بازگشت

حجه


وكان الإمام أبو جعفر (عليه السلام) اذا حجّ البيت الحرام انقطع الي الله وأناب اليه وظهرت عليه آثار الخشوع والطاعة، وقد قال مولاه أفلح: حججت مع أبي جعفر محمد الباقر فلما دخل الي المسجد رفع صوته بالبكاء فقلت له: «بأبي أنت وأمي إن الناس ينتظرونك فلو خفضت صوتك قليلاً».

فلم يعتن الإمام وراح يقول له: «ويحك يا أفلح إني أرفع صوتي بالبكاء لعلّ الله ينظر إليّ برحمة فأفوز بها غداً».

ثم إنه طاف بالبيت، وجاء حتي ركع خلف المقام، فلما فرغ وإذا بموضع سجوده قد ابتلّ من دموع عينيه [1] وحج (عليه السلام) مرة وقد احتفّ به الحجيج،



[ صفحه 34]



وازدحموا عليه وهم يستفتونه عن مناسكهم ويسألونه عن أمور دينهم، والإمام يجيبهم. وبهر الناس من سعة علومه حتّي أخذ بعضهم يسأل بعضاً عنه فانبري اليهم واحد من أصحابه فعرّفه قائلاً:

«ألا إنّ هذا باقر علم الرسل، وهذا مبيّن السبل، وهذا خير من رسخ في أصلاب أصحاب السفينة، هذا ابن فاطمة الغرّاء العذراء الزهراء، هذا بقية الله في أرضه، هذا ناموس الدهر، هذا ابن محمّد وخديجة وعلي وفاطمة، هذا منار الدين القائمة» [2] .


پاورقي

[1] صفة الصفوة: 2 / 63، نور الأبصار: 130.

[2] مناقب ابن شهرآشوب: 4 / 183.