بازگشت

موقفه من الثورة المسلحة


وقف الإمام (عليه السلام) موقف الحياد من الثورات التي قادها الخوارج، فلم يصدر منه تأييد ولا معارضة، لكي لا يستثمر قادة الثورات أو الحكّام موقف الإمام (عليه السلام) لصالحهم، ولكي تستمر روح الثورة في النفوس.

وفي عهده (عليه السلام) لم تنطلق أي ثورة علوية يقودها أحد أهل البيت (عليهم السلام)

أو أحد أنصارهم، لأنّ الإمام (عليه السلام) كان مشغولاً ببناء وتوسعة القاعدة الشعبية، لكي تنطلق فيما بعد، أي بعد اكمال العدّة والعدد، وكان (عليه السلام) يوجّه الانظار الي ثورة أخيه زيد التي أخبر أنها ستنطلق في المستقبل القريب.

وكان يربط بين موقف زيد المستقبلي وبين موقفه(عليه السلام) منه فيقول: «أ مّا عبد الله فيدي التي أبطش بها، وأما عمر فبصري الذي أبصر به، وأما زيد فلساني الذي أنطق به [1] ...» [2] .



[ صفحه 126]



وكان (عليه السلام)يحذِّر من خذلان زيد ومحاربته فيقول: «ان أخي زيد بن علي خارج فمقتول علي الحق، فالويل لمن خذله، والويل لمن حاربه، والويل لمن قاتله» [3] .

وكان (عليه السلام) هو الموجّه لحركة أخيه زيد، وكان زيد أحد المنضوين تحت لواء إمامته، وكانت حركته العسكرية ذراعاً واقعياً لأهل البيت (عليهم السلام) ليقاوموا من خلالها انحراف الحكّام بعد عجز الاساليب الاخري عن التأثير.

وممّايؤكد هذه التبعية قول زيد رحمه الله:

فمن لي سوي جعفر بعده

إمام الوري الأوحد الأمجد [4] .

فتأجلت الثورة المسلحة الي وقتها المناسب وتفجّرت بعد أقلّ من عشر سنين من استشهاد الإمام محمد الباقر (عليه السلام).


پاورقي

[1] عبدالله الباهر أخو الإمام الباقر(عليه السلام)، كان من أبرز علماء المسلمين في فضله، وسموّ منزلته العلمية، وقد روي عن أبيه علوماً شتي، وكتب الناس عنه ذلك. «غاية الاختصار 106». وأما عمر بن علي بن الحسين(عليه السلام) فهو أخو الإمام الباقر(عليه السلام) أيضاً كان فاضلاً جليلاً ووُلّي صدقات النبي(صلي الله عليه وآله) وصدقات أمير المؤمنين(عليه السلام) وكان ورعاً سخيّاً، ويروي عنه، قال: يشترط علي من ابتاع صدقات علي(عليه السلام) أن يثلم في الحائط كذا وكذا ثلمة لا يمنع من دخله أن يأكل منه.

وكذلك زيد الشهيد فإنه ثالث إخوته، وكان من أجلّ علماء المسلمين وقد تخصص في علوم كثيرة كعلم الفقه والحديث والتفسير وعلم الكلام وغيرها، وهو الذي تبنّي حقوق المظلومين والمضطهدين، وقاد سيرتهم النضالية في ثروته الخالدة التي نشرت الوعي السياسي في المجتمع الإسلامي وساهمت مساهمة إيجابية وفعّالة في الإطاحة بالحكم الاُموي.

[2] سفينة البحار: 2 / 273.

[3] مقتل الخوارزمي: 2 / 113.

[4] مناقب آل أبي طالب: 4 / 213.