بازگشت

الكتاب و السنة في أحاديث الباقر


كانت سفرة الأب و ابنه الأكبر يوم أمس للزيارة قد سببت للابن الأوسط شيئا من الحزن، مما اضطر الأب الي أن يطيب خاطر ابنه بأن يعده لمثلها قريبا، و وعده هذا و أن طيب خاطر الابن بعض الشي ء الا أنه لم يرفع حزنه نهائيا، و هذا ما لا حظه الأب في وجه ابنه الأوسط هذا اليوم، و لكي يذهب عنه الحزن نهائيا قال له الأب: لك علي يا ولدي أن نذهب لزيارة الامامين موسي بن جعفر و الامام محمد الجواد عليهماالسلام في مدينة الكاظمية.

و ما أن أنهي الأب كلامه حتي ارتسمت ابتسامة عريضة علي وجه الابن الأوسط، و رمي بنظرة منه لأخيه الأكبر و كأنه يقول له اننا سنذهب الي مكان أبعد من كربلاء، و سنقضي في سفرتنا يوما كاملا، فكان رد الأخ الأكبر علي أخيه بابتسامة جميلة، ترافقها نظرة حب و حنان.

و حينما اطمأن الأب بعودة الرضا لابنه الأوسط قال: سنتحدث اليوم عن علم الامام الباقر عليه السلام بالكتاب و السنة النبوية الشريفة علي اعتبارهما أهم مرجعين في الاسلام.



[ صفحه 191]



ثم تابع الأب حديثه قائلا: و قبل أن نتحدث عن ذلك أود أن أعرفكم أن الانسان مها بلغ به العلم و المعرفة فهو دون علم و معرفة آل البيت، و هذه فائدة عدت من المسلمات التي لا نقاش فيها، بعد كل ما ورد في كتاب الله العزيز و في أحاديث النبي الحبيب محمد صلي الله عليه وآله و سلم، و متي ما وجد المسلمون أنفسهم في غير موضعهم، و لم يعرفوا قدر أنفسهم، فقد حكموا علي أنفسهم بالجهل بغرورهم و عقوقهم.

و قد حدث مثل ذلك بين البعض و أئمة آل البيت عليهم السلام، حتي حاول البعض سؤالهم ظنا منهم احراج آل البيت، فأحرجوا هم و كشفت حقيقتهم لأنفسهم علي أقل تقدير.

و كمثال علي ذلك ما كان من عمرو بن عبيد، أحد تلامذة الحسن البصري، و المتوفي سنة اثنين و أربعين و مائة، حيث وفد علي محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام، فقال له قاصدا بذلك امتحانه: جعلت فداك ما معني قوله تعالي: (أولم ير الذين كفروا أن السموات و الأرض كانتا رتقا ففتقناهما و جعلنا من المآء كل شي ء حي أفلا يؤمنون (30)) [1] ، ما هذا الرتق و الفتق؟

فقال له الامام الباقر عليه السلام: كانت السماء رتقا لا تنزل القطر، و كانت الأرض رتقا لا تخرج النبات.

فانقطع عمرو، و لم يجد اعتراضا، و مضي، الا أنه لم يكتف فعاد اليه في وقت آخر و قال: أخبرني جعلت فداك عن قوله تعالي: (كلوا من طيبات ما رزقناكم و لا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي و من يحلل عليه غضبي فقد هوي (81)) [2] ، ما غضب الله تعالي؟



[ صفحه 192]



فقال له الامام الباقر عليه السلام: غضب الله: عقابه يا عمرو، من ظن أن الله يغيره شي ء فقد كفر.

