بازگشت

العقيدة السليمة


في خضم الأحداث والمواقف المتباينة والمتناقضة جراء تعدد التيارات الفكرية والعقائدية، واضطراب عقول الكثير من المسلمين، لابتعادهم عن إدراك اُسس العقيدة السليمة، قام الإمام (عليه السلام) بدور كبير في بيان العقيدة السليمة للجماعة الصالحة ; لتقوم بدورها في اصلاح المفاهيم والافكار، ونشر عقيدة أهل البيت (عليهم السلام) في مختلف الاوساط وعلي جميع المستويات.

لقد بيّن (عليه السلام) الاُسس العامة للتوحيد، فعن حريز بن عبدالله، وعبدالله بن مسكان قالا: قال أبو جعفر (عليه السلام): «لا يكون شيء في الارض ولا في السماء إلاّ بهذه الخصال السبعة: بمشيّة، وارادة، وقضاء، وإذن، وكتاب، وأجل، فمن زعم أنه يقدر علي نقض واحدة منهنَّ فقد كفر» [1] .

وبيّن حقيقة التوحيد تمييزاً لعقيدة أهل البيت (عليهم السلام) عن العقائد الاخري فقال(عليه السلام): «لم تره الأبصار بمشاهدة العيان، ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان، لا يدرك بالحواس ولا يقاس بالناس، معروف بالآيات، منعوت بالعلامات، لا يجور في قضيته، بان من الاشياء وبانت الأشياء منه» [2] .

وبيّن حدود الوصف لله تعالي فنهي عن التكلم في ذات الله وما يتفرع عنه من آراء ومفاهيم، فقال (عليه السلام): «تكلموا فيما دون العرش، ولا تكلموا فيما فوق



[ صفحه 141]



العرش، فانّ قوماً تكلموا في الله فتاهوا...» [3] .

وبيّن (عليه السلام) معياري الايمان والإسلام فقال: «الايمان إقرار وعمل، والإسلام إقرار بلا عمل» [4] .

وقال (عليه السلام): «الإيمان ما كان في القلب، والإسلام ما عليه التناكح والتوارث وحقنت به الدماء، والايمان يشرك الإسلام، والإسلام لا يشرك الايمان» [5] .

وبيّن الأصل الأساسي من اُصول العقيدة بعد أصل التوحيد وهو الولاية والإمامة المجعولة من الله تعالي ; لأن الولي والإمام يقوم بدور الحجّة نيابة عن الله تعالي، وبيّن مصير من لا يتولّي من نصّبه الله تعالي، فقال: «إنّ من دان الله بعبادة يجهد فيها نفسه بلا إمام عادل من الله، فإنّ سعيه غير مقبول وهو ضالّ متحيّر، ومثله كمثل شاة لا راعي لها ضلّت عن راعيها وقطيعها فتاهت ذاهبة وجائية يومها، فلمّا أن جنّها الليل بصرت بقطيع غنم مع راعيها فجاءت اليها فباتت معها في ربضتها متحيّرة تطلب راعيها وقطيعها، فبصرت بسرح قطيع غنم آخر فعمدت نحوه وحنّت اليها، فصاح بها الرّاعي الحقي بقطيعكِ فإنّكِ تائهة متحيّرة قد ضللت عن راعيك وقطيعك، فهجمت ذعرة متحيّرة لا راعي لها يرشدها الي مرعاها ويردّها، فبينا هي كذلك اذ اغتنم الذئب ضيعتها فأكلها، وهكذا يا محمّد بن مسلم من أصبح من هذه الاُمة ولا إمام له من الله عادل أصبح تائهاً متحيّراً، إن مات علي حاله تلك مات ميتة كفر ونفاق، واعلم يا محمد أنّ أئمة الحقّ وأتباعهم علي دين الله...» [6] .

وبيّن حدود ولاية أهل البيت (عليهم السلام) وحدود شفاعتهم فقال: «يا جابر!



[ صفحه 142]



فو الله ما يُتقرب الي الله تبارك وتعالي إلاّ بالطاعة، وما معنا براءة من النار، ولا علي الله لأحد من حجّة، من كان لله مطيعاً فهو لنا وليّ، ومن كان لله عاصياً فهو لنا عدوّ، ولا تنال ولايتنا إلاّ بالعمل والورع» [7] .

وحذّر اتباعه من التأثر بافكار واعتقادات الغلاة لأنها مخالفة للتوحيد، ومخالفة للمنهج العقائدي لأهل البيت (عليهم السلام).


پاورقي

[1] المحاسن: 244.

[2] مختصر تاريخ دمشق: 23 / 81.

[3] المحاسن: 238.

[4] تحف العقول: 217.

[5] المصدر السابق: 218.

[6] المحاسن: 92، 93.

[7] الكافي: 2 / 74.