بازگشت

هذا الكتاب


بسم الله الرحمن الرحيم

اشراقة من حياة الامام الخامس من أئمة أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن أميرالمؤمنين عليهم السلام.

فهو عليه السلام مجمع الفضائل، و منتهي المكارم، سبق الدنيا بعلمه، و امتلأت الكتب بحديثه، و لا غرو في أن يكون كذلك بعدما سماه رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم بالباقر - كما في حديث جابر بن عبدالله الأنصاري - لأنه يبقر العلم بقرا، أي يفجره و ينشره، فلم يرو عن أحد من أئمة أهل البيت - بعد الامام الصادق - ما روي عن الامام الباقر عليه السلام، فها هي كتب الفقه، و الحديث، و التفسير، و الأخلاق، مستفيضة بأحاديثه، مملوءة بآرائه، فقد روي عنه رجل واحد من أصحابه - محمد بن مسلم - ثلاثين ألف حديث [1] و جابر الجعفي سبعين ألف حديث [2] ، و ليست هذه بميزة له عليه السلام علي بقية الأئمة، فعقيدتنا أنهم صلوات الله عليهم متساوون في العلم، سواسية في الفضل، فهم يغترفون من منهل واحد: كتاب الله، و سنة رسوله، و ما أودع الله تعالي فيهم من العلم اللدني بصفتهم أئمة الحق، و ساسة الخلق، و ورثة الرسول الأعظم صلي الله عليه و آله و سلم.

نعم، الظروف التي مرت علي الامام الباقر عليه السلام كانت مواتية، فقد كانت الدولة الأموية في نهايتها واهية البنيان، منهدة الأركان، فاستغل عليه السلام الفرصة و نشر ما أمكنه نشره من العلوم و المعارف، كما استغل ولده الامام الصادق عليه السلام من بعده



[ صفحه 334]



انشغال الدولتين - الأموية و العباسية - عنه فأتم ما كان أبوه الباقر عليه السلام قد أسسه، و لو قدر للامام الجواد عليه السلام - مثلا - أن يحصل علي ظرف كظرف الصادقين عليهماالسلام فما كان ليقصر عن ذلك، فهو الذي أجاب في مجلس واحد عن ثلاثين ألف مسألة، و هكذا بقيتهم عليهم الصلاة والسلام.

و هناك شي ء آخر يجب أن نفهمه: ان العلم جانبا واحدا من حياة الامام أبي جعفر الباقر عليه السلام، فهو صلوات الله عليه أكثر الناس عبادة، و أعظمهم زهادة و أجمعهم لمكارم الأخلاق، و أحسن الناس سيرة، و أفضلهم سريرة.

و هذا الكتاب صورة مصغرة عن حياة هذا الامام العظيم و ابن الرسول الأعظم صلي الله عليه و آله و سلم و حفيد الحسين الشهيد و ما أحوجنا اليوم - و نحن نتطلع الي مستقبل أفضل - أن نأخذ من حياته عليه السلام الدروس، و أن نستلهم من سيرته المثل الرفيعة، لنحقق أمانينا في الاصلاح، و نعيد مجدنا الغابر «و قل اعملوا فسيري الله عملكم و رسوله و المؤمنون».



[ صفحه 335]




پاورقي

[1] بحارالأنوار 11 / 83.

[2] أعيان الشيعة 4 ق 2 / 28.