ثم تابع الأب حديثه فقال: من السهل جدا أن يتعرف المسلم علي مقدار علي آل البيت النبوي الأطهار، هذا اذا لم يكن مبغضا معاندا، لأن البغض اذا رافقه العناد فلن يصل بصاحبهما الي غير ما هو يحمله من نتائج، و ذلك باعادة النظر بامعان فيما قاله رسول الله صلي الله عليه وآله و سلم من أحاديث شريفة تخص آل البيت، و متفق علي صحتها، كقوله صلي الله عليه وآله و سلم: أنا مدينة العلم و علي بابها، أو قوله صلي الله عليه وآله و سلم و الذي هو أيضا متفق عليه و لا جدال فيه: اني تركت فيكم الثقلين كتاب الله و عترتي آل بيتي، ما أن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا.

ثم قال الأب: و هنا بامكاننا أن نحكم بشكل قاطع بناء علي هذا الحديث الشريف أن كل من لم يتمسك بهذين الثقلين فهو ضال لا محالة، لأن النبي صلي الله عليه وآله و سلم أمر بالتمسك بالاثنين معا دون أن يفصل بينهما.

و هذين الحديثين أو أي منهما كاف للقطع بأعلمية آل البيت علي كل مسلم و مسلمة، ابتداء من عهد رسول الله صلي الله عليه وآله و سلم، و انتهاء بيوم القيامة، و قد قال الله تعالي:

(و من يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدي و يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولي و نصله جهنم و سآءت مصيرا (115)) [3] .

فآل البيت النبوي عليهم السلام هم المؤمنون و سبيلهم هو الهدي الذي



[ صفحه 193]



أمرنا الله تعالي أن نتبعه، و هم الأبواب التي أمرنا أن نأتي البيوت منها كما ورد في وصية لأميرالمؤمنين عليه السلام حيث قال فيها: «و نحن الأبواب التي أمرتم أن تأتوا البيوت منها، فنحن و الله أبواب تلك البيوت، ليس ذلك لغيرنا، و لا يقوله أحد سوانا» [4] .

الابن الأكبر: و ماذا روي عن الامام الباقر عليه السلام من تفسير لأي الذكر الحكيم يا أبي؟

الأب: روي عن ثابت عن الامام الباقر محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام قال في قوله تعالي: (أولئك يجزون الغرفة بما صبروا و يلقون فيها تحية و سلاما (75)) [5] .

الغرفة: الجنة، بما صبروا علي الفقر في دار الدنيا.

و عن أبي حمزة الثمالي عن الامام الباقر عليه السلام في قوله تعالي: (و جزاهم بما صبروا جنة و حريرا (12)) [6] .

قال عليه السلام: بما صبروا علي الفقر، و مصائب الدنيا.

و روي الشيخ الصدوق في الآمالي عن الامام جعفر الصادق عليه السلام عن أبيه الامام الباقر عليه السلام في قوله تعالي: (يوفون بالنذر) [7] ، قال:

مرض الحسن و الحسين عليهماالسلام و هما صبيان صغيران، فعادهما النبي صلي الله عليه وآله و سلم و معه رجلان من المسلمين، فقال أحدهما: يا أباالحسن، لو نذرت في ابنيك نذرا ان الله عافاهما، فقال أميرالمؤمنين عليه السلام: أصوم ثلاثة أيام شكرا لله عزوجل.



[ صفحه 194]



و كذلك قالت فاطمة الزهراء عليهاالسلام.

و قال الحسن و الحسين عليهماالسلام: و نحن أيضا نصوم ثلاثة أيام.

و كذلك قالت جاريتهم فضة.

فألبسهما الله عافية، فأصبحوا صياما... [8] .

و قال الامام الباقر عليه السلام في قوله تعالي: (الذين ينفقون أموالهم باليل و النهار سرا و علانية فلهم أجرهم عند ربهم و لا خوف عليهم و لا هم يحزنون (274)) [9] .

انها نزلت في أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: كان معه أربعة دراهم، فتصدق بواحد ليلا، و بواحد نهارا، و بواحد سرا، و بواحد علانية، فنزل قوله تعالي: (الذين ينفقون أموالهم) [10] .

و قال عليه السلام في قوله تعالي: (أم يحسدون الناس علي ما ءاتاهم الله من فضله فقد ءاتينا ءال ابراهيم الكتاب و الحكمة و ءاتيناهم ملكا عظيما (54)) [11] ، نحن الناس والله [12] .

