بازگشت

تمهيد


بسم الله الرحمن الرحيم

و الحمد الله، و الصلاة و السلام علي محمد و آله

بعد كربلاء:

لقد ظن الأمويون، بما فيهم الممسكون منهم بزمام الحكم، و سائر من يدور في فلكهم: أن استشهاد الإمام الحسين عليه السلام، و خيرة أهل بيته، و صفوة أصحابه في كربلاء، عام 61 للهجرة، سوف يطوي، أو هو قد طوي بالفعل صفحة تاريخ البيت الهاشمي، الذي أفل نجمه، و خبت ناره، و انقطع صوته وصيته، حتي أكل الدهر عليه و شرب. و قد حلت محلها صفحة تاريخ البيت الأموي، فليكتب فيها أهل هذا البيت و أعوانهم و أزلامهم ما شاؤا فلم يعد ثمة من يراقب أو يحاسب.

ليسجل لهم التاريخ سجل عنفوان الجبارين، و كل زهو المترفين، و خيلاء العتاة و المتسلطين. و ليكتب علي كل جبين أولئك المستضعفين، الفقراء، السذج منهم و البسطاء ما شاء من ألم و شقاء، و من حرمان و بلاء، و اضطهاد و عناء.

فقد أصبحت الدنيا مستوسقة لبني عبد شمس، و الأمور مسقة ، و لم يعد للبيت الهاشمي، و خصوصا آل أبي طالب، أي دور فاعل في نطاق التحدي لحكم هؤلاء الجبارين.

هكذا ظنوا، أو هكذا خيل لهم.



[ صفحه 6]



قالوا لحمامة سعدهم (النحس):



خلالك الجو فبيضي و اصفري

و نقري ما شئت أن تنقري



لكن ظن الأمويين هذا لم يقعدهم عن مواصلة التصدي و التعدي، بسبب و بدون سبب، علي رموز البيت الهاشمي، بهدف أن تبقي الأمة صغيرها و كبيرها مستشعرة الرهبة من أن تحدث نفسها بأي تقرب، أو مراودة، ولو علي مستوي الحياة العادية مع أهل هذا البيت، الرمز، و المثل الأعلي.

و مرت فترة مريرة و كريهة أمكن للأمويين أن يلمسوا خلالها لدي رموز البيت العلوي عزوفا عن مناهضة حكمهم بأسلوب العنف و الحدة في هذه الفترة علي الأقل - فلم يجدوا بعد أي مبرر لمواصلة ذلك المستوي من القسوة الظاهرة، التي كانت تعود عليهم بسلبيات كبيرة، كانوا يحبون تحاشيها و التخلص منها. و وجدوا أن بامكانهم افساح المجال لأئمة أهل البيت ليعيشوا حياة عادية و رتيبة، ولكن في نطاق الرقابة القوية و الفاعلة. و لينصرفوا لمتابعة صراعاتهم مع الآخرين من خوارج و غيرهم... و هكذا كان.