بازگشت

مراحل حياة الإمام محمد الباقر


تنقسم حياة الإمام محمد الباقر(عليه السلام) ـ علي غرار سائر الأئمة المعصومين(عليهم السلام) ـ الي مرحلتين متميزتين:

المرحلة الاُولي: مرحلة ما قبل التصدي للقيادة الشرعية العامة والتي تشمل القيادة الفكرية والسياسية معاً وهي مرحلة الولادة والنشأة حتي استشهاد أبيه(عليه السلام).

وقد عاش الإمام محمد الباقر(عليه السلام) في هذه المرحلة مع جدّه وأبيه(عليهما السلام) فقضي مع جدّه الحسين(عليه السلام) فترة قصيرة جداً لا تزيد علي خمس سنين في اكثر التقادير، ولا تقل عن ثلاث سنين.

وعاش مع أبيه الإمام زين العابدين(عليه السلام) مدة تقرب من اربع وثلاثين سنة، وكانت سنيناً عجافاً; إذ كانت الدولة الأموية في ذروة بطشها وجبروتها، وكان الإمام الباقر (عليه السلام) في هذه المدة رهن إشارة أبيه زين العابدين (عليه السلام) في جميع مواقفه ونشاطاته.

وقد عاصر فيها كلاً من معاوية بن أبي سفيان ويزيد بن معاوية ومعاوية ابن يزيد ومروان بن الحكم وعبدالله بن الزبير وعبدالملك بن مروان والشطر الأكبر من حكم الوليد بن عبدالملك.

وأما المرحلة الثانية فتبدأ باستشهاد أبيه (عليه السلام) في الخامس والعشرين من



[ صفحه 46]



محرم الحرام سنة (95 هـ) وهي مرحلة التصدي لمسؤولية القيادة الروحية والفكرية والسياسية العامة وهي الإمامة الشرعية حسب مدرسة أهل البيت(عليهم السلام) وهي لا تنحصر في القيادة الروحية فقط كما لا تقتصر علي القيادة السياسية بمعني مزاولة الحكم وإدارة الدولة الإسلامية.

واستغرقت هذه المرحلة ما يقرب من تسعة عشر عاماً، واصل فيها مسيرة الائمة الهداة من قبله مستلهماً ـ من أجداده الطاهرين وعلومهم والعلوم التي حباه الله بها ـ الاُسلوب الصحيح لتحقيق أهداف الرسالة المحمدية.

واستطاع هذا الإمام العظيم خلال تلكم الأعوام أن يقدّم للاُمة معالم مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) في جميع مجالات الحياة ويربّي عدة أجيال من الفقهاء والرواة ويبني القاعدة الصلبة من الجماعة الصالحة التي تتبنّي خط أهل البيت (عليهم السلام) الرسالي السليم وتسعي جاهدة لتحقيق أهدافهم المُثلي.

وقد عاصر في هذه المرحلة الأيام الأخيرة من حكم الوليد بن عبدالملك وسليمان بن عبدالملك وعمر بن عبدالعزيز ويزيد بن عبدالملك وشطراً من حكم هشام بن عبدالملك واستشهد في حكم هشام هذا وعلي يد أحد عمّاله الظالمين.

وأقام الإمام (عليه السلام) طيلة حياته في المدينة المنورة، فلم يبرحها إلي بلد آخر، وقد كان فيها المعلم الأول، والرائد الأكبر للحركة العلمية والثقافية، وقد اتخذ الجامع النبوي مدرسة له فكان يلقي في رحابه بحوثه علي تلاميذه.

وقد تخرجت من مدرسة هذا الإمام العملاق مجموعة من العلماء الكبار الذين جابوا شرق الأرض وغربها ناشرين فيها العلم والمعرفة وطأطأت لشخصياتهم المتفوقة الاُمة الاسلامية بشتي قطاعاتها.



[ صفحه 47]