بازگشت

التوازن في العلاقة مع الحكام


إنّ مقاطعة الحاكم الجائر هي إحدي الخصائص التي اختص بها أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، وقد كانت ارشادات وأوامر الإمام الباقر (عليه السلام) الي أفراد الجماعة الصالحة تؤكد علي المقاطعة في جميع صورها، لأنّ العمل مع الجائر يؤدي الي احتمالات واقعية، هي:

أ ـ تقويته ودعم أركان دولته المنحرفة.

ب ـ ممارسة الاعمال المنحرفة التي يمليها الواقع المنحرف.

ت ـ تأثر العامل معه ـ في بعض الأحيان ـ بالاغراء المتنوع، بالأموال والمناصب والجاه، وقد يؤدي هذا إلي التخلي عن الانتماء الي الجماعة الصالحة.

ث ـ تحول العامل الي عدو للجماعة الصالحة في بعض الاحيان.



[ صفحه 179]



ولهذا أمر (عليه السلام) بمقاطعة الحاكم الجائر [1] وجعل العمل مع الجائر دليلاً علي كراهية الجنّة، تشديداً منه علي عدم الدخول معه في الاعمال. عن عقبة ابن بشير الأسدي، قال: دخلت علي أبي جعفر (عليه السلام) فقلت له: اني من الحسب الضخم من قومي، وانّ قومي كان لهم عريف فهلك، فأرادوا ان يعرفوني عليهم، فما تري لي؟

قال (عليه السلام): «فإن كنت تكره الجنة وتبغضها، فتعرّف علي قومك، يأخذ سلطان جائر بإمرئ مسلم يسفك دمه، فتشركهم في دمه، وعسي أن لا تنال من دنياهم شيئاً» [2] .

وعلي الرغم من أوامره في مقاطعة الحاكم الجائر إلاّ انّه راعي المصلحة الإسلامية العليا في موارد عديدة، فجوّز (عليه السلام) بيع السلاح أو حمله الي اتباع السلطان [3] للمساهمة في ردّ أعداء الكيان الاسلامي، ولإثبات حسن التعامل للحاكم إن سمع أو لاحظ هذه الإسناد.

وكان (عليه السلام) لا يمتنع إن دعاه الحاكم للقاء به، ولا يمنع أصحابه من ذلك، حفاظاً علي أمنهم، لأنّ التمرد علي طلبه قد يؤدي الي كشف نواياهم في المعارضة وعدم الرضي بحكمه.

ولم يمنع (عليه السلام) أفراد الجماعة الصالحة من المشاركة في الغزوات التي كان يقودها حكّام الجور المسلمون في مختلف الأزمان.



[ صفحه 180]




پاورقي

[1] كفاية الأثر: 251.

[2] رجال الكشي: 204.

[3] الكافي: 5 / 112.