بازگشت

الحوار مع المذاهب والرموز المنحرفة


يعتبر الحوار احدي الوسائل التي تقع في طريق اصلاح الناس، حيث تزعزع المناظرة الهادفة والحوار السليم الأفكار والمفاهيم المنحرفة.



[ صفحه 110]



من هنا قام الإمام (عليه السلام) بمحاورة بعض رؤوس المخالفين، لتأثيرهم الكبير علي أتباعهم لو صلحوا واستقاموا علي الحقّ. وإليك بعض مناظراته:

مع علماء النصاري: حينما أخرج هشام بن عبد الملك الإمام (عليه السلام) من المدينة الي الشام كان(عليه السلام) يجلس مع أهل الشام في مجالسهم، فبينا هو جالس وعنده جماعة من الناس يسألونه، اذ نظر الي النصاري يدخلون في جبل هناك، فسأل عن حالهم، فأُخبر انهم يأتون عالماً لهم في كل سنة في هذا اليوم يسألون عمّا يريدون وعمّا يكون في عامهم، وقد أدرك هذا العالم أصحاب الحوارييّن من اصحاب عيسي (عليه السلام)، فقال الإمام (عليه السلام): فهلمّ نذهب إليه؟ فذهب (عليه السلام) الي مكانهم، فقال له النصراني: اسألك أو تسألني؟ قال (عليه السلام): تسألني، فسأله عن مسائل عديدة حول الوقت، وحول أهل الجنّة، وحول عزرة وعزير، فأجابه (عليه السلام) عن كل مسألة.

فقال النصراني: يا معشر النصاري ما رأيت أحداً قطّ أعلم من هذا الرجل لا تسألوني عن حرف وهذا بالشام ردّوني فردّوه الي كهفه، ورجع النصاري مع الإمام (عليه السلام).

وفي رواية: انّه أسلم وأسلم معه أصحابه علي يد الإمام (عليه السلام) [1] .

مع هشام بن عبد الملك: ناظره هشام بن عبد الملك في مسائل متنوعة تتعلق بمقامات أهل البيت (عليهم السلام)، وميراثهم لعلم رسول الله (صلي الله عليه وآله)، وادعاء الإمام علي (عليه السلام) علم الغيب، فأجابه الإمام (عليه السلام) عن مسائله المتنوعة وناظره في اثبات مقامات أهل البيت (عليهم السلام) مستشهداً بالآيات القرآنية والاحاديث



[ صفحه 111]



الشريفة، فلم يستطع هشام ان يردّ عليه، وناظره في مواضع اُخري، فقال له هشام: (اعطني عهد الله وميثاقه ألاّ ترفع هذا الحديث الي أحد ما حييت)، قال الإمام الصادق (عليه السلام): فأعطاه أبي من ذلك ما أرضاه [2] .

وقد ذكرنا تفصيل المناظرتين في بحث سابق فراجع [3] .

مع الحسن البصري: قال له الحسن البصري: جئت لأسألك عن أشياء من كتاب الله تعالي.

وبعد حوار قصير قال له (عليه السلام): بلغني عنك أمر فما أدري أكذاك أنت؟ أم يُكذب عليك؟ قال الحسن: ما هو؟

قال (عليه السلام): زعموا أنّك تقول: إنَّ الله خلق العباد ففوّض اليهم اُمورهم.

فسكت الحسن... ثمّ وضّح له الإمام (عليه السلام) بطلان القول بالتفويض وحذّره قائلاً: وإيّاك أن تقول بالتفويض، فإنّ الله عز وجل لم يفوّض الأمر إلي خلقه، وهناً منه وضعفاً، ولا أجبرهم علي معاصيه ظلماً [4] .

وله (عليه السلام) مناظرات مع محمد بن المنكدر ـ من مشاهير زهاد ذلك العصر ـ ومع نافع بن الأزرق أحد رؤساء الخوارج، ومع عبد الله بن معمر الليثي، ومع قتادة بن دعامة البصري [5] واحتجاجات لا يتحمّل شرحها هذا المختصر.



[ صفحه 112]




پاورقي

[1] بحار الانوار: 46 / 313 ـ 315.

[2] بحار الأنوار: 46 / 308، 316.

[3] راجع مبحث ملامح وأبعاد هامة في عصر الإمام الباقر(عليه السلام).

[4] الاحتجاج: 2 / 184.

[5] أعيان الشيعة: 1 / 653.