بازگشت

مع الإمام الحسين


أما الإمام الثالث... فيا شوق الأجيال الأبية الي دمه الثمين... تتمششه، لتستخرج منه طعم الاباء في جعب النبل، و نوع الرفض في حقائب العنفوان...

انه الحسين، مشي الحجاز كله بقدميه لحافيتين، و أوصاله المقهورة ... مشي الامامة كلها فوق أرض الجزيرة، مشي اليمن، مشي



[ صفحه 140]



يثرب، مشي مكة، مشي غار حراء، مشي خطوط النار في دائرة الربع الخالي، حيث خاط قمصانه المشوية بلهيب السطوع، مشي الخطوط كلها في تمدد الصحراء بين مكة تصلي ركوعها بين يدي من خشع الكعبة و رفع قبابها الي مآذن السماء، و بين الكوفة تعطش كربلاؤها، و لا تريد أن تشرب الا إذا جاءها الفرات - من تلقاء ذاته - تخشعا اليها حتي تطيبه مناهل الكوثر...

لو سبق للأمة أن تعلمت القراءات في جامعاتها المفتوحة منذ ثلاثة عهود لكان لها - مع الحسين - أن تفهم ما يشرح لها عن معني المشي فوق كل الدروب التي مشاها الإمام الحسين - انه يشرح لها أن الدروب كلها في سبل الحياة، لا يدرك طولها و لا عرضها، و لا و عورتها، الا المشاة المعانون و طأة المشقات، و انهم هم الذين يمارسونها، و يذللون و عوراتها ، و يؤهلون جوانبها بأظلال مفيئة، و أنفاس تطيبها الرياحين.

ان المشاة أنفسهم يحققون الخير، و الحق، و النبل، بعد أن يمشوا الي مواردها، و يتعلموا القراءات، و المقارنات بين ما يحقر الذات الانسانية، و بين ما يعززها بالكرامات، بين ما يحققها مجتمعا قويا - بانتاجه - و ما يفرطها الي ضعف، و مذلة، و هوان... ان العلم - وحده - يكون من حصة المشاة، بفضل الممارسات، و هو الذي علم الحسين رفض الجور و الظلم، و التعسف بمقدرات الأمة، من أجل تعليمها - بنوع من القدوة الرافضة - ان العنفوان هو حقيقة الانسان، في مجتمع الانسان، فاذا عمت المجتمع معاييره التقية، تواري من تلقاء ذاته الثعلب المرتاغ، و تحلت بلون الشمس عناقيد الكرمة المدلاة علي جذوع العرائش... و ما أطيب الحسين شهيدا يجسد القدوات حتي يمرع الجني، و تثمر المواعيد التي تنتظرها الأمة التي لا تموت منها الأمنيات، و لا الرغبات، و لا الانتظارات، و لا احترازات النبوة.



[ صفحه 141]