بازگشت

تأسيس المدرسة الفقهية النموذجية


راجع حياة الإمام محمد الباقر (عليه السلام)، باقر شريف القرشي 1 / 215 ـ 226.

لقد جهد الإمام الباقر وولده الصادق (عليهما السلام) علي نشر الفقه الاسلامي وتبنّيا نشره بصورة إيجابية في وقت كان المجتمع الاسلامي غارقاً في الأحداث والاضطرابات السياسية، حيث أهملت الحكومات في تلك العصور الشؤون الدينية إهمالاً تاماً، حتي لم تعد الشعوب الاسلامية تفقه من أمور دينها القليل ولا الكثير، يقول الدكتور علي حسن: «وقد أدي تتبعنا للنصوص التأريخية إلي امثلة كثيرة تدل علي هذه الظاهرة ـ أي اهمال الشؤون الدينية ـ التي كانت تسود القرن الأول سواء لدي الحكام أو العلماء أو الشعب، ونعني بها عدم المعرفة بشؤون الدين، والتأرجح وعدم الجزم والقطع فيها حتي في العبادات، فمن ذلك ما روي أن ابن عباس خطب في آخر شهر رمضان علي منبر البصرة فقال: اخرجوا صدقة صومكم فكان الناس لم يعلموا، فقال: من ها هنا من أهل المدينة؟ فقوموا إلي إخوانكم فعلموهم، فإنهم لا يعلمون فرض رسول الله(صلي الله عليه وآله) [1] .



[ صفحه 115]



فأهل البلاد الاسلامية لم يعرفوا شؤون دينهم معرفة كافية، وقد كان يوجد في بلاد الشام من لا يعرف عدد الصلوات المفروضة، حتي راحوا يسألون الصحابة عن ذلك [2] .

إن الدور المشرق الذي قام به الإمام الباقر والصادق (عليهما السلام) في نشر الفقه وبيان أحكام شريعة الله كان من اعظم الخدمات التي قدّماها للعالم الاسلامي.

وسعي إلي الأخذ من علومهما أبناء الصحابة والتابعون، ورؤساء المذاهب الاسلامية كأبي حنيفة ومالك وغيرهما، وتخرج علي يد الإمام أبي جعفر(عليه السلام) جمهرة كبيرة من الفقهاء كزرارة بن اعين، ومحمد بن مسلم وابان ابن تغلب، وإليهم يرجع الفضل في تدوين أحاديث الإمام (عليه السلام) وقد أصبحوا من مراجع الفتيا بين المسلمين، وبذلك أعاد الإمام أبو جعفر (عليه السلام) للإسلام نضارته وحافظ علي ثرواته الدينية من الضياع والضمور.

ومن الجدير بالذكر أن الشيعة هم أول من سبق إلي تدوين الفقه. فقد قال مصطفي عبد الرازق: «ومن المعقول أن يكون النزوع إلي تدوين الفقه كان أسرع إلي الشيعة لأن اعتقادهم العصمة في أئمتهم أو ما يشبه العصمة كان حرياً إلي تدوين أقضيتهم وفتاواهم» [3] .

وبذلك فقد ساهمت الشيعة في بناء الصرح الاسلامي، وحافظت علي أهم ثرواته... ولابد لنا من وقفة قصيرة للنظر في فقه أهل البيت (عليهم السلام) الذي هو مستمد من الرسول الاعظم (صلي الله عليه وآله).



[ صفحه 116]




پاورقي

[1] الاحكام في أصول الاحكام لابن حزم: 2 / 131.

[2] سنن النسائي: 1 / 42.

[3] تمهيد لتأريخ الفلسفة الاسلامية: ص202.