خطورة و هو الحرية المطلقة و التفويض البشري حيث لا علاقة بالله عزوجل بالفعل الانساني. [2] .

في تلك الظروف بدأ الامام الباقر عليه السلام التأسيس لمدرسة أهل البيت عليه السلام فطرح اطارا فكريا يجمع بين القدرة الالهية و شموليتها للسلوك البشري و ارادته حيث اقتضت مشيئة الله سبحانه منح الانسان الحرية ليمارس تجربته و يحتمل تبعا لذلك المسؤولية.

غير ان امكانات الدولة الهائلة راحت تعزز من فكرة جديدة مؤثرة هي فكرة الارجاء التي تعلن بان الايمان عمل قلبي لا يحتاج الي فعل يجسده و يعبر عنه و في حالة برزو فعل مضاد للايمان فانه لا علاقة له بالايمان.

و قد استغل الامويون فكرتي الجبر و الارجاء و يعد معاوية رائدا في مسألة أخضاع الامة لارادة الحاكم المستبد.. ذلك أن كل شي ء بقع انما هو بارادة الله و مشيئته و أن الانسان مسلوب الارادة لا حول له و لا قوة انه كالريشة في مهب عاصفة الأقدار.

و هكذا أصبح تسلط خلفاء بني أمية و بعدهم خلفاء بني العباس قدرا من الاقدار الالهية فهم كالطاعون و الزلازل و البراكين!

من أجل هذا قال الامام الباقر في حق أخيه زيد: انه لساني الذي انطق به.



[ صفحه 80]



لقد قوض بثورته فيما بعد [3] كثيرا من الافكار المخدرة و أصبحت تعبر و بوضوح تام عن فكر مدرسة أهل البيت عليهم السلام و موقفهم من الظلم و الظالمين.

و من أجل هذا أوصي الامام الباقر أصحابه المقربين قائلا: اذا دعاكم فأجيبوه و اذا استنصركم فانصوه.


پاورقي

[1] مقاتل الطالبيين: 129.

[2] نقول بعض الاساطير اليونانية ان الالهة خلقت الانسان و لما عجزت عن السيطرة عليه تركته و راحت تشرب الخمر!!.

[3] دوت شعارات الثورة في سنة 121 ه و كادت تعصف بالحكم الأموي و هي و ان اخفقت الا انها اصبحت فاتحة لسلسلة من الثورات العنيفة و الحركات الثورية أدت الي سقوط الأمويين في سنة 132 ه.