و قال عليه السلام في قوله تعالي: (و اني لغفار لمن تاب و ءامن و عمل صالحا ثم اهتدي (82)) [13] ، اهتدي الي ولاية أهل البيت [14] .



[ صفحه 195]



و عن قوله تعالي: (مرج البحرين يلتقيان (19) بينهما برزخ لا يبغيان (20)) [15] ، قال الامام الصادق عليه السلام: علي و فاطمة بحران عميقان لا يبغي أحدهما علي الآخر، بينهما برزخ لا يبغيان: رسول الله صلي الله عليه وآله و سلم، يخرج منهما اللؤلؤ و المرجان: الحسن و الحسين عليهماالسلام [16] ، و هذا التفسير بالتأكيد هو ما روي عن الباقر و السجاد عليهماالسلام عن الحسنين عن أميرالمؤمنين عن رسول الله صلي الله عليه وآله و سلم.

و من قول للامام علي عليه السلام قال فيه: نحن الصراط المستقيم، نحن السبيل الي الله.

ثم قال الأب: و كما تعلمون يا أبنائي ان الصراط المستقيم ورد في آيات عدة من كتاب الله تعالي كقوله تعالي في سورة الفاتحة:

(اهدنا الصراط المستقيم (6) صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم و لا الضآلين (7)).

و قوله تعالي: (و أن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه و لا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون (153)) [17] .

قال الامام الباقر عليه السلام: الصراط المستقيم ههنا هو الامام، و لا تتبعوا السبل أي أئمة الضلال، فتفرق بكم عن سبيله، و نحن سبيله.

و قد قال محمد عبده في تفسيره: كانت خاتمة ما وصي الله



[ صفحه 196]



تعالي به هذه الأمة علي لسان خاتم رسله آنفا الأمر باتباع صراطه المستقيم، و النهي عن اتباع غيره من السبل [18] .

و أخرج الديلمي عن رسول الله صلي الله عليه وآله و سلم قال: أثبتكم علي الصراط أشدكم حبا لأهل بيتي و لأصحابي [19] .

و قال الامام الباقر عليه السلام في قوله تعالي: (و كذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء علي الناس و يكون الرسول عليكم شهيدا و ما جعلنا القبلة التي كنت عليها الا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب علي عقبيه و ان كانت لكبيرة الا علي الذين هدي الله و ما كان الله ليضيع ايمانكم ان الله بالناس لرءوف رحيم (143))، كما روي عن عبدالله بن عطاء قال: سألت الامام أباجعفر الباقر عليه السلام عن المراد بالآية؟ قال عليه السلام: علي بن أبي طالب عليه السلام [20] .

و روي أن زرارة و الفضيل قالا لأبي جعفر الباقر عليه السلام: أرأيت قول الله عزوجل: (فاذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما و قعودا و علي جنوبكم فاذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة و ان الصلاة كانت علي المؤمنين كتابا موقوتا (103)) [21] ، قال عليه السلام: يعني كتابا مفروضا، و ليس يعني وقت فوتها ان جاز ذلك الوقت ثم صلاها لم تكن صلاة، و لو كان ذلك كذلك لهلك سليمان بن داود عليهماالسلام حين صلاها بغير وقتها، ولكن متي ذكر صلاها [22] .

