بازگشت

الإمام محمد الباقر في سطور


الإمام محمد الباقر (عليه السلام) هو خامس الأئمة الاطهار الذين نصّ عليهم رسول الله(صلي الله عليه وآله) ليخلفوه في قيادة الأمة الاسلامية ويسيروا بها الي شاطئ الأمن والسلام الذي قدّر الله لها في ظلال قيادة المعصومين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً.

ولقد انحدر الإمام الباقر (عليه السلام) من سلالة طاهرة مطهّرة ارتقت سلّم المجد والكمال وكان أفرادها قمماً شامخة في دنيا الفضائل بعد أن حازت علي جميع مقومات الشخصية الانسانية المتكاملة في مجال الفكر والعقيدة والعقل والعاطفة والارادة والسلوك، حيث أخلصوا لله تعالي وذابوا في محبته وانصهروا في قيم الرسالة الاسلامية وكانوا ربانيين بحق، وبذلك أصبحوا عِدلاً للقرآن الكريم بنصّ الرسول الأمين، والقدوة الشامخة بعد الرسول(صلي الله عليه وآله) والاُمناء علي تطبيق الرسالة الاسلامية والقادة المعصومون المؤهَّلون لتوجيه الاُمة وتربيتها وإدارة شؤونها وتلبية متطلّبات تكاملها وتحقيق سعادتها دنياً وآخرةً.

ولد الإمام الباقر (عليه السلام) من أبوين علويين طاهرين زكيين فاجتمعت فيه خصال جدّيه السبطين الحسن والحسين (عليهما السلام)، وعاش في ظلّ جدّه



[ صفحه 18]



الحسين (عليه السلام) بضع سنوات وترعرع في ظلّ أبيه علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام) حتي شبّ ونما وبلغ ذروة الكمال وهو ملازم له حتي استشهاده في النصف الأول من العقد العاشر بعد الهجرة النبوية المباركة.

لقد كان أبوه علي بن الحسين(عليه السلام) القدوة الشامخة للباقر بعد جدّه الحسين (عليه السلام) وقد عرف بـ «زين العابدين» و«سيد الساجدين» و«قدوة الزاهدين» و«سراج الدنيا» و«جمال الدين»، فكان أهلاً للامامة العظمي لشرفه وسؤدده وعلمه وتألقه وكمال عقله، كما شهد له بذلك كل من عاصره.

ولقد نهل الإمام محمد بن علي الباقر (عليهما السلام) العلوم والمعارف من هذا الوالد العظيم حتي فاق وأبدع في كل العلوم فكان كما شهد له بذلك جدّه رسول الله(صلي الله عليه وآله) حيث لقّبه بالباقر قائلاً: إنّه يبقر العلم بقراً، عندما بشّر المسلمين بولادته وبدوره الفاعل في إحياء علوم الشريعة وفي عصر كانت قد عصفت العواصف بالاُمة الاسلامية إثر الفتوح المتتالية والتمازج الحضاري والتبادل الثقافي الذي طال الاُمة الاسلامية وهي في عنفوان حركتها الثقافية والعلمية التي فجّرها الإسلام في وجودها، وكانت قد حُرمت من الارتواء من معين الرسالة الفيّاض الذي تجسّد في أهل البيت(عليهم السلام).

لقد عاش الإمام محمّد الباقر(عليه السلام) طيلة حياته في المدينة يفيض من علمه علي الأمة المسلمة، ويرعي شؤون الجماعة الصالحة التي بذر بذرتها رسول الله (صلي الله عليه وآله)، وربّاها الإمام علي ثمّ الإمامان الحسن والحسين(عليهم السلام) كما غذّاها من بعدهم أبوه علي بن الحسين (عليهما السلام) مقدّماً لها كل مقوّمات تكاملها وأسباب رشدها وسموّها.

لقد عاني الإمام الباقر من ظلم الاُمويين منذ أن ولد وحتي استشهد، ما عدا فترة قصيرة جدّاً هي مدّة خلافة عمر بن عبد العزيز التي



[ صفحه 19]



ناهزت السنتين والنصف.

فعاصر أشدّ أدوار الظلم الأموي، كما أشرف علي اُفول هذا التيار الجاهلي وتجرّع من غصص الآلام ما ينفرد به مثله وعياً وعظمة وكمالاً.

ولكنه استطاع أن يربّي أعداداً كثيرة من الفقهاء والعلماء والمفسّرين حيث كان المسلمون يقصدونه من شتّي بقاع العالم الاسلامي وقد دانوا له بالفضل بشكل لا نظير له، ولم يعش منعزلاً عن أحداث الساحة الإسلامية وإنّما ساهم بشكل ايجابي في توعية الجماهير وتحريك ضمائرها وسعي لرفع شأنها وإحياء كرامتها بالبذل المادي والعطاء المعنوي كآبائه الكرام وأجداده العظام ولم يقصر عنهم عبادة وتقوي وصبراً وإخلاصاً فكان قدوة شامخة للجيل الذي عاصره ولكل الأجيال التي تلته.

فسلام عليه يوم ولد ويوم جاهد بالعلم والعمل ويوم استشهد ويوم يبعث حيّاً.



[ صفحه 21]