سياسات موروثة
و مما تهيّأ لبني أمية أن يحققوا مآربهم، ما ورثوه عن سلفهم من سياسات بدأت تؤتي ثمارها، و تظهر تبعاتها و آثارها الكبيرة و الخطيرة، علي الحياة الفكرية و الثقافية، و العقيدية للناس، و علي كل الواقع السياسي، و الاجتماعي، و التربوي، و غيره.
هذه السياسات التي كان أهمها اقصاء الاسلام، و كل ما هو شرع و دين عن حياة الناس، فكان أن انحسرت كل معالمه و آثاره الحقيقية عن مختلف المواضع و المواقع علي امتداد مساحة الدوة الاسلامية، في طول البلاد و عرضها.
فقد ورثوا عن سلفهم سياسات بدأوها منذ وفاة الرسول الأعظم صلي الله عليه و آله، مثل:
المنع من السؤال عن معاني القرآن.
و المنع عن كتابة و رواية حديث و سيرة الرسول.
و منع كبار الصحابة من مغادرة المدينة المنورة، خوفا من نشر العلم، و من أمور أخري.
بل و منع الناس من العمل بالسنن النبوية، حتي انهم كانوا لا يطيقون أن يروا الناس يكثرون من الصلاة في المسجد أو من الطواف حول
[ صفحه 8]
الكعبة الشريفة، فمنعوهم من ذلك الا من الشي ء اليسير.
و في المقابل أفسحوا المجال أمام مسلمة أهل الكتاب و القصاصين المتأثرين بهم ليثقفوا الناس، بترهاتهم من الاسرائيليات التي كانوا يمزجونها بكثير من الخيالات الباطلة و الزائفة.
هذا بالاضافة الي محاولات متكررة للحط من شأن النبي (ص) نفسه، و التأثير علي قداسته في النفوس.
مع كثير من الأصرار علي تضخيم مقام الخلافة و الخليفة الي حد تفضيل الخليفة علي جميع الأنبياء و المرسلين.
ثم اعطاؤهم الحاكم حق التشريع و التلاعب بأحكام الله سبحانه و تلبيس أحكام الجاهلية بلباس الدين و الاسلام.
ناهيك عن امعانهم الوقح في سياسات التمييز العنصري و الفئوي، و القبلي.
الي غير ذلك مما لا مجال لتتبعه و استقصائه.