و روي عن الامام أبي جعفر عليه السلام و بعضهم عن أبي عبدالله عليه السلام



[ صفحه 197]



في قوله تعالي: (- ألم تر الي الذين خرجوا من ديارهم و هم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم ان الله لذو فضل علي الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون (243)) [23] ، قال عليه السلام: ان هؤلاء أهل مدينة من مدائن الشام كانوا سبعين ألف بيت، و كان الطاعون يقع فيهم في كل أوان، فكانوا اذا أحسوا به، خرج من المدينة الأغنياء لقوتهم، و بقي فيها الفقراء لضعفهم، فكان الموت يكثر في اللذين أقاموا، و يقل في اللذين خرجوا، فيقول الذين خرجوا: لو كنا أقمنا لكثر فينا الموت، و يقول الذين أقاموا: لو كنا خرجنا لقل فينا الموت، قال عليه السلام: فاجتمع رأيهم جميعا، انه اذا وقع الطاعون فيهم، و أحسوا به، خرجوا كلهم من المدينة، فلما أحسوا بالطاعون، خرجوا جميعا، و تنحوا عن الطاعون حذر الموت، فساروا في البلاد ما شاء الله، ثم أنهم مروا بمدينة خربه، قد جلي أهلها، عنها و افناهم الطاعون، فنزلوا بها، فلما حطوا رحالهم، و اطمأنوا، قال لهم الله عزوجل: «موتوا جميعا، فماتوا من ساعتهم، و صاروا رميما يلوح، و كانوا علي طريق المدينة، فكنستهم المارة، فنحوهم و جمعوهم في موضع، فمر بهم نبي من أنبياء بني اسرائيل يقال له حزقيل، فلما رأي تلك العظام بكي و استعبر، و قال: يا رب، لو شئت لأحييتهم الساعة كما أمتهم، فعمروا بلادك، و ولدوا عبادك، و عبدوك مع من يعبدك من خلقك، فأوحي اليه: أتحب ذلك؟ قال: نعم يا رب، فأحياهم الله، قال عليه السلام: فأوحي الله عزوجل اليه: ان قل كذا و كذا، قال الذي أمره الله عزوجل أن يقوله، فقال عليه السلام: و هو الاسم الأعظم..



[ صفحه 198]



فلما قال حزقيل ذلك الكلام نظر الي العظام كيف تطير بعضها الي بعض فعادوا أحياء ينظر بعضهم الي بعض، يسبحون الله عز ذكره، و يكبرونه و يهللونه، فقال حزقيل عند ذلك: أشهد أن الله علي كل شي ء قدير، قال الراوي: قال عليه السلام: فيهم نزلت هذه الآية» [24] .

الابن الأكبر: و ماذا بشأن السنة النبوية يا أبي؟ هل روي الامام الباقر عليه السلام أحاديث رسول الله صلي الله عليه وآله و سلم للناس؟

الأب: بالتأكيد يا بني، و هل اعتماد الأئمة من آل البيت النبوي الأطهار سوي علي القرآن و السنة النبوية الشريفة؟ أم هل علم غيرهم بمثل ما علموا من تفسير للقرآن و السنة الشريفة؟

قال الابن الأوسط: حدثنا عن نماذج من الأحاديث النبوية الشريفة التي رواها الامام محمد بن علي الباقر عليه السلام؟

الأب: اعلم يا ولدي، ان الصفة الغالبة علي أصحاب الأئمة الأطهار أنهم محبون للعلم سواء في الحديث أو التفسير، و هذه ميزة امتازوا بها علي المسلمين جميعا.

الابن الأكبر: و لماذا كان حبهم للعلم ميزة امتازوا بها يا أبي؟

الأب: كل الفترات التي مرت علي آل البيت كان قد انتشر بين الناس بعدهم عن الكتاب و السنة النبوية الشريفة، و ما ذلك الا ارضاء للحكام في ذلك العهد، و ارضاء الحاكم يستدعي الابتعاد عن النهج الذي أقره الاسلام، أما بالنسبة لأصحاب آل البيت، فلم يكن ارضاء الحاكم من أهدافهم، و لا كان في يوم من الأيام غاية لهم، و لذلك نجدهم أكثر التزاما بتعاليم الاسلام، و من كان كذلك لا تجد له هم



[ صفحه 199]



سوي كيف يرضي الخلاق العظيم، و هذا ما يستدعيه الي الغور في علم القرآن و السنة لأنهما الطريق الأنجح لبلوغ رضا الله سبحانه و تعالي.

