بازگشت

واقع السياسة


ان السياسة فن يتناول الأمة في جميع شؤونها المادية و الروحية علي السواء، ليكون لها انضباط، و نمو، و تطور... ولكن الجزيرة لم تتقن هذا الفن، و بقيت كل معالجاتها السياسية قبلية بدائية، لا تعرف كيف تهتم بقضية الفرد و انمائه اجتماعيا، حتي جاءتها الرسالة تبشرها بالحق، و العدل، و المساواة، و اعتبار الفرد قيمة انسانية - اجتماعية، لا يتميز عن غيره الا بنسبة ما تطيبه التقوي.

هكذا انضبطت السياسة، و توحدت الأحكام، و اتخذت توجيهها الاجتماعي العادل، تحت ريادة من سن لها كل الشرائع، و تعهدها بكل المقومات النابعة من حاجات الأمة و مصالحها بالذات. و لم ينس هذا المشترع العظيم أن يشمل الغد باهتمامات بعيدة النظر، تجعله مستمرا في التحقيق المتصاعد بالأمة الي كل حيز حضاري مرموق.

لقد انضبط الغد بخط من حكم موجه، يضمن استقرار الأمة و استمراريتها في النشوء المنضبط علي الصراط المستقيم، و لقد ثبت الامامة علي ركن كعلي، و كانت الوجبة المثالية التي سيتلقفها الغد، و يبذلها علي الأمة صوابا و هداية.

ان كل ما كان مبنيا علي جهد النبي، و مرويا بعرق النبي، و مرئيا ببعد نظر النبي، تناولته سقيفة بني ساعدة و مرغته بالهذيان، و رمته في زواريب يثرب، كأنه خيال حلم به النبي و هو يغفو تحت سقف آخر، تجمع فيه كل أهل البيت.

لقد حصل كل هذا... فلماذا؟.



[ صفحه 152]