بازگشت

الرد علي الافكار والعقائد الهدامة والمذاهب المنحرفة


وجد المنحرفون لأفكارهم وعقائدهم الهدّامة أوساطاً تتقبّلها وتروّج لها ـ جهلاً أو طمعاً أو تآمراً علي الإسلام الخالد ـ وفي عهد الإمام الباقر(عليه السلام) نشطت حركة الغلاة بقيادة المغيرة بن سعيد العجلي.

روي علي بن محمد النوفلي أن المغيرة استأذن علي أبي جعفر(عليه السلام)



[ صفحه 107]



وقال له: أخبر الناس أ نّي أعلم الغيب، وأنا أطعمك العراق، فزجره الإمام (عليه السلام) زجراً شديداً وأسمعه ما كره فانصرف عنه، ثم أتي أبا هاشم عبدالله بن محمد ابن الحنفية فقال له مثل ذلك، فوثب عليه، فضربه ضرباً شديداً أشرف به علي الموت، فلمّا برئ أتي الكوفة وكان مشعبذاً فدعا الناس الي آرائه واستغواهم فاتّبعه خلق كثير [1] .

واستمرّ الإمام (عليه السلام) في محاصرة المغيرة والتحذير منه وكان يلعنه أمام الناس ويقول: «لعن الله المغيرة بن سعيد كان يكذب علينا» [2] .

ولعن (عليه السلام) بقية رؤساء الغلاة ومنهم بنان التبّان، فقال: «لعن الله بنان التبّان، وان بناناً لعنه الله كان يكذب علي أبي» [3] .

وكان (عليه السلام) يحذّر المسلمين وخصوصاً أنصار أهل البيت (عليهم السلام) من افكار الغلو، ويرشدهم الي الاعتقاد السليم، بقوله:

«لا تضعوا عليّاً دون ما وضعه الله، ولا ترفعوه فوق ما رفعه الله» [4] .

وكان (عليه السلام) يخاطب أنصاره قائلاً: «يا معشر الشيعة شيعة آل محمد كونوا النمرقة الوسطي: يرجع اليكم الغالي، ويلحق بكم التالي» [5] .

وحذّر (عليه السلام) من المرجئة ولعنهم حين قال: «اللهمّ العن المرجئة فإنهم أعداؤنا في الدنيا والآخرة» [6] .

وكان (عليه السلام) يحذّرمن افكارالمفوضةوالمجبرة. ومن اقواله في ذلك: «إيّاك



[ صفحه 108]



أن تقول بالتفويض! فإنّ الله عزّ وجلّ لم يفوّض الأمر الي خلقه وهناً وضعفاً، ولا أجبرهم علي معاصيه ظلماً» [7] .

وفي عرض هذا الردّ القاطع الصريح كان الإمام(عليه السلام) يبيّن الافكار السليمة حول التوحيد لكي تتعرف الاُمة علي عقيدتها السليمة.

وكان ممّا ركّز عليه الإمام(عليه السلام) في هذا المجال بيان مقومات التوحيد ونفي التشبيه والتجسيم لله تعالي.

قال (عليه السلام): «يا ذا الذي كان قبل كل شيء، ثم خلق كل شيء، ثم يبقي ويفني كلّ شيء، ويا ذا الذي ليس في السموات العلي ولا في الارضين السفلي، ولا فوقهنّ، ولا بينهنّ ولا تحتهنّ إله يعبد غيره» [8] .

وفي جوابه (عليه السلام) للسائلين عن جواز القول بأنّ الله موجود، قال: «نعم، تخرجه من الحدّين: حدّ الابطال، وحدّ التشبيه» [9] .

وقال (عليه السلام): «ان ربّي تبارك وتعالي كان لم يزل حيّاً بلا كيف، ولم يكن له كان، ولا كان لكونه كيف، ولا كان له أين، ولا كان في شيء، ولا كان علي شيء، ولا ابتدع له مكاناً» [10] .

كما ركّز الإمام الباقر(عليه السلام) علي العبودية الخالصة لله ونهي عن الممارسات التي تتضمّن الشرك بالله تعالي.

قال (عليه السلام): «لو انّ عبداً عمل عملاً يطلب به وجه الله عزّ جلّ والدار الآخرة، فأدخل فيه رضي أحد من الناس كان مشركاً» [11] .



[ صفحه 109]



كما دعا الي الانقطاع الكامل لله تعالي بقوله: «لا يكون العبد عابداً لله حق عبادته; حتي ينقطع عن الخلق كلّه اليه» [12] .

ونهي الإمام(عليه السلام) عن التكلم في ذات الله تعالي، وذلك لأنّ الإنسان المحدود لا يحيط بغير المحدود فلا ينفعه البحث عن الذات اللامحدودة إلاّ بُعداً، ومن هنا كان التكلم عن ذاته تعالي عبثاً لا جدوي وراءه، فنهي (عليه السلام) عن ذلك، وحذّر منه بقوله: «ان الناس لا يزال لهم المنطق، حتي يتكلموا في الله، فاذا سمعتم ذلك فقولوا: لا اله إلاّ الله الواحد الذي ليس كمثله شيء» [13] .

وممّا ركّز عليه الإمام الباقر(عليه السلام) الردع من اتّباع المذاهب المنحرفة والأفكار الهدّامة هو بيان عاقبة أهل الشبهات والأهواء والبدع، واستهدف الإمام(عليه السلام) من التركيز علي عاقبة المنحرفين فكرياً وعقائدياً إبعاد المسلمين عن التأثر بهم، وإزالة حالة الاُنس والاُلفة بينهم وبين الأفكار والعقائد المنحرفة.

قال (عليه السلام) في تفسير قوله تعالي: (هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً الذين ضلّ سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنّهم يحسنون صنعاً): هم النصاري والقسيسون والرهبان وأهل الشبهات والأهواء من أهل القبلة والحرورية وأهل البدع [14] .


پاورقي

[1] شرح نهج البلاغة: 8 / 121.

[2] بحار الانوار: 25 / 297.

[3] المصدر السابق: 25 / 297.

[4] المصدر السابق: 25 / 283.

[5] المصدر السابق: 67 : 101.

[6] المصدر السابق: 46 / 291.

[7] بحار الانوار: 5 / 298.

[8] المصدر السابق: 3 / 285.

[9] المصدر السابق: 3 / 265.

[10] المصدر السابق: 3 / 326.

[11] المصدر السابق: 69 / 297.

[12] بحار الأنوار: 67 / 211.

[13] المصدر السابق: 3 / 264.

[14] المصدر السابق: 2 / 298.