بازگشت

كتمان الاسرار


ان الظروف المحيطة بالإمام (عليه السلام) وبالجماعة الصالحة جعلت الإمام (عليه السلام) يأمر بكتمان الاسرار، قال (عليه السلام): «اكتموا اسرارنا ولا تحمّلوا الناس علي أعناقنا» [1] .

والجماعة الصالحة محاطة بجماعات وتيارات وأجهزة أمنية تتابع أقوالها وأفعالها وممارساتها العملية، وتستثمر الثغرات والفرص المتاحة لتشويه سمعتها في عقيدتها وفي أحكامها وفي سلوكها، وتحجيم دورها في الحياة ; ولهذا فهي بحاجة الي عناية اضافية بكتمان الاسرار، سواء كانت ممّا يتعلق بفضائل ومكارم أهل البيت (عليهم السلام) التي لا تتحملها عقول المخالفين، أو ممّا يتعلق بتنظيم الجماعة الصالحة من حيث العدّة والعدد، وأسماء الوكلاء، أو الطليعة المؤثرة علي سير الأحداث، أو كانت من أسرار العلاقات واللقاءات، أو الأسرار السياسية المتعلقة بالبرامج والخطط الموضوعة لاصلاح وتغيير الواقع السياسي والاجتماعي، أو الأسرار المتعلقة بساعات التنفيذ وما شابه ذلك.

فالإمام (عليه السلام) كان يتكتم علي المواقف المهمة، فحينما حرّم الدخول الي السلاطين والتعاون معهم، كان هذا التحريم محدوداً لم يبلّغ به إلاّ



[ صفحه 178]



المقربين منه.

وكان يخطط لثورة زيد دون أن تعلم به السلطات، ودون علم كثير من أفراد الجماعة الصالحة، وكان يكتفي بمدح شخصية زيد ليوجه الانظار بصورة غير مباشرة اليه والي مواقفه المستقبلية.

وكان يثني علي المختار مقرّاً بثورته وولائه لأهل البيت (عليهم السلام) ولكن في نطاق محدود أمام بعض أصحابه.

ولم يعلن (عليه السلام) عن إمامة الإمام الصادق (عليه السلام) إلاّ في نطاق محدود لمن كان يثق به ويعتمد عليه في عدم كشف السرّ إلاّ في وقته المناسب.


پاورقي

[1] المصدر السابق: 71 / 225.