بازگشت

احسانه و كرمه


ليس المهم في الاحسان و الكرم هو أن تكون المبالغ المعطاة كبيرة، بل المهم ما يصحب ذلك العطاء من ايمان و تقي، و خلق نبيل، يحفظ للسائل كرامته، كما أن حاجة المعطي للمال كلما كانت أكثر، كانت العطية منه أفضل.

و قد أجمع المفسرون علي نزول بعض الآيات في أميرالمؤمنين عليه السلام علي أثر تصدقه باليسير، فقد نزل فيه قوله تعالي: «الذين ينفقون أموالهم بالليل و النهار سرا و علانية فلهم أجرهم عند ربهم و لا خوف عليهم و لا هم يحزنون» [البقرة: 274] بعدما تصدق بأربعة دراهم لا يملك غيرها تصدق بدرهم ليلا، و بدرهم نهارا، و بدرهم سرا، و بدرهم علانية. و نزل فيه قوله تعالي: «انما وليكم الله و رسوله و الذين ءامنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكوة و هم راكعون» [المائدة: 55] نزلت هذه الآية لما تصدق عليه السلام بخاتمه علي سائل سأل في مسجد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و لم يعطه أحد، و كان عليه السلام يصلي فأشار الي السائل و مد اليه اصبعه، فأخذ خاتمه. و نزلت سورة «هل أتي» في أهل البيت بعدما تصدقوا بأقراص من شعير علي مسكين و يتيم و أسير.

و عن أبي بصير عن أحدهما [1] قلت له: أي الصدقة أفضل؟ قال: جهد المقل، أما سمعت قول الله عزوجل: «و يؤثرون علي أنفسهم و لو كان بهم خصاصة» [2] .

فالملحوظ اذا في العطية و الهبة و الصدقة الكيفية قبل الكمية، و ما يحيط بذلك من اخلاص، و تقرب الي المولي جل شأنه، و بهذا الخط الدقيق سار أئمة أهل البيت عليهم السلام في هباتهم و عطاياهم.



[ صفحه 346]



ان تقربهم بتلك الهبات الي الله تعالي، و تزلفهم بها اليه، هو الذي خلد ذكرها عبر القرون المتطاولة، و الأجيال المتعاقبة.

نذكر بعض ما ورد من ذلك للامام أبي جعفر الباقر عليه السلام:

1 - قالت سلمي - مولاة أبي جعفر - كان يدخل عليه أصحابه، فلا يخرجون من عنده حتي يطعمهم الطعام الطيب، و يسكوهم الثياب الحسنة، و يهب لهم الدنانير، فأقول له في ذلك ليقل منه، فيقول: يا سلمي ما حسنة الدنيا الا صلة الاخوان و المعارف [3] .

2 - قال عمرو بن دينار و عبدالله بن عبيد بن عمير، ما لقينا أباجعفر محمد بن علي عليه السلام الا و حمل الينا النفقة و الصلة و الكسوة، و يقول: هذه معدة لكم قبل أن تلقوني [4] .

3 - قال الأسود بن كثير: شكوت الي أبي جعفر عليه السلام الحاجة و جفاء الاخوان، فقال: بئس الأخ يرعاك غنيا و يقطعك فقيرا، ثم أمر غلامه فأخرج كيسا فيه سبعمائة درهم فقال: استنفق هذه فاذا فرغت فأعلمني [5] .

4 - قال سليمان بن قرم: كان أبوجعفر محمد بن علي يجيزنا بالخمسمائة درهم، الي الستمائة درهم، الي الألف درهم، و كان لا يمل من صلة اخوانه و قاصديه و مؤمليه و راجيه [6] .

5 - عن أبي عبدالله عليه السلام قال: دخلت علي أبي يوما و هو يتصدق علي فقراء أهل المدينة بثمانية آلاف دينار، و أعتق أهل بيت بلغوا أحد عشر مملوكا [7] .



[ صفحه 347]




پاورقي

[1] أي الباقر أو الصادق عليهماالسلام.

[2] ثواب الأعمال 142.

[3] نور الابصار 207. كشف الغمة 211. الفصول المهمة 197. صفة الصفوة 2 / 63. مطالب السؤول 2 / 53.

[4] كشف الغمة 214. أعيان الشيعة 4 ق 2 / 49.

[5] صفة الصفوة 2 / 63. الفصول المهمة 197. كشف الغمة 211. مطالب السؤول 2 / 53. أعيان الشيعة 4 ق 2 / 49.

[6] كشف الغمة 214، و ذكر اجازته عليه السلام بالمبلغ المذكور، في كل من مطالب السؤول 2 / 53 الفصول المهمة 197. أعيان الشيعة 4 ق 2 / 49. صفة الصفوة 2 / 63.

[7] بحارالأنوار 11 / 86.