بازگشت

افراد الجماعة الصالحة


النظام الاجتماعي في داخل الجماعة الصالحة يقوم علي أساس وحدة التصورات والمبادئ، ووحدة الموازين والقيم، ووحدة الشرائع والقوانين، ووحدة الاوضاع والتقاليد، لأنّ مجموع الجماعة الصالحة تتلقي منهج حياتها من جهة واحدة وهي أهل البيت (عليهم السلام)، وتجمعها وحدة الطريقة التي تتلقي بها، ووحدة المنهج الذي تفهم به ما تتلقي من أفكار وعواطف وممارسات.

والنظام الاجتماعي قائم علي أساس القاعدة الثابتة، وهي قول الإمام



[ صفحه 195]



الباقر (عليه السلام): «المؤمن أخو المؤمن لأبيه واُمه» [1] .

فقد جعل العلاقة بين أفراد الجماعة الصالحة كالعلاقة النسبية التي تترتب عليها حقوق وواجبات، كالسعي في حوائج المؤمنين، وتفريج كربهم، والنصيحة لهم، والدعاء لهم بالتوفيق، وستر عيوبهم [2] .

والعلاقة القائمة تنطلق من الايثار وتحكيم الحق في النفس، قال (عليه السلام): «ان لله جنة لا يدخلها إلاّ ثلاثة أحدهم من حكم في نفسه بالحقّ» [3] .

ويقوم النظام الاجتماعي علي قاعدة تعظيم وتوقير أفراد الجماعة الصالحة لكي يتعمّق الودّ والاخاء، قال (عليه السلام): «عظموا اصحابكم ووقّروهم ولايتجهم بعضكم بعضاً، ولا تضارّوا ولا تحاسدوا، وايّاكم والبخل، وكونوا عباد الله المخلصين» [4] .

وحثّ الإمام (عليه السلام) علي اشاعة الودّ والمحبّة من خلال ممارسات متنوّعة، قال (عليه السلام): «تبسّم الرجل في وجه أخيه حسنة، وصرف القذي عنه حسنة، وما عبدالله بشيء أحبّ الي الله من ادخال السرور علي المؤمن» [5] .

ووضع مجموعة من الحقوق المتبادلة عليهما فقال: «من حقّ المؤمن علي أخيه المؤمن أن يشبع جوعته ويواري عورته ويفرّج عنه كربته ويقضي دينه، فإذا مات خلفه في أهله وولده» [6] .

وحثّ علي العوامل التي تؤدي الي التقريب بين القلوب وتزيد في



[ صفحه 196]



الاخوة والتآلف والتآزر. عن أبي حمزة الثمالي قال: زاملت أبا جعفر (عليه السلام) فحططنا الرحل، ثم مشي قليلاً، ثم جاء فأخذ بيدي فغمزها غمزة شديدة، فقلت: جعلت فداك أو ما كنت معك في المحمل؟! فقال: أما علمت أنّ المؤمن إذا جال جولة ثم أخذ بيد أخيه نظر الله اليهما بوجهه، فلم يزل مقبلاً عليهما بوجهه، ويقول للذنوب: تتحاتَّ عنهما، فتتحاتّ ـ يا أبا حمزة ـ كما يتحاتُّ الورق عن الشجر، فيفترقان وما عليهما من ذنب» [7] .

وقال (عليه السلام): «ينبغي للمؤمنين إذا تواري أحدهما عن صاحبه بشجرة ثم التقيا أن يتصافحا» [8] .

وروي عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) قوله: «إذا التقيتم فتلاقوا بالتسليم والتصافح، وإذا تفرّقتم فتفرّقوا بالاستغفار» [9] .

وحثّ (عليه السلام) علي تبادل الزيارات لأنها تؤدي الي تجذر روح الإخاء وزرع الودّ في القلوب والنفوس، ورغّب فيها بتبيان آثارها الايجابية علي المتزاورين، حين قال: «أيّما مؤمن خرج الي أخيه يزوره عارفاً بحقّه كتب الله له بكلّ خطوة حسنة، ومحيت عنه سيئة، ورفعت له درجة، واذا طرق الباب فتحت له أبواب السماء، فاذا التقيا وتصافحا وتعانقا أقبل الله عليهما بوجهه، ثم باهي بهما الملائكة، فيقول: انظروا الي عبدي تزاورا وتحابا فيَّ، حقٌّ عليَّ ألاّ اُعذبهما بالنار بعد هذا الموقف، فإذا انصرف شيّعه الملائكة عدد نفسه وخطاه وكلامه، يحفظونه من بلاء الدنيا وبوائق الآخرة الي مثل تلك الليلة من قابل، فإن مات فيما بينهما اُعفي من الحساب، وان كان المزور



[ صفحه 197]



يعرف من حقّ الزائر ما عرفه الزائر من حقّ المزور ; كان له مثل أجره» [10] .

ونهي (عليه السلام) عن جميع الممارسات التي تؤدّي الي الكراهية والتنافر والتقاطع كالغيبة والبهتان والتحقير والتعيير والتنابز بالالقاب، والسباب، والاعتداء علي الأموال والأعراض وغير ذلك.

ودعا الي الاصلاح بين المؤمنين وحثّهم علي التآلف فقال (عليه السلام): «ان الشيطان يغري بين المؤمنين ما لم يرجع أحدهم عن دينه، فإذا فعلوا ذلك استلقي علي قفاه وتمدّد، ثم قال: فزت، فرحم الله امرئً أ لّف بين وليّين لنا، يا معشر المؤمنين تألّفوا وتعاطفوا» [11] .

ونهي (عليه السلام) عن احصاء عثرات الآخرين وزلاتهم، فقال: «ان أقرب ما يكون العبد الي الكفر أن يؤاخي الرّجل الرّجل علي الدين، فيحصي عليه عثراته وزلاّته ليعنّفه بها يوماً ما» [12] .

ونهي عن الطعن بالمؤمنين ونبزهم بالكفر فقال: «ما شهد رجل علي رجل بكفر قطّ إلاّ باء به أحدهما، ان كان شهد به علي كافر صدق، وان كان مؤمناً رجع الكفر عليه، فإيّاكم والطعن علي المؤمنين» [13] .

ونهي عن النميمة فقال: «محرّمة الجنّة علي القتّاتين المشائين بالنميمة» [14] .

ونهي (عليه السلام) عن الاذاعة وكشف الاسرار الخاصّة بالمؤمنين فقال: «يحشر العبد يوم القيامة وما ندي دماً، فيدفع اليه شبه المحجمة أو فوق ذلك، فيقال له: هذا سهمك من دم فلان، فيقول: يا ربّ إنّك لتعلم أ نّك قبضتني وما سفكت دماً.



[ صفحه 198]



فيقول: بلي سمعت من فلان رواية كذا وكذا، فرويتها عليه فنقلت حتّي صارت الي فلان الجبّار فقتله عليها وهذا سهمك من دمه» [15] .


پاورقي

[1] الكافي: 2 / 166.

[2] الكافي: 2 / 198، 199، 205، 207، 208.

[3] وسائل الشيعة: 15 / 285.

[4] الكافي: 2 / 173.

[5] المصدر السابق: 2 / 188.

[6] المصدر السابق: 2 / 169.

[7] الكافي: 2 / 180.

[8] المصدر السابق: 2 / 181.

[9] المصدر السابق.

[10] الكافي: 2 / 183، 184.

[11] المصدر السابق: 2 / 345.

[12] المصدر السابق: 2 / 355.

[13] المصدر السابق: 2 / 360.

[14] المصدر السابق: 2 / 369.

[15] الكافي: 2 / 371.