و حينما كان يحدث الناس سواء في الكتاب أو السنة، تجدهم آذان صاغية، و عقول متفتحة، و كمثال علي سعة عقولهم سألوا الامام الباقر عليه السلام عن الحديث يرسله و لا يسنده؟ فأجابهم الامام الباقر عليه السلام: اذا حدثتكم بالحديث فلم أسنده، فسندي فيه أبي عن جدي عن أبيه عن جده رسول الله صلي الله عليه وآله و سلم عن جبرئيل عن الله تعالي.

ثم قال الأب: و هذه السلسلة كما تعلمون يا أبنائي هي أئمة هذه الأمة التي اختار لهم الله تعالي دينه الاسلامي، فالامام الباقر عليه السلام بن علي السجاد عليه السلام بن الشهيد السبط الحسين عليه السلام بن وصي رسول الله صلي الله عليه وآله و سلم علي المرتضي عليه السلام، عن رسول الله صلي الله عليه وآله و سلم عن جبرئيل عليه السلام عن الله جل جلاله.

و لهذا نجد أن جابر بن يزيد الجعفي اذا روي عن محمد بن علي عليهماالسلام شيئا، قال: حدثني وصي الأوصياء، و وارث علم الأنبياء، محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام.

و كان عليه السلام يقول: ما ينقم الناس منا أهل بيت الرحمة، و شجرة النبوة، و معدن الحكمة، و موضع الملائكة، و مهبط الوحي؟

الابن الأكبر: صحيح يا أبي ماذا ينقم الناس منهم عليهم السلام؟

الأب: لقد كان في آي الذكر الحكيم جوابا كافيا، شافيا، علي هذا التساؤل، حيث قال تعالي: (أم يحسدون الناس علي مآ ءاتاهم الله من فضله).



[ صفحه 200]



و قد قال الامام الباقر عليه السلام كما قالها آباؤه و أجداده: نحن الناس و الله [25] .

ثم تابع الأب حديثه قائلا: و روي عن الامام الباقر عليه السلام عن آبائه عن رسول الله صلي الله عليه وآله و سلم أنه قال صلي الله عليه وآله و سلم في خطبة له: نحمد الله عزوجل و نثني عليه بما هو له أهل، ثم قال صلي الله عليه وآله و سلم:

من يهده الله فلا مضل له، و من يضلل الله فلا هادي له، ان أصدق الحديث كتاب الله، و أحسن الهدي محمد، و شر الأمور محدثاتها، و كل محدثة بدعة، و كل بدعة ضلالة، و كل ضلالة في النار.

ثم قال صلي الله عليه وآله و سلم: بعثت أنا و الساعة كهاتين و كان صلي الله عليه وآله و سلم اذا ذكر الساعة احمرت و جنتاه، و علا صوته، و اشتد غضبه كأنه نذير جيش صبحتكم و مستكم، ثم قال صلي الله عليه وآله و سلم: من ترك مالا فلأهله، من ترك ضياعا أو دينا فالي أو علي، أنا ولي المؤمنين [26] .

الابن الأكبر: و هل روي الامام عليه السلام الحديث عن آبائه فقط، أم روي عن غيرهم؟

الأب: أسند الامام عليه السلام عن جابر بن عبدالله الأنصاري، و روي عن ابن عباس و أبي سعيد الخدري و الامام الحسن و الحسين عليهماالسلام و أسند عن سعيد بن المسيب و عبدالله بن أبي رافع و غيرهم.

و روي عنه عليه السلام التابعون كعمرو بن دينار و عطاء بن أبي رباح



[ صفحه 201]



و جابر الجعفي و أبان بن تغلب، و روي عنه عليه السلام أيضا ابن جريح و ليث بن أبي سليم و حجاج بن أرطأة في آخرين عن سفيان بن سعيد الثوري، و غيرهم.

ثم قال الأب: روي زرارة (في الصحيح) عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله و سلم: اذا دخل وقت صلاة مكتوبة فلا صلاة نافلة حتي يبدأ بالمكتوبة [27] .

