بازگشت

تراث الإمام محمد الباقر


علمنا أن الرسول الأعظم (صلي الله عليه وآله) قد تنبّأ بأن حفيده محمد بن علي ابن الحسين (عليه السلام) سوف يبقر العلم بقراً ويفجره تفجيراً.

وقد شهد معاصرو الإمام (عليه السلام) بهذه الظاهرة التي كانت ملفتة للنظر وتناقلها المؤرخون جيلاً بعد جيل.

والتراث الذي تركه لنا هذا الإمام الهمام لهو خير دليل علي صحة ما شهد به هؤلاء المؤرخون علي مدي القرون والأجيال ودليل من دلائل نبوة جدّه رسول الله (صلي الله عليه وآله).

لقد كانت المرحلة التي عاشها الإمام الباقر (عليه السلام) تتطلّب منه أن يقوم بتشييد اُسس الحضارة الإسلامية وتحصين الاُمة المسلمة بروافد المعرفة الإسلامية لتقف في وجه المدّ الثقافي الذي كان يخترق الحياة الإسلامية بسبب الفتوحات والانفتاح الحضاري علي ثقافات الاُمم الوافدة علي الدولة الإسلامية العظمي.

ومن هنا نستطيع أن نقول: إن المعالم الرئيسية لرسالة الأئمة بعد الحسين (عليه السلام) تتلخص في التحصين المعرفي والثقافي للاُمة المسلمة بشكل



[ صفحه 214]



عام وللجماعة الصالحة بشكل خاص.

فإن الوقوف علي تراثهم الذي قدّموه للاُمة الإسلامية خلال النصف الثاني من القرن الأول الهجري وحتي بداية القرن الثالث الهجري يكشف عن عظمة هذا التراث وتفرّده عمّا سواه من التراث الذي نجده لدي عامة الفرق الإسلامية، ويتميّز عن كل ذلك بالاستيعاب لكل حقول المعرفة، وسلامة المصدر، ونقاء المحتوي، ووضوح الارتباط بمصادر المعرفة الربّانية المتمثلة بكتاب الله وسنّة رسوله (صلي الله عليه وآله).

ولابد أن ينعكس ثراء هذا التراث وعظمته في هذه الموسوعة رغم اختصارها وعدم استيعابها لكل تراث الإمام الباقر (عليه السلام).

وقد اخترنا من تراثه الثرّ نماذج في مختلف حقول العلم والمعرفة الإسلامية بمقدار ما تقتضيه صفحات هذا الجزء الخاص بالإمام الباقر(عليه السلام) أخذاً بالميسور والله من وراء القصد وهو الموفق للصواب.