بازگشت

التأكيد علي أهمية العامل الاقتصادي


وحثّ الإمام (عليه السلام) علي العمل لكسب الرزق، والاستغناء عن الناس، حين حثّ علي التجارة والزراعة والصناعة وعلي تعلم الحرفة، وكان (عليه السلام) يعمل بنفسه ويري انّ في العمل طاعة لله، فعن الإمام الصادق (عليه السلام) أ نّه قال: إنَّ محمّد بن المنكدر كان يقول: ما كنت أري أنّ عليّ بن الحسين (عليه السلام) يدع خلفاً أفضل منه، حتي رأيت ابنه محمد بن عليّ (عليه السلام) فأردت أن أعظه فوعظني، فقال له أصحابه: بأي شيء وعظك؟ قال: خرجت الي بعض نواحي المدينة في ساعة حارة، فلقيني أبو جعفر محمد بن عليّ، وكان رجلاً بادناً ثقيلاً وهو متكئ علي غلامين أسودين أو موليين، فقلت في نفسي: سبحان الله شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة علي هذه الحال في طلب الدنيا، أما والله لأعظنه، فدنوت منه فسلّمت عليه فردّ عليّ بنهر، وهو يتصبّب عرقاً، فقلت: أصلحك الله شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة علي هذه الحال في طلب الدنيا أرأيت لو جاء أجلك وأنت علي هذه الحال ما كنت تصنع؟

فقال (عليه السلام): لو جاءني الموت وأنا علي هذه الحالة جاءني وأنا في طاعة من طاعة الله عزوجل ; اكفُّ بها نفسي وعيالي عنك وعن النّاس، وإنما كنت أخاف أن لو جاءني الموت وأنا علي معصية من معاصي الله.



[ صفحه 182]



فقلت: صدقت يرحمك الله أردت أن أعظك فوعظتني [1] .

وكان (عليه السلام) يستشهد بسيرة آبائه وأجداده للحث علي العمل وطلب الرزق، فقد روي (عليه السلام): أن رجلاً لقي أمير المؤمنين (عليه السلام) وتحته وسق من نوي، فقال له: ما هذا يا أبا الحسن تحتك؟ فقال: مائة عذق ان شاء الله، فغرسه فلم يغادر منه نواة واحدة [2] .

وكان ينهي عن الكسل والتقاعس عن العمل، وقد جعل الكسل عن الآخرة ملازماً للكسل عن طلب الدنيا، فقال: «إنّي لأبغض الرجل ـ أو أبغض للرجل ـ أن يكون كسلاناً عن أمر دنياه، ومن كسل عن أمر دنياه، فهو عن أمر آخرته أكسل» [3] .

وبيّن ان الرزق من الله تعالي، وهو الذي حدّد لكل نفس رزقها، فما علي الانسان إلاّ السعي لطلبه، قال (عليه السلام): «ليس من نفس إلاّ وقد فرض الله عزّوجلّ لها رزقاً حلالاً يأتيها في عافية، وعرض لها بالحرام من وجه آخر، فإن هي تناولت شيئاً من الحرام قاصّها به من الحلال الذي فرض لها، وعند الله سواهما فضل كثير، وهو قوله عزوجلّ: (واسألوا الله من فضله) [4] ...» [5] .

ونهي عن جمع المال من المكاسب المحرّمة ومنها الغلول، فقد سأله عمّار بن مروان عنها فقال: «كل شيء غلّ من الإمام فهو سحت، وأكل مال اليتيم وشبهه سحت، والسحت أنواع كثيرة: منها أجور الفواجر، وثمن الخمر والنبيذ، والمسكر، والربا بعد البيّنة، فأمّا الرُّشا في الحكم، فإنّ ذلك الكفر بالله العظيم وبرسوله» [6] .



[ صفحه 183]



ونهي (عليه السلام) عن الربّا لأن فيه غصباً لحقوق الآخرين، وإضعافاً لروح الودّ والإخاء، وأماتة لروح الزهد في الدنيا والاحسان للآخرين، ولذا اعتبره (عليه السلام) من أخبث المكاسب، فقال (عليه السلام): «أخبث المكاسب كسب الرّبا» [7] .

ولم يحبّذ لانصاره العمل غير اللائق بهم وان كان حلالاً كالعمل في الحجامة [8] .


پاورقي

[1] الكافي: 5 / 73 ـ 74.

[2] المصدر السابق: 5 / 75.

[3] المصدر السابق: 5 / 85.

[4] النساء (4): 32.

[5] الكافي: 5 / 80.

[6] المصدر السابق: 5 / 126.

[7] الكافي: 5 / 147.

[8] المصدر السابق: 5 / 116.