و عن أبي جعفر عليه السلام قال: نزل القرآن علي أربعة أرباع: ربع فينا، و ربع في عدونا، و ربع سنن و أمثال، و ربع فرائض و أحكام، و زاد العياشي: و لنا كرائم القرآن [28] .

ثم تابع الأب حديثه قائلا: و لو بحثنا في كتب الحديث و التفسير لوجدنا أمثلة أخري عديدة، الا أننا نكتفي بما ذكرناه، لنكون علي بينة ليس الا، و الله الموفق.

ثم سكت الأب، فعلم الأبناء أن ما قاله هو آخر الحديث.

فقال الابن الأكبر: أراك يا أبي تحاول اختصار الحديث هذا اليوم، هل من سبب في ذلك يا أبي؟

فقال الأب: لم اختصر بالحديث يا بني و انما وجدت أن الذي ذكرته فيه كفاية لتكونوا علي بينة من علم الامام الباقر عليه السلام في الكتاب و السنة.

فقال الابن الأكبر: نحن نؤمن يا أبي أن أئمة أهل البيت النبوي الأطهار يحملون من العلم ما لو تحدث عنه أي متحدث لما



[ صفحه 202]



أعطي أعلميتهم حقها، و يكفينا أن الله تعالي قال آمرا عباده بقوله جل جلاله: (فسئلوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون)، و قال فيهم رسول الله صلي الله عليه وآله و سلم: لا تعلموهم فانهم أعلم منكم، الا أننا يؤنسنا أن نتعرف علي نماذج و أمثلة من علمه عليه السلام في القرآن و السنة، أكثر مما حدثتنا به يا أبي.

فقال الأب: لكم علي ذلك يوم غد ان شاء الله.



[ صفحه 203]




پاورقي

[1] سورة الأنبياء: الآية: 30.

[2] سورة طه، الآية: 81.

[3] سورة النساء: الآية: 115.

[4] نهج السعادة في مستدرك نهج البلاغة: باب الوصايا، ج 2، ص 310.

[5] سورة الفرقان: الآية: 75.

[6] سورة الانسان: الآية: 12.

[7] سورة الدهر: الآية: 7.

[8] راجع ذلك في كتابنا أميرالمؤمنين عليه السلام في مكة و المدينة، و أسباب النزول للواحدي. و نور الأبصار للشبلنجي. و كتاب الفضائل للخوارزمي.

[9] سورة البقرة: الآية: 274.

[10] تفسير الطبرسي.

[11] سورة النساء: الآية: 54.

[12] الصواعق: ص 152. و اسعاف الراغبين هامش نور الأبصار: ص 109.

[13] سورة طه: الآية: 82.

[14] الصواعق: ص 153.

[15] سورة الرحمن: الآيتان: 20 - 19.

[16] الجلاء: للسيد عبدالله شبر، ج 2، ص 141.

[17] سورة الأنعام، الآية: 153.

[18] تفسير المنار: ج 8، ص 213.

[19] الصواعق: ص 111.

[20] سورة البقرة: الآية: 143. و راجع تفسير الرازي: ج 3، ص 203.

[21] سورة النساء: الآية: 103.

[22] رواه الصدوق في العلل و الفقيه. و ذكره السيد عبدالله شبر في مصابيح الأنوار: ج 3، ص 214.

[23] سورة البقرة: الآية: 243.

[24] راجع جلاء العيون: للسيد عبدالله شبر، ج 3، ص 33، عن ثقة الاسلام في الروضة.

[25] راجع ما ذكرناه بخصوص هذه الآية في كتابنا هذا.

[26] ذكره الآربلي في كشف الغمة عن صحيح ثابت من حديث محمد بن علي عليهماالسلام رواه وكيع و غيره عن الثوري.

[27] راجع مصابيح الأنوار: للسيد عبدالله شبر، ج 3، ص 229 عن الشهيد في الذكري.

[28] مصابيح الأنوار عن الكافي و العياشي في تفسيره بأسنادهما.